كشفت وكالة انباء الاسوشيتدبرس ان محادثات نووية سرية جرت بين الولاياتالمتحدة و ايران لعدة أشهر قبل التوصل إلى الاتفاق المؤقت الذى تم التوصل اليه فجر اليوم ، و ان المحادثات تمت عبر قناة سرية وبدأت في مارس عام 2013. وقالت الوكالة ان الولاياتالمتحدةوايران اجريا سرا سلسلة من مستوى عال من المفاوضات المباشرة ، في مقامرة عالية المخاطر الدبلوماسية من جانب إدارة الرئيس أوباما والتي مهدت الطريق للصفقة التاريخية التى وقعت في جنيف و تهدف إلى إبطاء البرنامج النووي لطهران، وقد علمت وكالة أسوشيتد بر سان البيت الابيض أبقى امر المفاوضات مخفيا حتى عن أقرب أصدقاء الولاياتالمتحدة، بما في ذلك شركاء التفاوض وإسرائيل، وذلك حتى قبل شهرين، و هو مايفسر بعض التوترات بين الولاياتالمتحدة وفرنسا فضلا عن زيادة التوتر بسب الملف النووى الايرانى مع اسرائيل التى رفضت الصفقة المقترحة، و اعربت عن غضبها حول اتفاق الذى تم توقيعه . و تقول الاسوشيتدبرس ان الرئيس باراك أوباما أذن شخصيا ببدء هذه المحادثات كجزء من جهوده لإيقاف البلد الذى تعتبره الخارجية الامريكية اكبر راع فى العالم للإرهاب .. و قد جرت المحادثات في سلطنة عمان وأماكن أخرى منذ مارس، والتقى نائب وزيرة الخارجية وليام بيرنز وجيك سوليفان كبير مستشاري السياسة الخارجية ، ونائب الرئيس جو بايدن ، خمس مرات على الأقل مع المسؤولين الايرانيين. و قد جرت الاجتماعات السرية الاربعة الاخيرة فى اغسطس الماضى ، بعد انتخاب الإصلاحى حسن روحانى رئيسا جديدا لايران ، وقال ثلاثة من كبار المسؤولين في الادارة الامريكية بشرط عدم الكشف عن هويته ، ان الكثير من بنود الاتفاق الذى وقع قد تم الوصول اليها رسميا في مفاوضات جنيف بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا وإيران. و كانت وكالة اسوشييتد برس قد اشارت الى الاجتماع بين الولاياتالمتحدةوإيران لأول مرة بعد وقت قصير من وقوعه في مارس الماضى ، ولكن البيت الأبيض و وزارة الخارجية نفوا هذا الخبر و لم تستطع الوكالة من تأكيد الاجتماع. وعلمت اسوشييتد برس عن المزيد من المؤشرات حول اجتماعات دبلوماسية سرية في الخريف ولكن نتيجة ضغط من البيت الأبيض ومسؤولون آخرون لم يتم نشر الاخبار . و صفقة اتفاق جنيف التى وافقت عليها ايران سوف تمنحها حوالي 7 مليار دولار نتيجة التخفيف من العقوبات الدولية في مقابل فرض قيود إيرانية على تخصيب اليورانيوم والانشطة النووية الأخرى. كما تعهد جميع الأطراف على العمل للتوصل لاتفاق نهائي في العام المقبل من شأنه إزالة الشكوك المتبقية في الغرب بأن طهران تسعى لتجميع ترسانة أسلحة نووية ، وهو ماتنفيه طهران و تصر على ان اهتمامها النووي يصب فى مجال إنتاج الطاقة السلمية والبحوث الطبية . و يرى المحللون ان المقامرة الامريكية الدبلوماسية مع إيران، أدت لاتفاق مؤقت قد يؤدى إلى اتفاق نهائي لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، و ذلك بعد سنوات من تهديدات الولاياتالمتحدة و فرضها للعقوبات القاسية ، و التهديد العسكرى الاسرائيلى بشن هجوم على منشئات ايران النووية .. و يعد أيضا نقطة تحول العلاقات الثنائية بعد عقود طويلة من العداء بين واشنطنوطهران ، ليصبح الاتفاق إنجازا يتوج السياسة الخارجية للرئيس باراك أوباما .. على جانب اخر ، يعتقد المحللون انه اذا انهارت الصفقة، أو إذا كانت إيران قد اقدمت سرا علي تطوير سلاح نووي كان أوباما سيواجه بمفرده عواقب الفشل، سواء في الداخل والخارج. و ستوجه له الانتقادات بانه قد توصل الى اتفاق مع دولة راعية للإرهاب. كانت الولاياتالمتحدةوإيران قد قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية عام 1979 بعد الثورة الإسلامية واقتحام السفارة الأميركية في طهران، حيث احتجزوا 52 أمريكيا كرهائن لمدة أكثر من عام. ولكن