مستقبل وطن يوزع الهدايا على الطلاب في أول يوم دراسي بالأقصر    تخفيض 50 % من رسوم التنازل عن الوحدات والأراضي بأنواعها بالمدن الجديدة    وزير الإسكان: تخفيض 50% من رسوم التنازل عن الوحدات والأراضي بالمدن الجديدة    العاهل الأردني: يجب التوصل لوقف إطلاق النار دائم في غزة    مسار صعب يخوضه رئيس الوزراء الفرنسي .. تحديات بانتظار الحكومة الجديدة    أستاذ علوم سياسية: توسيع الحرب مع حزب الله يعرض تل أبيب لخطر القصف    تشكيل اتحاد جدة المتوقع أمام الهلال في الدوري السعودي| تواجد «بنزيما»    الزمالك يواجه فرق الشباب وديًا استعدادًا لموقعة السوبر الأفريقي    الحالة المرورية بالقاهرة الكبري.. سيولة بشوارع وميادين القاهرة والجيزة    أسعار اللحوم اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    أسعار الاسماك والمأكولات البحرية اليوم في سوق المنيب بالجيزة.. «البلطي» بكام؟    بإجراءات جديدة.. المدارس تستقبل الطلاب في أول أيام العام الدراسي (تفاصيل)    بداية العام الدراسي 2024.. نظافة ووجبات تغذية ولائحة انضباط جديدة    أسعار الذهب اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة قنا    مسؤولون أمريكيون: البيت الأبيض يتوقع توسع القتال بين حزب الله وإسرائيل    مجلس الأمن يحذر من التصعيد ويدعو إلى ضبط النفس بلبنان    بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية في سريلانكا    بوتين يشكل لجنة لإمداد الجيش الروسي بالمتعاقدين    الطماطم ب 30 جنيها.. أسعار الخضروات والفاكهة في أسواق التجزئة    تقلبات أسعار الذهب في مصر: تقرير شامل لأسعار اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    اليوم.. نهائي بطولة باريس للاسكواش ومصر تسيطر على لقبي الرجال والسيدات    ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل الجولة الخامسة    أسعار الأسماك اليوم السبت 21 سبتمبر في سوق العبور    "مدرسة صفا مدرسة انتباه".. انطلاق العام الدراسي الجديد في بورسعيد - صور    استشاري نفسي: نشعر بالسعادة في فصل الخريف لبطء الحياة بعودة الروتين    انخفاض جديد في درجات الحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    السياحة تشارك في الدورة ال8 للملتقى الدولي لفنون ذوي القدرات الخاصة    هاني فرحات وأنغام يبهران الجمهور البحريني في ليلة رومانسية رفعت شعار كامل العدد    أسرار توت عنخ آمون.. زاهي حواس يتحدث عن مومياء نفرتيتي والكنوز المدفونة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    ما حكم تلف السلعة بعد تمام البيع وتركها أمانة عند البائع؟.. الإفتاء تجيب    الرعاية الصحية: تطبيق أحدث الأساليب الطبية في التشخيص والعلاج    وزير الخارجية: مصر تدعم جهود الحكومة الصومالية الفيدرالية الرامية لتحقيق الأمن ومكافحة الإرهاب    استكمال محاكمة محاسبة في بنك لاتهامها باختلاس 2 مليون جنيه    احتجزه في الحمام وضربه بالقلم.. القصة الكاملة لاعتداء نجل محمد رمضان على طفل    ريم البارودي تعلن انسحابها من مسلسل «جوما» بطولة ميرفت أمين    عاجل.. فيفا يعلن منافسة الأهلي على 3 بطولات قارية في كأس إنتركونتيننتال    حبس متهم مفصول من الطريقة التيجانية بعد اتهامه بالتحرش بسيدة    ضبط 12شخصا من بينهم 3 مصابين في مشاجرتين بالبلينا وجهينة بسوهاج    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    بسمة وهبة تحتفل بزفاف نجلها في إيطاليا (فيديو)    وفاة والدة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية    عمرو أديب: بعض مشايخ الصوفية غير أسوياء و ليس لهم علاقة بالدين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    أمام أنظار عبد المنعم.. نيس يسحق سانت إيتيان بثمانية أهداف    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    مستشفى قنا العام تسجل "صفر" فى قوائم انتظار القسطرة القلبية لأول مرة    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    جوميز: الأداء تحسن أمام الشرطة.. وأثق في لاعبي الزمالك قبل السوبر الأفريقي    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبد الحميد الأنصاري: جناية الإسلام السياسي على «بيوت الله»
نشر في أخبار مصر يوم 11 - 09 - 2013

«التسييس» آفة مرضية خطيرة، طالت المساجد، بيوت الله تعالى، على أيدي خطباء ودعاة الإسلام السياسي ومن تحالف معهم من الخطباء والمشايخ الذين يستغلون منابر بيوت الله تعالى في غير أهدافها ووظائفها الشرعية المشروعة. ومما يؤسف له أن ظاهرة «تسييس المنابر» استفحلت وانتشرت في كافة الدول العربية، لكن على درجات متفاوتة، تبعاً لهيمنة ونفوذ قوى الإسلام السياسي على المجتمع ومؤسسات الدولة وبخاصة المؤسسات الدينية المسؤولة عن الرقابة والإشراف على بيوت الله تعالى.
