المتجول في شوارع دمشق واسواقها القديمة والحديثة، سواء اقبل على الشراء أم اكتفى بالفرجة، يسهم في حركة العيد وزحامه... فالسوريون، سواء مسيحيون أو مسلمون، نزلوا الى الأسواق ليكملوا مشتريات الأعياد، الأضحى والميلاد ورأس السنة. وفي المدن السورية، وتحديدا دمشق، يمتزج صوت جرس بابا نويل مع أهازيج الناس المنتظرين لحجاجهم الذين سيعودون خلال الأيام المقبلة من السعودية، وتجاورت زينات الشرفات مع زينات المآذن التي تستعد لعيد الأضحى، وتنوعت العبارات المهنئة بين تلك المتعلقة بعيد الأضحى أو أخرى تتعلق بعيد الميلاد. قدوم هذين العيدين في الفترة نفسها كان له تأثير مختلف على السوريين هذا العام، اذ يرى حسن ابراهيم، وهو طالب في كلية الاعلام، ان هذا هو العام الأول الذي لم يشعر فيه بأن شجرة الميلاد وبابا نويل لا يخصانه، فالفرحة «وحدت» بين الناس، والعيد أصبح للجميع. لكنه يبدي استياءه من ظاهرة غلاء الأسعار التي باتت تؤرق السوريين، ورغم ذلك فهو يريد أن يبقى متفائلا متمنيا أن يستمر هذا التآخي والوحدة بين كل الطوائف الى الأبد. ومن تداخل الفرحة، لم يعد السوريون يعرفون بأي عيد سيهنئون بعضهم البعض، اذ أصبحت كلمات المعايدة، ورسائل التهنئة على الهواتف المحمولة تحتوي على عبارات المعايدة بالعيدين. فالموظفة جورجيت معراوي، قالت ان هذا العيد أكد عمق العلاقة بين كل الأديان والطوائف في سورية. ورغم أنها لم تشعر طوال حياتها بفارق أو تمييز بين المسلمين والمسيحيين، الا أنها الآن تشعر بأن دمشق كلها تفرح وأن «الفرحة» لم تعد حكرا على شخصٍ دون الآخر. وتجلى التآخي الديني والمحبة على شرفة جوزف أكزم في حي التجارة في دمشق، حيث زينها بعبارات مصفوفة الى جانب بعضها البعض تهنئ بعيدي الأضحى والميلاد وكذلك بقدوم السنة الجديدة. ويقول أكزم، وهو تاجر، ان هذه ليست السنة الأولى التي يزين فيها شرفته على هذا النحو «لأن من الجميل أن يفرح كل الناس معا»، وأن الفكرة خطرت بباله منذ بدأت الأعياد تتزامن مع بعضها البعض. وفي حي باب توما القديم وسط العاصمة السورية، حيث تتعانق مآذن المساجد وقباب الكنائس وبعض الكنس اليهودية، وقف الطفل محمد مع أمه لأخذ هديةٍ من بابا نويل المنتشر بكثرة في هذا الحي الشهير، وقالت أمه انه لطالما سأل عن سبب عدم زيارة بابا نويل له، وهذا العام تحققت أمنيته. وهكذا، فبالزينات أو بالكلام أو حتى بالابتسامات المرتسمة على الوجوه، سيستقبل السوريون عيدهم «الأفضل» هذا العام، لأنه سيمتد حتى نهاية العام. تحولت شوارع دمشق وشرفاتها الى لوحات تشكيلية مرسومة بالاضاءة، اذ يقبل السوريون وضيوفهم على التسوق وشراء مسلتزمات الأعياد من حلوى وملابس وهدايا، فسهام التي كانت تصطحب ضيوفها الأوروبيين الى حي القصاع الدمشقي ذي الغالبية المسيحية، كانت مبتسمة وهي تقول «لم أعد أشعر أنني هذا العام أنتمي لقسم واحد من السوريين». أما فاطمة التي كانت تتجول في شارع الحمراء الشهير المليء بكل أنواع البضائع، فتقول ان الازدحام في هذا الشارع يؤكد حيوية الحركة والاحتفال بالأعياد بين مختلف الشرائح السورية.