سعر الدولار اليوم الخميس 27 يونيو في البنوك المصرية    الجيش البولندي يعتمد قرارا يمهد "للحرب مع روسيا"    "فنزويلا في الصدارة".. ترتيب المجموعة الثانية ببطولة كوبا أمريكا    تراجع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الخميس 27 يونيو 2024    إبراهيم عيسى: إزاحة تنظيم جماعة الإخوان أمنيًا واجب وطني    اعتقال قائد الجيش البوليفي بعد محاولة انقلاب    انخفاض أسعار النفط بعد زيادة مفاجئة في المخزونات الأمريكية    بحار أسطوري ونجم "قراصنة الكاريبي"، سمكة قرش تقتل راكب أمواج محترفا في هوليوود (صور)    هل يجوز الاستدانة من أجل الترف؟ أمين الفتوى يجيب    حبس عامل قتل آخر في مصنع بالقطامية    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    والدة لاعب حرس الحدود تتصدر التريند.. ماذا فعلت في أرض الملعب؟    إصابة فلسطينيين اثنين برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحام مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم    غارة إسرائيلية تستهدف مبنى شمال مدينة النبطية في عمق الجنوب اللبناني    إعلان نتيجة الدبلومات الفنية الشهر المقبل.. الامتحانات تنتهي 28 يونيو    مسرحية «ملك والشاطر» تتصدر تريند موقع «إكس»    هانئ مباشر يكتب: تصحيح المسار    دعاء الاستيقاظ من النوم فجأة.. كنز نبوي منقول عن الرسول احرص عليه    7 معلومات عن أولى صفقات الأهلي الجديدة.. من هو يوسف أيمن؟    تسجيل 48 إصابة بحمى النيل في دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال 12 ساعة    كندا تحارب السيارات الصينية    فولكس ڤاجن تطلق Golf GTI المحدثة    فى واقعة أغرب من الخيال .. حلم الابنة قاد رجال المباحث إلى جثة الأب المقتول    ما تأثيرات أزمة الغاز على أسهم الأسمدة والبتروكيماويات؟ خبير اقتصادي يجيب    حظك اليوم| برج الأسد 27 يونيو.. «جاذبيتك تتألق بشكل مشرق»    حظك اليوم| برج الجدي الخميس27 يونيو.. «وقت مناسب للمشاريع الطويلة»    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    حظك اليوم| برج العذراء الخميس 27 يونيو.. «يوما ممتازا للكتابة والتفاعلات الإجتماعية»    17 شرطا للحصول على شقق الإسكان التعاوني الجديدة في السويس.. اعرفها    إصابة محمد شبانة بوعكة صحية حادة على الهواء    سموحة يهنئ حرس الحدود بالصعود للدوري الممتاز    حقوقيون: حملة «حياة كريمة» لترشيد استهلاك الكهرباء تتكامل مع خطط الحكومة    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    إبراهيم عيسى: أزمة الكهرباء يترتب عليها إغلاق المصانع وتعطل الأعمال وتوقف التصدير    سيدة تقتحم صلاة جنازة بالفيوم وتمنع دفن الجثمان لهذا السبب (فيديو)    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    محاكمة مصرفيين في موناكو بسبب التغافل عن معاملات مالية كبرى    منير فخري: البرادعي طالب بالإفراج عن الكتاتني مقابل تخفيض عدد المتظاهرين    "الوطنية للإعلام" تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في كافة منشآتها    العمر المناسب لتلقي تطعيم التهاب الكبدي أ    نوفو نورديسك تتحمل خسارة بقيمة 820 مليون دولار بسبب فشل دواء القلب    ميدو: الزمالك «بعبع» ويعرف يكسب ب«نص رجل»    خالد الغندور: «مانشيت» مجلة الأهلي يزيد التعصب بين جماهير الكرة    ملخص وأهداف مباراة جورجيا ضد البرتغال 2-0 فى يورو 2024    الدفاع السورية: استشهاد شخصين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلى