تحرير و ترجمة : خالد مجد الدين محمد فى رسالة موجهة لاعضاء الكونجرس الامريكى ، أعلن وزير الخزانة "جاك ليو" أن الدين الامريكى سيصل لحده الاقصى و الى سقف الاعتماد المقرر له منتصف أكتوبر المقبل، وأن الحكومة لن يسُمح لها بعد ذلك باضافة المزيد من الديون للدين العام الامريكى . "جاك ليو" أكد أن وزارة الخزانة الامريكية استنفدت كل ما يسمى "بالتدابير الاستثنائية" التي اتخذتها لتجنب اضافة المزيد من الديون و الوصول للسقف الذى وضعه الكونجرس على مجموع الدين الفيدرالي ، والذى سبق ان ُحدد فى اتفاق الميزانية في مايو الماضى بنحو 16.7 تريليون دولار . و يعتبر وضع حد أقصى للاقتراض الفيدرالى ، حق من حقوق الكونجرس ، وهو وحده القادر على اتخاذ قرار بشأن اصدار سقف جديد للديون الحكومية ، وهو اجراء دأب الكونجرس على النظر فيه منذ احتياح الحكومة الفيدرالية لمزيد من التمويل بالاقتراض إبان الازمة الاقتصادية و الركود العظيم فى الثلاثينيات من القرن الماضى . و نظرا لطبيعة ان الكونجرس يتحكم فى كل من أرقام الإنفاق والضرائب، فإنه يمكنه السيطرة على المستوى الإجمالي للديون دون الحاجة إلى وضع حد للدين على الإطلاق، ولكن في السنوات الأخيرة، أصبح وجود سقف للديون قضية يستخدمها الجمهوريون في الكونجرس كأداة مساومة لانتزاع تنازلات بشأن تخفيضات الإنفاق من الرئيس أوباما والديمقراطيين. ويرى اقتصاديون ،و من بينهم "جوستين ولفرز" من جامعة ميتشيجان ، أن أول المواجهات بين الجمهوريين و الديمقراطيين التى اندلعت في صيف 2011 بشأن سقف الدين العام قد تسببت فى مزيد من الضرر للاقتصاد الامريكى حيث أدت لخفض ثقة كل من المستهلكين والشركات ،وكان أيضا من بين العوامل المحفزة لمؤسسة "ستاندرد آند بورز" لخفض درجة التصنيف الائتماني، دلالة ايضا على انخفاض ثقة المقرضين بأن الولاياتالمتحدة ستفي بالتزاماتها المالية. ويرى الخبراء أن عرقلة الجمهوريين و رفضهم لرفع سقف الديون سيعنى ان الولاياتالمتحدة تمنتنع عن دفع ما تدين به بالفعل.. وحتى الآن، تمكنت واشنطن من تجنب معرفة ما يمكن أن يحدث إذا تخلفت عن سداد التزاماتها، وعلى الأرجح ستشمل العواقب : ارتفاع أسعار الفائدة، فضلا عن الارتباك والذعر في الأسواق المالية في جميع أنحاء العالم.. و هو ماحرص وزير الخزانة "جاك ليو" على توضيحه بشده في رسالته، حيث أكد لاعضاء الكونجرس أن الفشل في رفع سقف الدين من شأنه أن "يسبب ضررا لا يمكن إصلاحه للاقتصاد الأمريكي". و لكن يبدو أن الجمهوريين، قد لا يقبلون بهذه الحجة ، ففى مؤتمر صحفي الشهر الماضي أكد رئيس مجلس النواب "جون بوينر" أنه غير مستعد لرفع سقف الدين دون خفض نسبي في الإنفاق.. بينما على الجانب الاخر صرح الرئيس أوباما، بأنه غير مستعد للتفاوض بشأن سقف الديون.. لذا فيبدو أن أزمة جديدة ستنشب خلال أشهر الخريف المقبلة بين الادارة الامريكية الديمقراطية و الجمهوريين داخل أروقة الكونجرس حول رفع سقف الدين الفيدرالى . وتأتى أزمة الدين العام ، فى وقت نجحت فيه الادارة الامريكية فى تقليل نفقاتها بشكل ملحوظ ، بل حققت فائض فى الميزانية قدر بنحو 113 مليار دولار في ابريل الماضى بينما حققت فائض قدر بنحو 116.5 مليار دولار فى يونيو الماضى و هو الفائض الشهرى الاكبر منذ ما قبل الأزمة المالية.. كما انخفض العجز العام فى الموازنة بمقدار ما يقرب من 642 مليار دولار وفقا لمكتب الميزانية في الكونجرس بعد ان وصل الى 1.1 تريليون دولار في السنة المالية 2012 . و نتيجة لخفض الواردات الاتحادية والنفقات الفيدرالية الشهرية تراجع الإنفاق الحكومى في يونيو إلى 170 مليار دولار لمستوى لم تشهده البلاد منذ عشر سنوات تقريبا، بينما كان أدنى مستوى له هو 161 مليار دولار في نوفمبر 2004. ووفقا لتحليل البنك المركزي الامريكى، انخفضت نفقات قروض الطلاب بنسبة 5 مليارات دولار، والإنفاق على الرعاية الصحية والطبية انخفض بنسبة 4 مليار دولار ، وانخفض الإنفاق على الدفاع بنسبة 5 مليارات دولار مقارنة بالشهر نفسه في عام 2012.. كما زادت عائدات الحكومة نتيجة ضرائب الدخل والضرائب الاجتماعية نظراً لانتهاء تخفيضات بوش الضريبية على الاثرياء وخفض ضريبة المرتبات في يناير الماضى، كما قفزت إيصالات الضريبة على الشركات بمقدار 6 مليار دولار (ما يقرب من 10%) نتيجة لارتفاع أرباح الشركات. و يعد تحقيق الحكومة الفيدرالية لخفض النفقات و تحقيق فائض بالموازنة مفاجأة و فى الوقت نفسه عقبة أخرى أمام المحادثات بين الادارة و أعضاء الكونجرس من الجمهوريين حول "صفقة كبرى" لرفع سقف الديون في خريف هذا العام.