نقلاعن جريدة الاهرام30/8/07 بعد تعميم الحكومة الالكترونية والتنسيق الالكتروني ظهر علي الانترنت مأذون الكتروني من خلال مواقع يقدم بعضها عناوين المأذونين, ويرد علي استفسارات الراغبين في الزواج . والبعض الآخر يقدم وثيقة زواج للراغبين في الارتباط تماثل وثيقة عقد القران وبها خانة للشهود. بعض الدول ومنها روسيا اعترفت بهذه المواقع وأضفت الشرعية علي وثائق الزواج التي تعقدها بعد ان ربطت بينها وبين مكتب توثيق الزواج الالكتروني الروسي الذي قرر تعميم التجرية اعتبارا من العام المقبل.. أما في مصر فالأمر يتم بدون تنظيم أو تقنين أو حتي رقابة علي هذه المواقع.. فهل العقود التي تقوم بها سليمة من الناحية الشرعية والقانونية؟ الأرقام تشير الي ان عدد المواقع التي تقدم هذه الخدمة باللغة العربية يصل الي مائتي موقع يزورها نحو8 ملايين فتي وفتاة يهربون من شبح العنوسة ويبحثون عن شريك العمر وغالبا مايدفع الطرف الذي يرغب في الزواج الرسوم ولا يشترط ان يكون هذا الطرف هو الشاب. بعض المواقع لا تشترط الحصول علي بيانات الراغبين في هذه الخدمة, والبعض الآخر يشترطها لضمان الجدية, علي مستوي العالم تشير الاحصائيات الي ان حجم سوق خدمات الزواج علي الانترنت تجاوز398 مليون دولار في العام الماضي وحده, وأن عدد الامريكيين الذين تزوجوا بهذه الطريقة تجاوز29 مليونا! بيزنس من نوع خاص: أحد المواقع يشترط إلحاق صورة شخصية ببيانات الزائر ضمانا للجدية ووصل عدد زواره الي5688 زائرا خلال شهر واحد. موقع آخر يرفع شعار ابحث عن نصفك الآخر مجانا ووصل عدد المترددين عليه أكثر من12000 زائر وتهدف المواقع الي التعارف بين الجنسين لغرض الزواج وتقدم النصائح للراغبين في ايجاد النصف الآخر ونظير الخدمات التي يقدمها الموقع يتم تحصيل الرسوم من خلال بطاقات الائتمان, وتعتبر تونس أكثر الدول العربية التي راجت فيها هذه الظاهرة. ومعظم زوار تلك المواقع شباب تتراوح أعمارهم بين19 و21 وفتيات في سن18, لكن هذا لا يمنع أن ارتفاع نسبة العنوسة سبب رئيسي لرواج تلك المواقع حيث تؤكد أحدث الاحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء وجود9 ملايين شاب وفتاة تجاوزوا سن الخامسة والثلاثين دون زواج. لكن من الواضح ان تجربة الزواج عبر الانترنت لا تخلو أحيانا من خداع وتلاعب. مني تحكي عن تجربتها مع مواقع الزواج الالكتروني تقول: تعاملت بالمصادفة مع أحد تلك المواقع وأعجبتني الفكرة خاصة أن الانترنت وسيلة حديثة من وسائل التعارف بين الناس فقمت باضافة بياناتي وصورتي علي الموقع ولم يمر سوي عدة أيام حتي وصلتني رسالة علي البريد الالكتروني الخاص بي من الموقع تهنئني علي ايجاد الشريك المناسب وأرفقت مع الرسالة عنوان بريده الالكتروني وفعلا بدأ التعارف والتقارب بيننا وبعد جلسات محادثة طويلة عبر النت شعرت بأنه شخص مناسب واتفقنا علي الزواج ولكنه طلب مني فرصة لنتأكد من صدق مشاعرنا وذات يوم وبالمصادفة كنت أتصفح أحد مواقع الزواج فوجدت بياناته وصورته علي الموقع واعتقدت انه أرسل بها قبل تعارفنا ولكن انتابني الشك والقلق. فلجأت الي حيلة قمت بادخال بيانات وهمية وارفقت بها صورة لفتاة جميلة عرفت فيما بعد انها ممثلة إسبانية وانتظرت النتيجة وماحدث هو ان انهالت الرسائل لأكثر من300 شاب يطلبون الارتباط بالفتاة الجميلة المزيفة . ومن ضمن الرسائل رسالته وعرفت انه شخص مخادع ويرغب في التسلية وإضاعة وقت فراغه بخدعة البحث عن زوجة والرغبة في الزواج والاستقرار, وادركت أن مواقع الزواج الاليكتروني قد توفر الشخص المناسب ولكنها لا يمكن أن تتأكد من صدق نيته وجديته. أحد مسئولي المواقع المصرية المتخصصة في خدمات الزواج علي الانترنت يدافع علي فكرة المأذون الالكتروني قائلا: لا نقصد إطلاقا