وسط اجواء ملبدة بغيوم التشاؤم بشأن وضع الاقتصاد العالمى، وبحضور عدد كبير من الشخصيات السياسية والاقتصادية من مختلف أنحاء العالم ، افتتح منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في مدينة دافوس السويسرية دورته لعام 2008، والتى تنعقد هذا العام تحت شعار "قوة الابتكار التعاونى".فى الفترة ما بين 23 -27 يناير الجارى . وخلافا للتفاؤل الذي كان يسود المنتدى في دوراته السابقة يدور الموضوع الرئيسي للمنتدى هذا العام في دورته الثامنة والثلاثين ، حول علامات عدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي نتيجة لأزمة الرهن العقاري في الولاياتالمتحدةالأمريكية . كما يركز المشاركون فى هذه الدورة على مناقشة إمكانيات حدوث ركود اقتصادي عالمي كبير. حيث يواجهون ما يخشى كثيرون أن يكون أكبر أزمة مالية منذ الحرب العالمية الثانية. مناقشات اليوم الاول دارت حول الحاجة لإيجاد نظام دولي جديد لمراقبة الأسواق المالية الدولية من أجل تدعيم الاقتصادات المحلية في مواجهة التباطؤ المتوقع نتيجة للركود في الاقتصاد الأمريكي. كما تصدرت المناقشات أيضا الاقتصادات النامية بقوة ، ومن بينها الصيني والهندي ، باعتبارها محركات لنمو الاقتصاد العالمي. ويهيمن الخفض الطاريء للفائدة الامريكية الذى أعلن بعد يومين من الهبوط الحاد فى أسواق الاسهم العالمية على الاجتماع السنوى للمنتدى الاقتصادى العالمى . وتنظم خلال الاجتماع الذي يستمر خمسة ايام اكثر من مائة مناقشة تتناول شتى المواضيع من الوضع في باكستان الى الارهاب والانترنت ، وحتى مكافحة السرطان وادارة المياه .. وعلى هامش المنتدى، سيعقد رؤساء الشركات الكبرى اجتماعات للبحث في صفقات تجارية. محاور أساسية .. دورة هذا العام تركز على خمسة محاور أساسية ،أولها التنافس والتعاون في مجالات الأعمال انطلاقا من تداخل الاهتمامات وتقاطع المصالح بين الشركات، وكيفية التوصل إلى روح الفريق في العمل بين الشركات المتعددة الجنسيات، للتقليل من الخسائر والتمتع بأكبر قدر من المكاسب. أما المحور الثاني فيعالج مشكلة "التجارة في ظل مناخ اقتصادي غير آمن" حيث تطرح انعكاسات أزمة الرهن العقاري الأميركية نفسها بقوة على أعمال المنتدى، وخاصة في ظل مواصلة تداعياتها، ويفترض أن يطرح الخبراء أفكارا لتفادي تداعيات تلك الأزمة على الاقتصاد العالمي ومعدلات النمو المرجوة. ويركز المحور الثالث على "كيفية تجاوز الخلافات لتحقيق الاهتمامات المشتركة" حيث تتحول أسواق العالم من عام إلى آخر إلى حلبات للتنافس لا تكون نزيهة دائما. وأما المحور الرابع فيركز على الجانب العلمي عبر مناقشة كيفية "استكشاف آفاق جديدة في الطبيعة" والاستفادة منها في خدمة البشرية، بينما يحاول المحور الخامس فهم "التحولات المستقبلية في قيم المجتمع" نتيجة المتغيرات التي أحدثتها ثورة الاتصالات والمعلوماتية والعولمة. مبادرات جديدة .. ويطرح في منتدى دافوس هذا العام مبادرات منها ما يحمل اسم "تحالف رجال الأعمال ضد الجوع المزمن" حيث يحاول الخبراء فيه وضع خطوط عملية لتفعيل آلية جديدة لمكافحة الجوع في أكثر مناطق العالم فقرا. كما تدعم مجموعة من رجال الأعمال مبادرة أخرى تساعد على بناء "المواطنة العالمية" بتقديم أفكار عن الدور الاقتصادي للشركات في تنمية المجتمعات والمشاركة في صناعة القرار عن طريق المؤسسات المختلفة. ويستعرض المنتدى تقريرا عن أداء مبادرة دعم التعليم في العالم، والتي تم إطلاقها عام 2003، حيث سيتم تقييم التجربة وما حققته من نجاحات والعقبات التي صادفته، مع نشر قاعدة بيانات على شبكة الإنترنت تضم المعلومات التي يمكن للمهتمين بالمبادرة الاستفادة منه . هدف المنتدى الاقتصادي العالمي المعلن هو بكل بساطة تحسين وضع العالم ،ودائما ماتصدرعن اجتماعاته السنوية اعلانات كثيرة ذات طابع خيري وانساني. جدير بالذكر ان هذا الحدث العالمى انشأه استاذ في الاقتصاد هو كلاوس شواب منذ عام 1971 وتشرف على ادارته منظمات خاصة، ويشكل المنتدى فرصة لكبار ارباب العمل للالتقاء بعيدا عن الرسميات، ولو ان السياسة الدولية تتصدر على الدوام المسائل الاقتصادية. ويجتاح مدينة دافوس الصغيرة الواقعة في القسم الناطق بالالمانية من سويسرا خلال المنتدى اكثر من 2500 مشارك ومئات الصحفيين من 88 دولة، وتمثل نسبة الشخصيات الاقتصادية المشاركة فيه نحو 60% من إجمالي الحضور، كما يحضر هذا المنتدى 27 من رؤساء الدول والحكومات، و113 وزيرا، بالإضافة إلى 63 رئيسا لمنظمات دولية تابعة للأمم المتحدة. ومما يذكر لهذا المنتدى العالمى انه شهد في بعض الاحيان احراز اختراقات مثل توقيع اعلان يوناني/ تركي عام 1988. كما توصل الى اتفاق بين شيمون بيريز/ وياسر عرفات بشأن غزة عام 1994. ويبدو ان دورة هذا العام والتى تأتى وسط الاضطراب الحالي في الأسواق العالمية ستكون شاهد على حدوث «تحول كبير للقوة والنفوذ» من الولاياتالمتحدة إلى الاقتصادات العملاقة الناشئة مثل الصين والهند .