دخل الجيش التركي على خط الجدل القائم حول الفضائح السياسية والمالية في البلاد عندما طالب باعادة محاكمة مئات الضباط الذين ادينوا بتهمة التآمر ضد حكومة الإسلامي المحافظ رجب طيب اردوغان. وأفادت وسائل الاعلام التركية ان قيادة اركان الجيش التركي تقدمت في السابع والعشرين من كانون الاول/ديسمبر بشكوى لدى المدعي العام في انقرة تندد بالدلائل التي استخدمت لادانة مئات الضباط في قضيتين بالتآمر وللحكم عليهم بالسجن لفترات طويلة. ونقلت صحيفة حرييت على موقعها نص الشكوى المقدمة وجاء فيها ان "ضباطا في الشرطة القضائية ومدعين عامين وقضاة لهم علاقة بهاتين القضيتين تجاهلوا طلبات الدفاع وتلاعبوا بالدلائل خلال محاكمة ضباط في الخدمة من القوات المسلحة واخرين متقاعدين". ولاحظت وسائل الاعلام ان هذه الشكوى تاتي بعد ايام على اعلان يلتشين اكدوغان احد اقرب مستشاري اردوغان ان الذين خططوا للانقلاب على الجيش هم انفسهم الذين تتهمهم الحكومة بالوقوف وراء الفضائح المالية الاخيرة. ومنذ القبض على عدد من المقربين من اردوغان في فضائح مالية في السابع عشر من كانون الاول/ديسمبر، يكرر رئيس الحكومة التركية التنديد ب"مؤامرة" تقف وراءها دولة داخل الدولة او "عصابة" تضم في صفوفها عناصر من الشرطة والقضاة. واتهامات اردوغان موجهة الى جماعة الداعية المسلم فتح الله غولن الذي له نفوذ كبير في اوساط الشرطة والقضاء. وبعد تحالف طويل بين الفريقين نشب النزاع بينهما عندما حاول اردوغان اغلاق المدارس الخاصة التابعة لهذه الجماعة والتي تؤمن لها دعما ماليا كبيرا. وقبل ايام تطرق نائب من حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ العام 2002 الى امكانية اعادة محاكمة العسكريين الذين حكم عليهم في اطار قضيتين بالتآمر ضد النظام. وفي اطار القضية الاولى المعروفة باسم "ارجينيكون" أصدرت محكمة سيليفيري في ضواحي اسطنبول في آب/اغسطس الماضي احكاما مشددة بالسجن ضد 275 متهما بينهم العديد من الضباط والصحافيين بعد اتهامهم بمحاولة تنفيذ انقلاب على حكومة رجب طيب اردوغان. ومن بين الاشخاص المدانين الرئيس السابق لاركان الجيش التركي الجنرال ايلكر باشبوغ الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة. وقد نددت المعارضة بهذه المحاكمات واعتبرت ان خلفيتها سياسية. وفي آب/اغسطس 2012 اصدرت محكمة سيليفري ايضا على اكثر من 300 عسكري بينهم جنرالات كبار، احكاما بالسجن تراوحت بين 13 و20 عاما بعد ادانتهم بمحاولة تآمر اخرى حصلت العام 2003 هذه المرة ضد حكومة اردوغان. وأدت هذه المحاكمات الى الحد من تأثير الجيش التركي على الحياة السياسية. وتأتي هذه الشكوى التي تقدم بها الجيش متزامنة مع غرق حكومة اردوغان منذ نحو اسبوعين في فضيحة فساد ادت الى حبس نحو عشرين شخصا من المقربين من النظام ودفعت بثلاثة وزراء الى الاستقالة. وفي بيان نشر الاسبوع الماضي، اكد الجيش التركي انه "لا يريد التورط في النزاعات السياسية". كما تأتي هذه الشكوى بعد ان اشتكت مؤسسات قضائية مهمة مثل المجلس الاعلى للقضاة من "ضغوط" السلطة السياسية لاغلاق ملف الفساد الذي فتح اخيرا وادى الى سجن العديد من الاشخاص المقربين من الحكومة.