للجولان    إجراء جديد من جيش الاحتلال يزيد التوتر مع لبنان    وزراء سابقون وشخصيات عامة في عزاء رجل الأعمال عنان الجلالي - صور    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    مدير مكتبة الإسكندرية: استقبلنا 1500 طالب بالثانوية العامة للمذاكرة بالمجان    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    عباس شراقي: المسئولون بإثيوبيا أكدوا أن ملء سد النهضة أصبح خارج المفاوضات    رئيس قضايا الدولة يُكرم أعضاء الهيئة الذين اكتمل عطاؤهم    حدث بالفن | ورطة شيرين وأزمة "شنطة" هاجر أحمد وموقف محرج لفنانة شهيرة    يورو 2024، تركيا تفوز على التشيك 2-1 وتصعد لدور ال16    تعرف على سبب توقف عرض "الحلم حلاوة" على مسرح متروبول    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوز مصر بعضوية مجلس حقوق الانسان :صفعة واكتساح
نشر في أخبار مصر يوم 24 - 05 - 2007


مجلة روزاليوسف 24/5/07
أعترف بأننى كانت تدهشنى الثقة التى كانت تختلج وزير الخارجية أحمد أبوالغيط، وهو يؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، أن مصر سوف تفوز بعضوية «مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان»، بجدارة. وكان الأمر يصل به إلى حد القول أنه فوز «لن يكون عاديا».. وإنما «اكتساح».. كنت أسمع منه هذا الكلام فى لقاءات خاصة نحو مرة كل شهر.. منذ قرابة العام.. وعلى الرغم من أننى أعرفه جيدا.. وأدرك مدى «عناده».. وحدود «إصراره».. خاصة حين يتعلق الأمر بالشأن الوطنى والكرامة المصرية.. إلا أننى كنت أشعر بالقلق، لاسيما عندما كان يصر الوزير على أن يقول ذلك علنا.. وبمنتهى التحدى.. وكنت أردد بينى وبين نفسى: لماذا لا يتوقف عن ذلك.. لماذا يعلنه فى الإعلام.. إن غالبية المسئولين لا يعلنون تعهدات واضحة إلى هذه الدرجة.. حتى لا يتحملون المسئولية أمام الرأى العام إذا حدث السيناريو العكسى؟!
وقبل نحو شهر واحد، وأمام أربعين مليون مشاهد، كانوا يتابعون برنامج «حالة حوار» الذى يقدمه الإعلامى عمرو عبدالسميع.. وحيث كنت حاضرا.. كرر الوزير تعهده.. بل إنه قال «حتشوفوا». واعترف بأننى صارحته بما فى داخلى، وقلت له: «سيادة الوزير.. ألا ينبغى أن تقلل من مستوى التفاؤل.. أنت قد تواجه أى نوع من العثرات المفاجئة.. أقترح إعلاميا أن تبقى الأمر فى مساحة أكثر خفوتا.. حتى يحدث ما تخطط له.. ووقتها يتم الإعلان عنه بالطريقة التى تراها». وكان الوزير يقول: أنا أثق فى مكانة البلد الذى أمثله وأعرف ما أقول.. وينبغى أن نتعهد أمام الناس.
ولاشك أن سبب هذه الحالة هو الحملة الإعلامية الظالمة التى تعرضت لها الخارجية العام الماضى، فى نفس الوقت تقريبا، من غالبية عناصر الإعلام الحزبى والخاص، وقتها لم تكن مصر مرشحة لعضوية المجلس نفسه.. لكن إحدى الدول أعطت صوتا لمصر.. وغير راغبة فى أن تقدمه لأحد غيرها.. وهو ما اعتبرته وقتها أقلام مغرضة، وغير مدققة، ومتحاملة دون وجه حق، كارثة كبرى.. وراحت تسوق للرأى العام أن هذا هو وضع مصر دوليا.. وأننا لم نحصل سوى على صوت واحد.. وأن المصيبة تشبه «صفر المونديال». حينذاك خرج الوزير أكثر من مرة لكى يؤكد للرأى العام أن مصر لم تكن مرشحة، وأن هذا صوت بلا قيمة، وأننا لو قررنا خوض هذه المعركة سوف نفوز بعضوية مجلس حقوق الإنسان بعدد هائل من الأصوات.
لكن الحملة المغرضة تواصلت، كما تتواصل حملات مغرضة أخرى.. ليس سوى من أجل أن يتم إحباط الرأى العام.. وإفقاده ثقته فى دولته.. وإضعاف إيمانه بمكانتها.
