هل منح المهرجان القومي للسينما في دورته الأخيرة فرصة حقيقية لأفلام "الديجيتال" وهي الأفلام الروائية الطويلة المصورة بكاميرا الديجيتال الرقمية. لقد وافق الناقد علي أبوشادي علي مشاركة فيلم "اليوم 26/2" داخل المسابقة كعمل أول للمخرج محمد فكري. ولكن بعد انتهاء فعاليات المهرجان نستطيع القول بأن التجربة فشلت لأسباب كثيرة. حيث كانت المنافسة غير متكافئة بالمرة.. يكفي أن نعلم أن فيلم "اليوم 26/2" الذي تكلف 18 ألف جنيه كان ينافس فيلم "عمارة يعقوبيان" الذي تكلف 18 مليون جنيه في مسابقة العمل الأول للمخرج. كان مهرجان القاهرة السينمائي العام الماضي أكثر عدلاً وانصافاً عندما قرر اقامة مسابقة خاصة "لأفلام الديجيتال" بلجنة تحكيم مستقلة عن لجنة التحكيم الرسمية. ومنح جوائز خاصة لأفلام "الديجيتال" شاركت فيها 10 دول. وحصلت مصر علي جائزة عن فيلم "إيثاكي" للمخرج إبراهيم البطوطي. لكن ما فعله المهرجان القومي باشراك فيلم ديجيتال وسط الأفلام المصورة بكاميرا 35مم. ساهم في تعميق الهوة بين تلك الأفلام. ويقول المخرج محمد فكري: درست السينما في جامعة سانس في لوس أنجلوس. وكتبت سيناريو فيلم "اليوم 26/2" عن المرحلة التي سبقت الحريق الهائل في قطار الصعيد والذي راح ضحيته المئات. ويحكي عن الفنان التشكيلي فارس الذي يحمل رؤية مثالية للواقع ويواجه العديد من المواقف من خلال مقابلته لخمس شخصيات. وهو يمثل العطاء والرغبة في التواصل مع الآخرين حتي انه ركب قطار الصعيد ليذهب إلي المنيا للتبرع بدمه لإنقاذ الطفلة زهرة لكنه يذهب ضحية حريق القطار! يضيف فكري: حاولت تقديم الفيلم بأسلوب سينمائي تجاري. بمعني توفير عنصرالتشويق إلي جانب قصته الإنسانية. ولجأت إلي استخدام أسلوب تصوير متطور ومونتاج يوحي بجو الغموض الذي يسبق مصير البطل وكان هدفي ألا أجعل المشاهد يشعر بفرق بين الصورة الرقمية والصورة السينمائية التي اعتاد عليها. لكني أحلم بأن توجد في مصر دور لعرض الأفلام "الديجيتال" مثل بلاد العالم.لأنها ساعد المنتج في دعم الفيلم. وكذلك تساهم في اكتشاف مواهب جديدة في الاخراج والتمثيل والتصوير والمونتاج والكتابة للسينما. وأيضا تساهم دار العرض المتخصصة في التعريف بهذه النوعية من الأفلام وتشجيع القنوات الفضائية علي شرائها. * يقول الناقد رفيق الصبان: اعتراف الدولة بأفلام "الديجيتال" أصبح حقيقة سواء بتخصيص مسابقة في مهرجان القاهرة. أو بالمشاركة في المهرجان القومي أو بالدعم المادي الذي ذهب جزء منه لهذه النوعية وقد شاركت وزارة الثقافة بالفعل في انتاج ثلاثة أفلام هي "واحة الغرباء" لخالد عزت و"سلطان العاشقين" لأحمد عاطف و"فن الطيران" لكريم حنفي. المؤكد اننا بحاجة لدار عرض لتلك النوعية من الأفلام فالاعتراف وحده لايكفي. بدليل أن مخرجين كباراً مثل خيري بشارة ومحمد خان قدما أفلام ديجيتال ولم يشاهدها الجمهور حتي اليوم. وهما "ليلة في القمر" و"كليفتي" بينما عرض "المدينة" للمخرج يسري نصر الله ولكن بعد تحويله إلي 35مم. تؤكد المخرجة نبيهة لطفي: أن أفلام "الديجيتال" تعطي الفنان حرية أكثر في التعبير السينمائي. مثل اللغة الشعرية لفيلم "إيثاكي" لإبراهيم البطوط. وهو أسلوب لا تقبله السينما التجارية السائدة. ومخرج كبير مثل محمد خان قدم "كليفتي" شخصياته وأجواءه وأسلوبه الذي نعرفه جميعاً. حدث ذلك في وقت لم يكن هناك المنتج الذي يدعم خان. لكن منذ عامين عاد مرة اخري في اطار السينما التجارية وقدم "بنات وسط البلد" ثم "شقة مصر الجديدة". لذلك فان أفلام الديجيتال ساهمت في احتفاظ مخرج مثل خان بلياقته الفنية وقدرته علي العمل والابداع. المهم وجود دار عرض لهذه الأفلام. أما المخرج الشاب تامر عزت: فيري ان أفلام الديجتيال ليست بديلة للأفلام المصورة بكاميرا 35مم. لأن موضوعاتها مختلفة وأسلوبها الحواثي في السرد يعبر عن لغة سينمائية جديدة. لذلك فإن بعض التجارب التي تعجب المنتجين في أمريكا يتحمسون لتحويلها إلي 35مم. فتتم اعادة كتابتها مرة أخري بمساعدة متخصصين في السيناريو وكأنك تنقل النص من وسيط إلي آخر وهناك مهرجانات متخصصة لهذه النوعية وأغلبها مستقل عن شركات الانتاج وأصبح لها نجومها المعروفون إلي جانب أن الأفلام الروائية الطويلة المصورة بكاميرا السينما أصبح من الضروري تحويلها إلي شريط "ديجيتال" للحفظ في الأرشيف. لأنه الأطول عمراً ولا يتعرض للتلف مثل السليلويد. تطالب الناقدة نائلة منصور: المهرجانات العربية بتخصيص مسابقة خاصة بأفلام "الديجيتال" مثلما فعل مهرجان القاهرة وتؤكد أن تلك الأفلام هي "المدرسة" التي يتخرج منها المخرجون الشباب. فالدعم الذي يخصص لتلك النوعية من الأفلام هو استثمار من أجل المستقبل. أرفض بشدة أن تشارك أفلام "الديجيتال" في مسابقة واحدة مع أفلام مصورة بكاميرا السينما. لأن في ذلك "ظلماً كبيراً" لاختلاف الأسلوب والامكانيات. ويكفي أن فيلم الديجيتےال يتم عرضه بالسي دي بروجيكتور بينما الفيلم العادي يعرض بآلات عرض 35مم.