الصحفى الامريكى المخضرم بوب دريفوس Bob Dreyfuss كتب فى مجلة ذى نيشن الامريكية The Nation ، انه فد حان الوقت بالنسبة للولايات المتحدة للاستسلام و الابتعاد عن الوضع فى سوريا . خاصة و ان بشار الأسد المحاصر لم يفز حتى الان فى الحرب، لكنه اثبت انه لن يترك مكانه بسهولة، وعلى الجانب الاخر : المتمردين، الذين يهيمن عليهم المتشددين الاسلاميين بصورة متزايدة وعناصر مختلفة تابعة لتنظيم القاعدة ، لا يصلحون لتولي المسؤولية فى سوريا . و يرى "دريفوس" انه بالنسبة لواشنطن، فإن السبيل الوحيد الان للخروج من الأزمة ، هو الابتعاد عن اى الحرب ، لان التدخل سيستلزم بالضرورة إجراء عملية عسكرية على غرار ومقياس غزو العراق في عام 2003، وهذا ليس فقط من شأنه أن يكون كارثة إقليمية للولايات المتحدة، وسوريا وجيرانها، لكنه أيضا مسالة غير عملية لان استخدام القوة الجوية الأميركية لإزاحة الأسد لن تكون فعالة، على الرغم من أنها يمكن أن تسبب خسائر واسعة، لكن هذا سيجبر روسيا وإيران لتصعيد مساعداتهم العسكرية لدمشق ردا على ذلك. وبالطبع على الجانب الاخر ايضا سيتم مضاعفة الرهان، بمنح المتمردين اسلحة أكثر وأثقل ، و النتيجة بالطبع هى اطالة زمن المذبحة القائمة بالفعل فى سوريا. كانت هذه وجهه نظر " دريفوس" و ان التدخل ليس فى صالح اى طرف ، لكنه يرى مؤشرات على ان الموقف الامريكى ينحدر فى اتجاه مخالف لما يراه .. و يقول انه ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، فان الرئيس أوباما يشعر "بالاحباط" بشدة ازاء الأزمة في سوريا، على الرغم من كون الأزمة جزئيا من صنع يديه. فالدبلوماسية بين الولاياتالمتحدةوروسيا، بما في ذلك جولتين من المفاوضات في جنيف منذ يناير و حتى الان، لم يحركا الازمة إلى الأمام، واليوم نقلت الصحيفة عن مسؤول ضالع في مناقشة ما يجب القيام به حيال سوريا ، مايلى : " الرأي الروسي يشير الى ان هذا الرجل ( بشار الاسد ) يكسب و يفوز، و يبدو أن روسيا قد تكون على حق. لذلك نعود إلى السؤال الذي واجهناه قبل عام : كيف يمكن تغيير التوازن وإجبار السوريين على التفاوض " و الاجابة : لا تفعل و استسلم .. ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، فان اجتماعا سريا اختتم لتوه ضم جميع وكالات الاستخبارات الدولية المشاركة في الائتلاف المناهض للأسد، بما في ذلك وكالة المخابرات المركزية الامريكية و رؤساء مخابرات من بريطانيا وفرنسا والسعودية وتركيا وقطر والإمارات العربية المتحدة.. و هذا يعد علامة علامة على أن التزام الإدارة الأمريكية للدبلوماسية قد بدا يتلاشى، وأن أوباما على استعداد للسماح لعملاء الاستخبارات السرية للعمل مع منحهم المزيد من حرية التصرف . بل في الواقع، يبدو أن إدارة أوباما قد أعطت الضوء الأخضر للسعودية لتزويد المتمردين بالأسلحة الثقيلة، بما في ذلك صواريخ مضادة للطائرات ، و هذا تغير فى التكتيك الامريكى حيث كانت واشنطن حتى الآن، مترددة في إرسال هذه الأسلحة المدمرة إلى القوى المناهضة للأسد لأنها ستسقط لا محالة في أيدي القاعدة وحلفائها، الذين سوف يستخدمونها ضد شركة العال الاسرائيلية وشركات الطيران الغربية. و يسوق " دريفوس" دليلا اخر على اتجاهات ادارة اوباما ازاء الازمة السورية ، فيقول : في 14 فبراير الجارى ، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال خبر القرار السعودي بإرسال صواريخ إلى سوريا ، كما يلى : " ان حلفاء واشنطن العرب ، اصيبوا بخيبة أمل من نتائج محادثات السلام السورية، اتفقوا على تقديم أسلحة أكثر تطورا للمتمردين هناك ، بما في ذلك الصواريخ التى تطلق من على الكتف، التي يمكنها استهداف الطائرات، و ذلك وفقا لدبلوماسيين غربيين وعرب وشخصيات من المعارضة السورية " و اضافت صحيفة وول ستريت جورنال ايضا :" ان قادة المتمردين اعلنوا انهم التقوا مع وكلاء المخابرات السعودية و الامريكية، و اخرين في الأردن في 30 يناير الماضى بعد انتهاء الجولة الأولى من محادثات السلام السورية في جنيف ، و فى حينها عرضت دول الخليج الغنية على المعارضة أسلحة أكثر تطورا" وفى مطلع هذا الاسبوع نشرت ايضا صحيفة وول ستريت جورنال : " ان إدارة أوباما، غاضبة بسب جمود المحادثات حول سوريا و تسعي لايجاد سبل للضغط على نظام الاسد وحلفائه الروس، وتخطط الادارة الامريكية لإعادة النظر في خياراتها التى تتراوح بين زيادة الجهود الرامية إلى تدريب وتجهيز المتمردين المعتدلين إلى خيار إنشاء مناطق حظر الطيران، وذلك وفقا لمسؤولين مطلعين على المداولات". بعد تدليله على موقف اوباما و ادارته الجديد ، يفسر " دريفزس" موقف المسؤولين الاميركيين شاركوا في هذا التصعيد ، بانه يعتقد انهم اذا تم تصعيد الحرب في سوريا ، فان روسيا سوف تتراجع. و يرُجع تفسيره هذا الى ما حدث فى شهر اغسطس عام 2013 ، حينما هدد الرئيس أوباما بامطار سوريا بصواريخ كروز ردا على استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية، و لكن تهديده تم اخماده بابراز الروس فى اللحظة الاخيرة لخطة تخليص سوريا من الأسلحة الكيميائية . و يقول "درايفوس " ان تهديد أوباما كان خطأ فلم يكن يملك الدعم اللازم لقصف سوريا، من الأوروبيين، ولا من الجامعة العربية، وبالتأكيد ليس من الكونجرس أو الجمهور الأمريكي.. لذلك تم تصميم المبادرة الروسية ليتم اعلانها بالطريقة الأكثر احراجا ، وفى نفس الوقت لإنقاذ أوباما. ولكن التصعيد الذي ستقوده الان الولاياتالمتحدة للحرب سيكون تحديا أمامي إلى السلطة والهيبة الروسية، وموسكو لن تتسامح ابدا مع ذلك. وفي ختام مقاله يحذر " بوب درايفوس " من مغبة التصعيد الامريكى للحرب السورية ، مشيرا الى ان واشنطن بهذا الاتجاه سيؤدى لتفاقم المشكلة و الوضع فى سوريا، من خلال شن وكالة الاستخبارات المركزية وحلفائها لحرب سرية لتغيير النظام هناك .