ويرجع البعض تصاعد هذه الظاهرة إلى إفرازات ما سمي بثورات «الربيع العربي» التي ساهمت في إيصال قوى الإسلام السياسي إلى سدة الحكم والسلطة، وكان من مصلحة هذه القوى توظيف المنابر الدينية في الدعاية الانتخابية قبل الوصول إلى السلطة، والترويج لطروحاتها السياسية عبر دعاتها وخطبائها، وبخاصة خطيب يوم الجمعة، وذلك بعد وصول الإسلاميين إلى السلطة، بمعنى أن تيارات الإسلام السياسي ترى أن من مصلحتها السياسية استباحة منابر بيوت الله تعالى في بث طروحاتها السياسية والأيديولوجية، مثلها مثل «منابر التعليم» و«المنابر الإعلامية» وكافة منابر التوجيه والتثقيف. لذلك نجد أن فقهاء ومشايخ الإسلام السياسي في كافة الدول العربية، يتصدون ويهاجمون الجهات الدينية المسؤولة عن المساجد، عندما تصدر تعليمات بحظر استخدام المساجد في الأمور السياسية.
ومؤخراً، ذكرت وكالات الأنباء أن أئمة «الإخوان» في الكويت، انتفضوا على وزارة الأوقاف، رافضين تنفيذ طلب الوزارة تسجيل خطب الجمعة، في تحد لقرار وزير الأوقاف شريدة المعوشرجي إثر قيام أحد الخطباء المتعاطفين مع «إخوان» مصر بإلقاء خطبة جمعة مسيئة للعلاقات الكويتية المصرية. صحيح أنه تم إيقاف ذلك الخطيب بسبب تجاوزه «ميثاق المسجد». وكذلك في الرياض تم توقيف إمام سعودي دعا في خطبة الجمعة على بشار والسيسي. إلا أن ظاهرة «اختطاف المنابر» و«استباحة المساجد» للأهواء السياسية والأغراض الحزبية وتشويه الخصوم وتفسيقهم وتكفيرهم والدعاء عليهم، لم تتوقف حتى الآن!
ظاهرة إقحام بيوت الله تعالى في الخلافات السياسية والمذهبية، ليست وليدة العصر الحديث، بل لها جذور ممتدة في التاريخ الإسلامي إلى العصر الأموي مروراً بالعباسي والفاطمي والعثماني، حيث كان الخطباء ملزمين بلعن من لا ترضى عنهم السلطة الحاكمة، لكن الظاهرة استفحلت واستشرت عقب حركات «الربيع العربي» بوصول الإسلاميين إلى السلطة واستثمارهم الانتهازي لمنابر بيوت الله تعالى في نشر طروحاتهم السياسية والمذهبية، ومهاجمة خصومهم السياسيين واتهامهم بالعلمانية والردة لتشويه سمعتهم في أعين الرأي العام المجتمعي.