اسقاط أركان عقد الزواج أو تقديم وثيقة, لا هذا شيء لم نفعله نحن وليس ذنبنا أن اخرين ربما يكونون يفعلونه, وما يحدث عندنا ينحصر في تقديم الموقع لعدد من العناوين الالكترونية لمأذونين نرشحهم لزوار الموقع. وهؤلاء المأذونون نتيح لهم الفرصة للاجابة عن استفسارات أو تساؤلات قد يطرحها من يقدمون علي الزواج بعد ان لاحظنا أن كثيرا من الشباب الذي يقدم علي عقد القران يجهل تماما بيانات وثيقة الزواج وفكرة الحقوق والواجبات تجاه الطرف الآخر, كما يتيح الموقع الفرصة لزواره بأن يطالعوا بيانات كل مأذون من حيث عنوان المكتب وأرقام تليفوناته. ويعترض سمير عبداللطيف مأذون الي القول: هذا الزواج لا يصح أبدا لأن الشهود يجب أن يكونوا حاضرين امام المأذون الشرعي أثناء اتمام عقد الزواج حتي يتحقق ركن الاشهار الذي هو أهم أركان الزواج, كما ان العروسين يجب ان يكونا موجودين ويحدث نوع من العلانية والمواجهة, أما ان يختصر الأمر كله في ملء بيانات استمارة علي شاشة جهاز الكمبيوتر, فهذا شيء لا يقبله عقل ويناقض أركان الزواج الصحيح. ويضيف: أن فكرة المأذون الالكتروني بهذا الشكل تفتح مجالا خصبا للتلاعب وضياع الحقوق وعدم توثيق العقود, وهذا يذكرني بموضوع الطلاق من خلال رسائل الSMS عبر الموبايل أو حتي من خلال التليفون العادي وصدرت فتوي شهيرة من دار الافتاء تمنع ذلك, ولذلك فإننا في جمعية المأذونين ضد هذه الظاهرة شكلا ومضمونا. د. محمد المسير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر يؤكد أن فكرة تحرير عقد الزواج لابد أن تتم من خلال المواجهة الصريحة بين جميع الأطراف, وإلا فكيف يشهد الشاهد علي زواج لم ير طرفيه, كما يجب أن تتم عملية القبول والايجاب بشكل واضح وصريح, ولا يمكن أن نكتفي بالصور أو الصوت عبر الميكروفون, وإلا فسندخل في فاصل من الفوضي, ويحذر د. المسير من الاندفاع وراء موضات التكنولوجيا والرغبة المرضية في تقليد الغرب. فما الداعي الي ان تتحول خطوة تعد من أهم خطوات الانسان الي اجراء مريب علي طريقة التيك أواي؟. ويضيف د. المسير ان تحرير عقد الزواج عبر المواقع الالكترونية الشخصية للأفراد هو كارثة حقيقية لأن الأمر برمته يكون خارج اطار المراقبة الاجتماعية والشرعية والضبط القانوني فقد يتم هذا الزواج بدون اركانه الشرعية أو بدون خطبة وتعارف حقيقي جاد أو بدون مجلس زواج أو بدون أن ينظر الشاب الي الفتاة التي سيتزوجها. وقد تتزوج الفتاة المسلمة بدون إذن وليها, كما قد يتم تحرير عقود زواج فاسدة علي الانترنت, ولا تستند هذه العقود الي أسس وضوابط شرعية, بل إن منها ما يحمل صيغا تكون متنافية لتعاليم الاسلام. وتشير د. ليلي هاشم اخصائية الاستشارات الزوجية والأسرية الي ان هذه المواقع بالرغم من أنها تساعد في اتاحة فرص التلاقي الالكتروني بين طالبي الزواج ممن ضاقت امامهم فرص الاختيار لأسباب مختلفة إلا أنها تفتح المجال للبعض لاقامة علاقات عابرة لتقضية الوقت وغالبيتها لا تثمر بالزواج. ويبدو أن الاستعانة بالخاطبة التقليدية تصبح احيانا من أنجح الوسائل للارتباط بين شخصين في المجتمعات المحافظة لتوفر معلومات دقيقة لديها عن طرفي الزواج وهي تتحمل جزءا من مسئولية فشل العلاقة الزوجية بعكس الحال في مواقع الزواج علي الانترنت التي يقتصر دورها علي نشر بيانات طالبي الزواج دون التحقق من مصداقيتها. وتضيف د. ليلي هناك دراسة أمريكية توضح أن حوالي29 مليون أمريكي استخدموا خدمات الزواج علي الانترنت العام الماضي, ووفقا لمؤسسة جيوبتر للأبحاث يشكل عدم توافر المصداقية والسلوك السييء أحد أبرز المشكلات التي قد تضر بنشاط خدمات الزواج علي الانترنت الذي بلغ حجمه في العام الماضي حوالي398 مليون دولار قابلة للارتفاع الي642 مليون دولار العام الحالي.