مجلس آخر مهم
ووسط حملة التشويه، لم ينتبه الكثيرون إلى حقيقة مهمة.. وهى أن مصر كانت مرشحة لانتخابات أخرى.. لمجلس مهم آخر.. هو «مجلس الأمم المتحدة لإعادة السلام والبناء للدول المحطمة».. وقتها سألت الوزير: «لماذا ترشحنا لهذا المجلس.. ولم نترشح لمجلس حقوق الإنسان»؟.. وقد أجاب: «أولا المجلسان جديدان.. ومجلس حقوق الإنسان هو بديل للجنة حقوق الإنسان التى كنا أعضاء فيها.. وبناء على تعليمات الرئيس.. فقد قررت مصر أن تحصل على عضوية المجلس الأول «إعادة البناء والسلم».. لأن أغلب الدول المحطمة أفريقية.. وهذا يتيح لنا تواجدا أكبر فى تلك الدول.. وفى عالم ودهاليز المنظمات الدولية لا يمكن أن تخوض انتخابين فى وقت واحد.. لأن هناك تربيطات تبادلية بين الدول.. فضلا عن أن هناك توزيع وترتيب ما بين الدول الأفريقية نحن نحترمه.. وبالتالى قرر الرئيس أن الأولوية هى لمجلس إعادة البناء والسلم.. وفى العام المقبل نخوض انتخابات مجلس حقوق الإنسان». فى حدود يونيو ,2006 تلقى وزير الخارجية توجيهاً جديداً من الرئيس بخوض انتخابات مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وبالتالى بدأ الترتيب لمعركة شرسة.. ليس مطلوبا من مصر أن تفوز فيها فوزا عاديا.. وإنما باكتساح.. أولا لترسيخ تواجدها فى العمل الدبلوماسى الدولى.. وفى المنظمات متعددة الأطراف.. وثانيا.. للرد على حملة الافتراءات الداخلية.. وثالثا لإزالة الآثار السلبية لهذه الحملة فى نفوس وذهنية الرأى العام - بطريقة واقعية.
ما الفائدة
ولكن السؤال هو: ما الفائدة؟.. وفى الإجابة عن ذلك أقول ما يلى:
1- المشاركة فى صياغة كل المبادئ والمسائل التى تتعلق باحترام حقوق الإنسان دوليا.
2- الدول التى تنضم لعضوية هذا المجلس تلتزم بإعادة تأهيل وتطوير جميع مؤسساتها، بما يتواءم مع مبادئ حقوق الإنسان.. والقانون الإنسانى الدولى.. أى أن الدولة تعبر عن التزام من خلال خوضها هذا الاختبار.
3- تتمكن الدول الأعضاء من التعبير عن مواقفها فى هذه النافذة الدولية، وتتخذ مواقف تمنع تسييس حقوق الإنسان، كما تسعى لذلك بعض الدول، وإعلان اعتراضها على قيام دول غربية بانتهاك حقوق الإنسان.. وفى حالة مصر فإنها تتخذ مواقف تجاه انتهاكات حقوق الإنسان فى فلسطين والعراق وتجاه ازدراء الأديان.
4- التعبير عن المكانة.
عشرة أشهر
واقعيا، بدأ الإعداد لتحقيق الفوز فى هذا التنافس قبل عشرة أشهر، ذلك أن دهاليز هذه الانتخابات شديدة التعقيدات، وهناك تربيطات متنوعة، ومقايضات، وأمور عديدة، ويمكننى القول أن ملف تلك العملية فى الخارجية، الموزع على عدة دوسيهات، يضم قرابة ألف ورقة.. ما بين محاضر اجتماعات، وتوثيق اتصالات، واتفاقات، وتوجيهات للبعثات المختلفة، وتحركات الدبلوماسيين، والسفارات، وتفاصيل إدارة الموقف، وإعادة إدارته وفق المتغيرات المتنوعة، بعد إعادة التقييم. وعمليا، فإن الوزير أنشأ لذلك الهدف ما يمكن تسميته ثلاث غرف عمليات، تديرها وتتابعها غرفة عمليات مركزية فى مكتبه، فى كل منها دبلوماسى وإدارى، وفى ضوء إشراف السفير أو الدبلوماسى المسئول.. أى أن فريق العمل المباشر ضم نحو 12 عضوا فى الخارجية، وقد توزعت غرف العمليات ما بين نيويورك.. حيث مقر الأمم المتحدة.. وجنيف حيث المقر الأوروبى للأمم المتحدة.. وفيينا حيث يوجد عدد كبير من مقار المنظمات الدولية.
