أبدت حركة يسارية عالمية تأييدها لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" قائلة إنها تسعى ل"حفظ المجتمع الفلسطيني لا إقامة دولة إسلامية"، وإن سيطرتها على قطاع غزة مؤخرا لا تبعث على القلق أبداً. وقال بتروس كوستاندينو العضو بتحالف "أوقفوا الحرب" الذي يضم في معظمه حركات يسارية غربية :"إن إسرائيل دولة تمييز عنصري بكل معنى الكلمة وحماس محقة في عدم الاعتراف بها". واعتبر كوستاندينو أن الحل الوحيد للنزاع هو قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة تجمع شمل الفلسطينيين وتضم القدس، قائلا : "حماس حركة براجماتية تسعى إلى حفظ المجتمع الفلسطيني لا إقامة دولة إسلامية"، نافيا أن يكون لليسار الأوروبي تخوف من هذه الناحية". إحراج الحكومات : وأكد كوستاندينو أن اليسار الأوروبي أحرج حكوماته بتلك المواقف من حماس، مما دفع تلك الحكومات لمراقبة اتصالات الناشطين اليساريين وتحركاتهم مع محاولة الحد من هذه التحركات حيث كان الاتحاد الأوروبي قاطع الحكومة التي شكلتها حماس في مارس 2006 عقب فوزها بالانتخابات التشريعية. وأشار إلى أن اليسار الأوروبي قام بحركات مهمة على الصعيدين الأوروبي والدولي لمقاومة الهيمنة الأمريكية، كالمظاهرات التي تخرج بشكل متواصل في مدن عالمية ضد سياسة الرئيس الأمريكي جورج بوش. ولفت الناشط إلى أن اليسار الأوروبي دعم كذلك أحزابا أوروبية مناهضة لتحالف "أوقفوا الحرب"، مثل حزب "احترام" وهو تحالف من اليساريين والمسلمين والمهتمين بالسلام والبيئة، مضيفاً أن تحالف "أوقفوا الحرب"، وهو مجموعة من حركات يسارية واجتماعية معادية للحروب في العالم، يناصر كل مناضل في الشرق الأوسط بغض النظر عن انتمائه السياسي. ورفض كوستاندينو فكرة أن تكون مواقف اليسار العالمي مضادة للإسلام من حيث المبدأ، قائلا :"إن اليسار يتبع تعليمات الزعيم الروسي فلاديمير لينين الذي كان مناصرا لحرية الأديان وأن صاحب السياسة المعادية للمسلمين في القيادة السوفيتية فهو جوزيف ستالين لا غيره". وفيما يتعلق بموقف اليساريين اليونانيين من الأقليات الأجنبية والمسلمة قال أفاد الناشط اليساري أن اليساريين في بلاده يناصروا قضايا الأقليات الأجنبية والمسلمة. نقطة مهمة : وفي تعقيب على كلام كوستاندينو بشأن اليسار والحركات الإسلامية، بين بتروس باباكوستاندينوس الصحفي في جريدة "كاثيميريني" اليومية، ومؤلف عدة كتب حول النظام الدولي الجديد، أن موقف اليسار المبدئي من الحركات الإسلامية كان مرتابا من الأساس، لكنه تغير خلال السنوات الماضية، خاصة مع حرب إسرائيل على لبنان الصيف الماضي. ويرى باباكوستاندينوس أن أحداث 11 سبتمبر 2001 صبغت مسلمين في بلاد أوروبية عدة بالشبهات حول علاقتهم بالتطرف، لكنها لم تؤثر في اليسار الأوروبي، وخاصة اليونان مبينا أن اليساريين والقوميين اليونانيين معادون بشدة للولايات المتحدة. وبحسب باباكوستاندينوس فإن الحركات الإسلامية كان ينظر إليها من قبل اليسار على أنها أداة واشنطن في هدم الاتحاد السوفييتي، حيث حاربوا في أفغانستان بدعم أمريكي، كما أن اليسار كانت له ملاحظات حول مواقفهم تجاه قضايا المرأة والحريات السياسية وحقوق الإنسان والدولة الدينية. واعتبر الخبير اليوناني أن تأييد اليسار في الوقت الراهن للحركات الإسلامية المقاومة سببه أنها تدافع عن حرية بلادها، لا بسبب مواقفها الأيديولوجية، مضيفا أنه عند تحقيق استقلال تلك البلاد سيتوقف ذلك التأييد ويتحول من جديد إلى دعم الحركات اليسارية المحلية في هذه البلاد. الغرب والاحتلال : وفيما يتعلق بموقف اليسار الأوروبي من حماس ودولة الاحتلال رأى باباكوستاندينوس وجود فروق في مواقف الأحزاب اليسارية الأوروبية تجاه الحركات الإسلامية. وقال :"في فرنسا التي كانت لها سياسات صديقة للعرب منذ عهد شارل ديجول، وتجمع اليسار صداقات مع اليهود، وأما في ألمانيا فاليسار الألماني لا يجرؤ على انتقاد إسرائيل كي لا يتهم بإحياء التراث النازي ومعاداة السامية، بينما اليسار اليوناني أكثر جرأة وانطلاقا في هذا المجال". واعتبر الكاتب الصحفي أن الحركات الإسلامية ولاسيما "حماس" تقدم اليوم امتحانا قاسيا بسبب تواجدها في السلطة معتبرا أن تحرير مراسل هيئة الإذاعة البريطانية آلن جونستون في قطاع غزة "نقطة إيجابية" لحركة المقاومة التي سعت طويلا للإفراج عنه. وأضاف خلال السنوات الخمس الماضية زادت وتيرة التناغم بين اليسار الأوروبي والدولي وبين حركات الإسلام السياسي في العالم العربي حيث تجلى في المواقف المتقاربة والمتطابقة للطرفين، حسبما يرى مراقبون. فمنذ عام 2003 عقدت العناصر المكونة للجانبين عدة لقاءات في لبنان والقاهرة وبريطانيا والبرازيل، جرى فيها التأكيد على الموقف المشترك والمعادي للنظام الدولي الجديد وراعيته الولاياتالمتحدة وحليفتها إسرائيل