أوباما ، أعرب عن استعداده للاجتماع مع الإيرانيين بدون شروط. و قد بدات الاتصالات المشتركة بين الجانبين بعد وقت قصير من تنصيب اوباما رئيسا عام 2009 ، وذلك فى صورة خطابات متبادلة بين اوباما و الزعيم الايراني الاعلى آية الله علي خامنئي، ولكن لم يسفر هذا عن اى نتائج.. ثم اعيق هذا التواصل فى ظل استمرار رئاسة الرئيس الايراني السابق، محمود أحمدي نجاد، الذي اعيد انتخابه في انتخابات متنازع عليها في يونيو ذلك العام . ومن المفارقات ان حادث احتجاز ايران لثلاثة أميركيين ضلوا الطريق عبر الحدود الإيرانية من العراق ، مكن الجهود التى كان يبذلها السلطان قابوس سلطان عُمان ، لتأمين الافراج عنهم ، من تحويله لوسيط للولايات المتحدةوإيران من اجل احداث التقارب و هو ما وافقت عليه واشنطن و شجعته . ومنذ ذلك الحين بدأت مناقشات غير رسمية سرية بين مسؤولين من المستوى المتوسط في واشنطنوطهران.. ووصف المسؤولون هذه الاتصالات بانها كانت مناقشات استكشافية تركز على الخدمات اللوجستية لإقامة محادثات على مستوى أعلى ، و تمت هذه المناقشات من خلال قنوات عديدة، بما في ذلك المحادثات المباشرة في مواقع لم يكشف عنها. و شملت هذه اللقاءات لقاء بين سفير الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة سوزان رايس، والتى تشغل الآن منصب مستشار الأمن القومي، ومبعوث ايران لدى المنظمة الدولية. وقال مساعد في مجلس الأمن القومي بونيت تالوار كان أيضا ينطوي على المسؤولين. و تقول الاسوشيتدبرس ان المحادثات على هذا الوزن الدبلوماسى المتوسط استمرت ثمانية أشهر، حتى قرر الرئيس أوباما ايفاد نائب وزيرة الخارجية بيرنز، والمساعد الأعلى سوليفان وخمسة مسؤولين آخرين لمقابلة نظرائهم الإيرانيين في العاصمة العمانيةمسقط. و كان ذلك بعد وقت قصير من فتح القوى الدولية الست الكبرى لجولة جديدة من المحادثات النووية مع ايران في ألماتي، كازاخستان، في أواخر فبراير الماضى . و قد كان ارسال هذه المجموعة للقاء الايرانيين نتيجة قلة اهتمام طهران بالدعوات الامريكية في ذلك الوقت لعقد محادثات ثنائية على هامش الاجتماع الدولى ، و لكن مع مساعدة من السلطان قابوس، بدا المسؤولون في كلا البلدين بوضع خطط للاجتماع .. و فى منتصف مارس وصل على متن طائرة عسكرية الفريق الدبلوماسى الامريكى بقيادة بيرنز و سوليفان مع فريق صغير من الخبراء الفنيين للاجتماع مع الايرانيين و بحث الملف النووى الايرانى ، وخلال اللقاء أثار ايضا الفريق الامريكي المخاوف بشأن التورط الايراني في سوريا، وتهديدات طهران بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي الهام ، كذلك تم بحث وضع روبرت ليفنسون، وكيل مكتب التحقيقات الفدرالي السابق المفقود والذي تعتقد الولاياتالمتحدة انه لدى إيران، فضلا عن اثنين من الأميركيين الآخرين المحتجزين في البلاد. و أملا في الحفاظ على القناة السرية مفتوحة، زار وزيرة الخارجية جون كيري عمان فى مايو الماضى في رحلة ظاهريا لدفع صفقة عسكرية مع السلطنة ولكنها ركزت سرا على الحفاظ على وضعها كوسيط سرى مع الايرانيين خاصة بعد الانتخابات الإيرانية التى كانت مقررة في الشهر يونيو، و كان فوز روحاني بمنصب الرئاسة بمثابة دفعة لتخفيف العقوبات التى تشل الاقتصاد الإيراني خاصة مع اعلانه الرغبة فى التعامل مع الغرب و الذى أعطى شرارة جديدة إلى جهود الولاياتالمتحدة .. وقال المسؤولون انه تم تنظيم اثنين من الاجتماعات السرية فورا بعد تولي روحاني منصبه في أغسطس مع هدف محدد هو المضي قدما في المحادثات النووية المتعثرة مع القوى العالمية، تلاهما زوج من اللقاءات السرية فى اكتوبر الماضى ...و لقد قاد بيرنز وسوليفان محادثات الوفد الأمريكي في كل اللقاءات، ثم انضم لهما في الاجتماع السري النهائي ، كبير المفاوضين النوويين الامريكيين ويندي شيرمان.