توقعات
فى صباح يوم الخميس الماضى، وقبل أن يتم التصويت بعدة ساعات فى نيويورك، كان أن اطلعت على تصور مبدئى باحتمالات التصويت.. وفق التقديرات المؤكدة فى الخارجية.. وكان بيانها كالتالى:
1- 75 صوتا - تأييد مطلق، بدون شروط، وفى إطار الخبرات المتراكمة والعلاقات المتنوعة بين مصر والدول أصحاب تلك الأصوات.
2- 51 صوتا فى إطار صفقة تبادلية، أى أن هذه الدول سوف تعطى مصر صوتها مقابل الحصول على صوت مصر فى عمليات انتخابية أخرى تطمع الدول صاحبة الصوت فى أن تحصل على موقع فى منظمات ومجالس دولية من خلالها.. ومن عجب أن بعض هذه الدول عربية.. تأييد مشروط من أربع دول عربية.
3- 12 صوتا من صفقات مبرمة مقابل مواقف مساندة وليس فى مقابل أصوات. أى أن التوقع فى صباح يوم التصويت، بتوقيت القاهرة، وقبل أن تستيقظ نيويورك كان مجموع الأصوات فيه «138» صوتا.. وعلى الهامش كانت هناك خمسة أصوات متوقعة أخرى فى اللحظات الأخيرة لدول مثل بلجيكا وكرواتيا.. وعلى هذه الورقة وقع الوزير بخط كبير وقلم فلوماستر أزرق: «دعنا نتمنى النجاح».. موجها كلامه إلى الدبلوماسى المسئول عن إدارة العملية فى مكتبه.
لكن مصر فازت بما هو يفوق التوقع: 168 صوتا، وهو ما علق عليه الوزير مباشرة للصحف بعدها قائلا: إن ذلك إنما يعد دليلا على ما يكنه المجتمع الدولى من تقدير واحترام لمصر، وأضاف أن هذا الإنجاز يعد ردا قويا على جميع محاولات التشكيك فى مسيرة الإصلاح السياسى فى مصر.. والطعن فى سجل البلد فى مجال حقوق الإنسان.. وقال: إن مصر سوف تعمل من خلال عضويتها تلك فى العمل من أجل استصدار تشريع دولى لتحريم الإساءة للأديان.. كما سوف تطرح العديد من المبادرات فى مجال تعزيز القانون الدولى الإنسانى وحماية المدنيين فى أوقات النزاعات المسلحة.
أكذوبة الفشل
هذا الإنجاز يعود بى مجددا، إلى الحالة التى كانت عليها بعض وسائل الإعلام المصرية قبل نحو سنة.. حين ادعت صحف ومحطات تليفزيون أن مصر خسرت انتخابات مجلس حقوق الإنسان، ولم تحصل سوى على صوت واحد.
فى هذا التوقيت، وفى يوم 27 مايو 2006 تحديدا، كما أذكر، وزع المتحدث باسم الخارجية تصريحا قال فيه أنه ينفى للمرة الثانية خلال أيام ما جاء فى بعض مقالات الصحف حول أن مصر فشلت فى الحصول على عضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وأكد المتحدث وقتها أن ما جاء فى المقالين عن دخول مصر الانتخابات وحصولها على صوت واحد عار تماما عن الصحة، ويعكس عدم فهم كامل للموضوعات الإجرائية الخاصة باختيار أعضاء هذا المجلس. وشدد المتحدث الصحفى على أن مصر لم تتقدم مطلقا بالترشيح لعضوية هذا المجلس وفقا لاتفاق بين الدول الأفريقية يعتمد على قاعدة التناوب وليس الانتخاب. وأوضح أن أحد أعضاء وفود الدول بالأمم المتحدة قرر من تلقاء نفسه التصويت لمصر رغم عدم وجود اسمها من الأصل على قائمة الدول المرشحة، وقد أوضح أحمد أبوالغيط وزير الخارجية هذه الوقائع فى أكثر من مناسبة مضيفا أن وزير الخارجية قام كذلك بتوجيه خطاب إلى السيد كوفى عنان - سكرتير عام الأمم المتحدة السابق - يطلب فيه تصحيحا رسميا لهذا اللبس.