ينبغي أن نذكر أن الجهات الدينية المعنية بالرقابة والإشراف على المساجد وصيانتها عن العبث السياسي واللغو الحزبي والمذهبي، تبذل قصارى جهودها في ملاحقة هؤلاء المتجاوزين المستبيحين لحرمة وقدسية بيوت الله تعالى، وهي لا تألوا جهداً في محاسبتهم وإيقافهم عن الخطابة، لكنها في النهاية لا تستطيع منع من سوّلت له نفسه من الخطباء الأيديولوجيين من تجاوز ميثاق المسجد، كما لا تستطيع إحكام الرقابة على كافة المساجد والمصليات والزوايا، والتي قد تصل إلى الآلاف في بعض الدول العربية، كما أن تيارات الإسلام السياسي في بعض المجتمعات من القوة والنفوذ ما يجعل رقابة الوزارات المسؤولة غير فاعلة، وبخاصة إذا وجد قطاع مجتمعي واسع متعاطف مع الإسلام السياسي ولا يرى في استغلال المنابر سياسياً أي مانع.
بل إن هناك من رواد المساجد من أدمن الذهاب إلى مساجد معينة لأن خطباءها يصولون ويجولون في ميادين السياسة والاجتماع بغير حساب! هؤلاء يدافعون عن الخطباء المسيسين ويعجبون بهم ويرقصون طرباً في نفوسهم وهم يرون خطيبهم المفوّه، يحرض ويشرق ويغرب ويتدخل في شؤون الدول الأخرى ويهدد ويتوعد ويزبد، ولولا حرمة المسجد لصفقوا لخطيبهم وتعالت هتافاتهم تأييداً له. هؤلاء مرضى الخطب الحماسية، يجادلون بالباطل، إذ يستبيحون حرمة المساجد، ويهاجموننا لأننا نريد صيانة المساجد من لغوهم وعبثهم، لقوله تعالى «وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً.
سينبري هؤلاء ويسارعون إلى اتهامنا بأننا نردد مقولات «علمانية»، مثل لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، وسيحتجون بقولهم إن الإسلام لا يفصل بين السياسة والدين كالمسيحية، وإنه يقول من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، وبأننا نريد شلّ دور المسجد في تناول القضايا العامة وقصره على أمور الطهارة والعبادة... إلخ.
لكن هذه كلها مقولات زائفة ومضللة يخدع بها فقهاء الإسلام السياسي الجماهير لاستمرار استباحتهم قدسية بيوت الله تعالى، فنحن من المؤمنين يقيناً بأن الإسلام لا ينفصل بتوجيهاته وتعاليمه ومبادئه عن حياة الناس وأن له كلمة بل كلمات فيما يتعلق بتدبير شؤون المجتمع والدولة، ونحن مع الدور الحيوي للمسجد في قضايا المجتمع وفي رفع وعي الناس بشؤون مجتمعاتهم، ونحن مع الخطيب الذي يتناول قضايا السياسة بالمعنى العام والواسع الذي فيه إصلاح ذات البين والدعوة إلى الكلمة الجامعة وبث التسامح والمحبة والسلام والوحدة الوطنية الجامعة...
نحن مع كل هذا وأكثر، لكن شتان ما بين الخطيب الملتزم بتوجيهات الإسلام السامية فيما يصلح المسلمين وبين هؤلاء الخطباء الحزبيين الذين يحرضون ويتهمون ويفرقون ويعمقون الطائفية والحزبية ويحاربون الوحدة الوطنية ويريدون إرسال أبنائنا إلى ميادين الهلاك بينما هم وأولادهم ينعمون. نحن نؤمن يقيناً أن الإسلام لا ينفصل عن حركة المجتمع السياسية والاجتماعية ومن لا يهتم بأمور المجتمع فلا يصلح خطيباً داعياً ومؤثراً... هذه مسلّمات، لكن ممارسات دعاة الإسلام السياسي في نقلهم الصراعات السياسية والمعارك الانتخابية والخلافات المذهبية من الشوارع إلى المساجد، هي أبعد ما تكون عن تعاليم الدين بل هي جناية على الدين والمسجد، جناية تأباها كل المواريث الثقافية والأخلاقية التي نعتز بها.
نقلا عن صحيفة الاتحاد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.