في الوقت الذي لا تزال واشنطن تشكك في استعداد سوريا للعب دور حقيقي في وقف أعمال العنف في الأراضي العراقية.،تحتضن العاصمة السورية دمشق مؤتمرا دوليا حول الأمن في العراق . يشارك في الاجتماع الذي بدأ امس الاربعاء ويستمرعلى مدى يومين ممثلون عن دول جوار العراق ودول اخرى -من بينها الولاياتالمتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا ومصر ، وذلك للبحث في اعادة الامن الى العراق . وتتركز المباحثات على كيفية وقف تدفق المسلحين والاسلحة إلى الاراضي العراقية من بعض تلك الدول. وينعقد المؤتمر بالتزامن مع زيارة يقوم بها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى إيران بهدف الحصول على الدعم الإيراني لاستعادة الأمن في العراق.،وفى أعقاب زيارة اخرى قام بها إلى تركيا . ويعتبر لقاء دمشق حول الأمن في العراق استكمالا لمؤتمر مماثل عقد في مايو الماضي بمصر حيث التقى الطرفان السوري والأمريكي لأول مرة منذ عامين، كما يعد المؤتمر استكمالا لمؤتمر استضافته الأردن قبل أيام حول أوضاع اللاجئين العراقيين في الدول المجاورة. محللون سياسيون في سوريا فسروا الحضور الأمريكي في المؤتمر على مستوى الخبراء على أنه اعتراف من واشنطن بأهمية الدور السوري في استتباب الأمن العراقي. ويأتي هذا المؤتمر تجسيدا للموقف الرسمي السوري المناهض للإرهاب، ومعارضة دمشق لما يحدث في العراق من قتل وتدمير،ويعكس جهود سوريا لضبط الحدود مع العراق . مصادر سورية تشير الى ان عقد المؤتمر يبدو منطقيا مع الحديث عن الدور السوري كمنطقة عبور بالنسبة للمسلحين إلى العراق ويشكل بحد ذاته فرصة أمام دمشق لتثبت قدرتها على الحوار مع الجانب الأمريكي .
وفى مستهل المؤتمر قال وزير الداخلية السوري بسام عبد المجيد إن هدف هذا اللقاء هو مساعدة الشعب العراقي على تجاوز محنته وصون سيادته. وأعرب الوزير السوري عن الألم لما يجري على أرض العراق من أعمال إرهابية وقتل وتدمير وتهجير مؤكدا اتخاذ الإجراءات اللازمة على حدود سوريا للإسهام في تحقيق الأمن في العراق. وكشف الوزير السوري عن ضبط أعداد كبيرة من مواطني الدول الأخرى ممن حاولوا عبور الحدود السورية إلى العراق أو دول الجوار الأخرى، موضحاً أن هذه الإجراءات قد لا تفي بالمطلوب إذا اتخذت من جانب واحد لأن حماية الحدود مسؤولية مشتركة بين الدول المتجاورة. و حثت الحكومة العراقية الدول المجاورة على وقف تدفق المقاتلين عبر حدودها للانضمام للمسلحين في العراق لما ينطوى على المخاطرة بامتداد التطرف والإرهاب إلي المنطقة بأسرها. مدير المخابرات العسكرية العراقية حسين كمال حذر من أن الإرهاب سيمتد إلى أراضي الدول المجاورة لأنها لا تقدم المساعدة الكافية في الجهود التي تُبذل لمكافحته موضحا أن العراق يريد مزيدا من المساعدة من جيرانه وخصوصا السعودية وسوريا اللتين شهدتا جرائم مرتبطة بالوضع الأمني المتدهور في العراق،و مشيرا لهجمات شنها متشددون في الدولتين. وشدد مدير المخابرات العسكرية العراقية على ضرورة تطبيق اتفاقات الحدود مع دول الجوار العراقي وتسليم المطلوبين. و دعا نائب وزير الخارجية العراقي لبيب عباوي دول الجوار إلى تقديم ما وصفه بدعم حقيقي لبلاده لتجاوز ما يعانيه من عنف وإرهاب ،معربا عن أمله بأن لا يكون المؤتمر نمطيا وأن يخرج بنتائج فعالة. المؤتمر يناقش ايضا مسألة تفكيك شبكات مؤيدة للنظام العراقي السابق، وقضية مليوني لاجئ عراقي في سوريا، والمخاطر التي يمثلها وجود مثل هذا العدد الهائل، و ضرورة توفير الأمن في العراق حتى يتوقف تدفق اللاجئين العراقيين إلى البلدان المجاورة وخصوصا سوريا والأردن. محللون سياسيون اشاروا الى ان سوريا تتعمد إبقاء سياستها إزاء العراق غامضة على أمل الحصول على مؤشرات إيجابية من واشنطن كرفع العقوبات المفروضة على سوريا وممارسة ضغط على إسرائيل لحملها على الانسحاب من مرتفعات الجولان. فيما يرى آخرون ان سوريا تمارس حاليا سياسة مزدوجة إزاء العراق حيث أنها تقوم بإصدار بيانات إيجابية ولكنها لا تتحرك بصورة ملموسة على الأرض. يشار إلى أنه في الوقت الذي تتهم الولاياتالمتحدة فيه سوريا بالوقوف وراء تسلل المسلحين الأجانب إلى داخل العراق، ترى دمشق أن انسحاب القوات الأميركية من بلاد الرافدين هو الخطوة الأولى الصحيحة نحو استعادة هذا البلد عافيته الأمنية. 9/8/2007