وقال المتحدث الصحفى أن ما نشره أصحاب المقالات يطرح تساؤلات حول الهدف من قلب الحقائق والادعاء بما هو غير صحيح خاصة أن انتخابات عضوية مجلس حقوق الإنسان جاءت فى توقيت متقارب مع انتخابات لجنة بناء السلام، حيث عقدت الأولى «مجلس حقوق الإنسان» يوم 9 مايو الجارى، والثانية المعنية بلجنة بناء السلام يوم 15 مايو الجارى، وهى الانتخابات التى حصلت فيها مصر على 158 صوتا، وهو أعلى درجات التأييد التى حصلت عليها أية دولة فى هذه الانتخابات، الأمر الذى يصعب معه تصور حصول نفس الدولة على صوت واحد فى انتخابات أخرى فى ذات الفترة الزمنية. وأهاب المتحدث الصحفى بأصحاب هذه المقالات تحرى الدقة والموضوعية قبل نشر أية أخبار أو معلومات عن انتخابات دولية تشترك أو لا تشترك فيها مصر سواء بالاتصال بوزارة الخارجية مباشرة أو بالجهة الدولية التى تنظم هذه الانتخابات. عموما، وللطرافة، فإن عددا من الدول تعرضت للموقف الذى تعرضت له مصر فى العام الماضى، وحصلت فى تصويت العام الحالى على صوت واحد، رغم أنها لم تكن مرشحة.. ومنها تونس، والمغرب، وكندا.. و..
خلفيات
الآن، وبعد أن تحقق هذا الإنجاز الدبلوماسى ينبغى أن نحلل النتائج، وبما فى ذلك رصد بعض الوقائع فى خلفيات التصويت ومحاولة التأثير عليه، وهو ما أجمله فى عدد من الملاحظات:
1- يعنى الفوز بهذا الموقع، إلى جانب كونه انتصارا دبلوماسيا، أن الدول الأعضاء تلتزم بعدد من المسئوليات، فهى - أى العضوية - بجانب كونها تشريفا، إلا أنها تكليف له أبعاد.. وفى ذلك تعود إلى المهام المنوط بها المجلس.. كما جاءت فى خطاب التعريف به الذى قاله كوفى عنان أمين عام الأمم المتحدة السابق، وقبل «بان كى مون» حيث ذكر: «حتى تكون الأمم المتحدة على قدر توقعات الرجال والنساء فى كل مكان - وحتى تنهض المنظمة بقضية الدفاع عن حقوق الإنسان بنفس الجدية التى تعمل بها فى مجالى الأمن والتنمية - ينبغى أن توافق الدول الأعضاء على الاستعاضة عن لجنة حقوق الإنسان بمجلس دائم أصغر حجما لحقوق الإنسان. وتنتخب الجمعية العامة أعضاءه انتخابا مباشرا بأغلبية ثلثى الأعضاء الحاضرين والمشتركين فى التصويت. ومن شأن إنشاء هذا المجلس أن يعطى حقوق الإنسان منزلة رفيعة تتناسب والأولوية التى تحظى بها حقوق الإنسان فى ميثاق الأمم المتحدة، وينبغى أن يتعهد المنتخبون لعضوية المجلس بالالتزام بأرفع معايير حقوق الإنسان». وأضاف: مجلس حقوق الإنسان هيئة دائمة قادرة على الاجتماع بانتظام فى أى وقت للتصدى للأزمات المحدقة ولإتاحة النظر فى قضايا حقوق الإنسان بصورة متعمقة ومناسبة من حيث التوقيت. كما أن التحول بمناقشات حقوق الإنسان إلى حيث تستغرق فترة تتجاوز دورة الأسابيع الستة المشحونة سياسيا من شأنه أن يتيح كذلك مزيدا من الوقت لأعمال المتابعة الفنية لتنفيذ المقررات والقرارات، ومن شأن انتخاب أعضاء المجلس بواسطة جميع أعضاء الجمعية العامة أن يجعل أعضاء تلك الهيئة أكثر قابلية للمساءلة فيما يجعل الهيئة ذاتها أوسع تمثيلا. كما أن انتخاب أعضاء المجلس مباشرة من جانب الجمعية العامة - بوصفها الجهاز التشريعى الرئيسى للأمم المتحدة - يعطى سلطة أوسع من سلطة اللجنة التى لا تعدو كونها هيئة فرعية تابعة للمجلس الاقتصادى والاجتماعى.
