"أصغر قائد في العالم يفوز بالسلطة في النمسا" تحت هذا العنوان تمحورت عناوين الصحف العالمية حيث أظهرت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية في النمسا فوز زعيم حزب الشعب المحافظ "سيباستيان كورتز" -31 عاما- متقدما على اليمين المتطرف والاشتراكيين الديمقراطيين. وبدأت عملية التصويت بمشاركة أكثر من ستة ملايين ناخب إثر انهيار التحالف الحاكم في البلاد، وحصل حزب "كورتز" على 30،2% من الأصوات متقدما على حزب الحرية اليميني المتطرف "26،8%" الذي يبدو أن زعيمه "هانس كريستيان شتراخه" سيكون في موقع يتيح له أن يكون صانع الملوك، على حد وصف حسب "فرانس 24". ونال الحزب الاشتراكي الديمقراطي 26،3% حسب التقديرات التي أعلنتها شبكة التلفزيون الحكومية، إلا أن النتائج النهائية متاحة حتى منتصف الأسبوع بعد فرز الأصوات الساقطة والاقتراع الذي يدلي به الناخبون بعيدًا عن مناطقهم الأصلية. وأشارت صحيفة "ديلي ميل" أن وزير الخارجية الشاب تمكّن من أن يدفع بحزب الشعب المحافظ إلى صدارة استطلاعات الرأي عندما أصبح زعيمًا للحزب في مايو وأطاح بحزب الحرية اليميني المتطرف الذي ظل يشغل صدارة استطلاعات الرأي لنحو عام. وفي حال نجح كورتز في تشكيل ائتلاف فسيصبح الزعيم الأصغر سنًا في أوروبا والعالم مقارنة برئيس الحكومة الإيرلندية ليو فارادكار "38 عاما" والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون "39 عامًا". وتعهد "كورتز" بإغلاق طرق الهجرة الرئيسية إلى أوروبا من خلال البلقان وعبر البحر المتوسط وطالب بخفض المساعدات الاجتماعية للأجانب، وأمام مظاهر القلق في النمسا إزاء تدفق المهاجرين نجح كورتز في تعبئة الناخبين المحافظين عندما استخدم خطابًا سياسيًا حازمًا تجاه الهجرة وفي الوقت نفسه قدم صورة جيدة عن نفسه كزعيم شاب قادر على تحديث البلاد. وتسلم كورتز وزارة الخارجية منذ العام 2013 وكان في خريف العام 2015 أحد أوائل الزعماء الأوروبيين الذين انتقدوا سياسة الهجرة للمستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل". "ترقب أوروبي" ويرى محللون إن تشكيل حكومة يمينية متطرفة من شأنه أن يجعل من النمسا معضلة للاتحاد الأوروبي حيث ستتولى النمسا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من 2018 بالتزامن مع المهلة المحددة لإكمال مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد. واعتبرت صحيفة "دير شتاندارد" النمساوية أن وجود حزب الحرية كشريك في الحكومة لن يعطي انطباعا جيدا في أوروبا، فيما وصفت صحيفة "ديلي تليجراف" فوز اليمين بأنه قد يرسم صورة كئيبة ليست فقط للنمسا ولكن لأوروبا وقد تكون كلمة الوداع لرؤية "أوروبا موحدة". أما صحيفة "التايمز" فرأت وصفت تلك الخطوة بأنها ستكون مثيرة للجدل في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي ما يبشر بتحالف جديد يميني قومي مناهض للمهاجرين مع بولندا والمجر ودول أوروبا الوسطى الأخرى القلقة من اللاجئين المسلمين.