وعن مهمة المجلس قال عنان: وستكون وظيفته الأساسية تقييم وفاء جميع الدول بجميع التزاماتها فى مجال حقوق الإنسان، مما سوف يجسد عمليا المبدأ القائم على أن حقوق الإنسان عالمية وأنها كل لا يتجزأ، وسيلزم إيلاء الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحق فى التنمية قدرا متساويا من الاهتمام. وينبغى أن يزود المجلس بالإمكانات التى تتيح له تقديم المساعدة التقنية للدول وإسداء المشورة السياسية للدول ولأجهزة الأمم المتحدة على حد سواء. وفى إطار هذا النظام، سيكون بالإمكان استعراض حالة كل دولة عضو على أساس دورى. بيد أنه ينبغى ألا تحول هذه المناوبة دون قيام المجلس بالتصدى لما قد يحدث من انتهاكات جسيمة وسافرة. ومن ثم ينبغى أن يكون المجلس قادرا بالفعل على استرعاء اهتمام المجتمع العالمى إلى الأزمات الملحة».
وقال: يخضع أداء جميع الدول الأعضاء فيما يتعلق بجميع التزامات حقوق الإنسان لتقييم من جانب الدول الأخرى، وسيساعد استعراض الأقران، قدر المستطاع، على تفادى التسييس، والانتقائية اللذين يسمان بجلاء النظام السابق للجنة حقوق الإنسان. وينبغى أن يطالب استعراض الأقران مجمل منظور حقوق الإنسان، أى الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وسيكون مجلس حقوق الإنسان بحاجة إلى ضمان وضع نظام لاستعراض الأقران يكون نزيها وشفافا وقابلا للتطبيق ليتم فى إطاره استعراض أداء الدول على أساس معايير واحدة. ومن أجل قيام نظام نزيه، سيلزم الاتفاق على نوعية وكمية المعلومات المستخدمة كنقطة مرجعية للاستعراض.2- من المعلوم أن عدد أعضاء الجمعية العامة «191 عضوا «دولة»، وبالتالى فإن أغلبية الثلثين التى ينبغى أن تحصل عليها كل دولة حتى تصبح عضوا فى مجلس حقوق الإنسان هى : 128 صوتا، لكن هذا الرقم ليس دقيقا، فى ضوء أن هناك دولا أعضاء فى الأمم المتحدة ليس من حقها أن تدلى بصوتها.. عملاً بتطبيق المادة ,19 التى تحجب تصويت الدول التى لم تسدد قيمة اشتراكها فى ميزانية المنظمة الدولية.. وقد كان يمكن لمصر أن تفوز بعضوية المجلس بنحو 114 صوتاً، ولا أكشف سرا حين أقول إن جهات رسمية فى مصر اعتبرت أن حدوث فوز بهذا العدد من الأصوات «أى 114 صوتا»، وليس كما حدث، «168 صوتا»، بمثابة خسارة. ولا ينبغى فى هذا الإطار تجاهل أن دولا مثل إيطاليا، ومثل الدنمارك، لم تفز من الجولة الأولى للاقتراع ن كما حدث مع مصر، وحصلت على ما هو فى حدود 115 صوتا فقط. كما ينبغى الإشارة إلى أن كون مصر مرشحة من بين أربعة مرشحين على مقاعد إفريقيا الأربعة، لا يعنى أن الفوز كان مضمونا بدون أى جهد، إذ لابد من الحصول على ثلثى الأصوات.. وهو ما تخطته أصوات مصر بمراحل.
ومن الملابسات التى يجب مراعاتها، أنه من الممكن أن تكون هناك دول قررت أنها سوف تصوت لمصر، لكن قدرة مندوبيها على التعامل الدائم مع تفاعلات الأمم المتحدة قد تمنعها من التصويت.. وكمثال فإن دولة إفريقية فقيرة لديها فى بعثتها مندوب واحد فقط، يعانى من أنه يسكن فى «نيوجرسى»، ليس فى قلب نيويورك، ومن ثم قد لا يذهب إلى عمله فى يوم التصويت.. رغم أن صوته مضمون!
3- من بين الأمور الواضحة أن عددا من دول أوروبا الغربية لم تقدم صوتا لمصر.. رغم الفوز الكاسح.. وهذه الدول لها موقف من مصر فى شأن حقوق الإنسان.. وينبغى تحسين سمعتنا لديها.. وتحسين السمعة لا يكون فقط بالعمل على توضيح الصورة لدى تلك الدول.. وإنما بتنمية وتطوير واقع حقوق الإنسان داخل مصر.
4- ربما أكشف سرا حين أقول إن سفيرا لدولة أجنبية كبرى، اتصل بمسئول مصرى فى الأسبوع الماضى طالب ألا تمنح مصر صوتها لدولة «بيلا روسيا» فى الانتخابات، ولكنه قال بشكل غير مباشر أن دولته لن تمنح صوتها لمصر. وأظن أن هذا الموقف سوف يؤدى بمصر إلى أن تتخذ موقفاً دبلوماسيا فى المنظمات الدولية من دولته فى المقابل.
مواقف فخرية
5- لاشك أن موقف عدد من منظمات وشركات حقوق الإنسان المصرية من هذا التصويت كان مخزيا.. ويمثل طعنة فى الانتماء الوطنى، ذلك أنها وقفت ضد الترشيح، وأصدرت بيانات معتادة، وعملت دوليا مع منظمات حقوق الإنسان ضد انتخاب مصر.. وهو موقف ليس بعيدا عن موقف بعض الدول الغربية. وقد تزعم هذا الموقف «بهى الدين حسن»، الذى يدير ما يسمى بمركز القاهرة لحقوق الإنسان، وهو شركة قبرصية، لديها مكتب تمثيل فى مصر، وهو اختار لمركزه تلك الصيغة لكى يمارس التواء على القانون، وبحيث لا يخضع لآليات الرقابة والمحاسبة على التمويل وفق قانون الجمعيات الأصلية.
وليس بعيدا عن ذلك التشويه الحملة المنظمة التى تم شنها داخليا، فى الأيام الأخيرة، على المجلس القومى لحقوق الإنسان، والقول بأنه لا يؤدى دوره، وأنه «مجلس حكومى»، لكى لا يتم اعتباره من سجل مصر لحقوق الإنسان أثناء التصويت.
إن فوز مصر بعضوية مجلس حقوق الإنسان، فى الأمم المتحدة، وبهذا العدد من الأصوات، يمثل إنجازا دبلوماسيا كبيرا، وتعبيرا عن مكانة مصر، وشهادة تقدير لمسار إصلاحها السياسى، وصفعة على وجه كل من تحدثوا فى عكس ذلك المعنى طوال العام الماضى، وصفعة لكل من حاول تعطيل ذلك الترشيح.
************************************************
الصفعة لهؤلاء!
الصور أعلاه، لبعض الكتاب الذين مارسوا - دون دراية - انتقادا حادا للدولة فى العام الماضى بزعم أنها خسرت انتخابات مجلس حقوق الإنسان، ولم تحصل سوى على صوت واحد. فى أحد مقالاته فى هذا الموضوع، وهى كثيرة، كتب مجدى مهنا فى «المصرى اليوم» تحت عنوان «صوت واحد.. ودولة ما».. «أنا شخصيا أريد أن أصدق وزير الخارجية فى ادعاءاته.. وأصدق أن دولة ما هى التى فعلت تلك الجريمة النكراء فى حق مصر.. لكن الوزير مطالب بأن يكشف لنا هذه الدولة واسمها.. وإذا لم يكن لها وجود على ظهر الأرض.. هل لها وجود على سطح المريخ»؟! وفى نفس الجريدة، كتب محمد سلماوى، وهو رئيس تحرير جريدة قومية اسمها «الأهرام إبدو».. تحت عنوان: «لا صفر بعد اليوم».. «هكذا كسرت مصر أخيرا حاجز الصفر، كما تكسر الطائرات السريعة حاجز الصوت، وكان من واجب إعلامنا صاحب «الريالة» - ما لقلمى اللعين يخطئ دائما فى هذه الكلمة أقصد صاحب الريادة - أن يبرز هذا الإنجاز القومى الكبير بالحصول على صوت واحد».
وفى جريدة الوفد كتب حازم هاشم فى بابه «مكلمخانة»: «نحن بلد لم يعد يعرف الخجل.. فكما لم يخجل أحد من صفر المونديال وكذلك لم يخجل أحد من مسئولينا وهم يتقدمون إلى انتخابات عضوية مجلس حقوق الإنسان».
وشنت مواقع الإخوان، الجماعة المحظورة، حملة مماثلة، وموازية، وكتب موقع «نافذة مصر» أن هذه فضيحة لحكومة أمن الطوارئ.. صفر مونديالى آخر.. ولكن فى مجال حقوق الإنسان». وأما بهى الدين حسن فهو الشخص الذى قاد حملة ضد بلده، من خلال شركة حقوق الإنسان «القبرصية» والتى لها مكتب تمثيل فى مصر تحت اسم «مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.