اكد الدكتور نبيل العربى الامين العام لجامعة الدول العربية أن مؤتمر السكان والتنمية يكتسب أهمية كبيرة متعددة الأفاق ومتشعبة الأبعاد، لإنشغاله بمواضيع السكان والتنمية، وكونه يعقد في فترة ومرحلة شديدة الدقة والتعقيد، حيث تشهد المنطقة العربية منذ فترة حراكاً عالياً على كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية وغيرها، ترافقها تحولات مهمة ومتتالية. وأضاف أنه إن كان هذا الأمر يعبر بصورة عامة عن رغبة شعوب المنطقة في تأصيل الحرية والديموقراطية فهو يُعبر كذلك عن مزيد من الرغبة في تحقيق التنمية والتقدم والرفاه، ولذلك الحراك الشعبي، رغم أهدافه السامية، تداعيات متعددة ومتشعبة ربما ساهمت، بصورة أو بأخرى، في تفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في المنطقة. جاء ذلك فى كلمته بالمؤتمر الاقليمي للسكان والتنمية في الدول العربية تحت شعار"تحديات التنمية والتحولات السكانية في عالم عربي متغير" الثلاثاء. وقال إنه رغم ما بذلته الدول العربية من جهود حثيثة لتعزيز فرص التنمية ولمواجهة التحديات السكانية ولتوظيف الفرص، فإن المنطقة العربية لا زالت تعاني من تحديات سكانية متشعبة، بل إن بعضها قد شهد تفاقماً خلال فترة الإنتقال الأخيرة. وتفيد أحدث البيانات كون عدداً مهما من دول المنطقة سوف لن تتمكن مع الأسف من تحقيق غالب أهداف خطة العمل الدولية للسكان والتنمية بحلول عام 2014 والأهداف التنموية للألفية بحلول عام 2015. وأوضح ان البلاد العربية تشهد معدلات بطالة عالية مقارنة بأقاليم العالم الأخرى، وقد ساهم ذلك في تفاقم معدلات الفقر والتهميش وهي كما تعلمون إحدى الأسباب الرئيسية للأحداث التي شهدتها العديد من دول المنطقة في الفترة الأخيرة. ولا زال عدداً من الدول العربية ضعيفة الدخل تواجه تحدي النمو العالي للسكان، ودول أخرى تعاني من ارتفاع وفيات الامهات نتاج ارتفاع الأمية بينهن وضعف الوعي والخدمات الصحية وصعوبة التمكن منها، كما تشهد البلاد العربية حراكاً سكانياً عالياً، من هجرة قسرية وأخرى غير نظامية وهجرة عمل وهجرة كفاءات. فبسبب الحروب والنزاعات تعاظمت أعداد اللاجئين والمهاجرين وأصبحت المنطقة تأوى أعداداً كبيرة من اللاجئين في العالم، كما أن تفاقم البطالة ومعدلات الفقر قد دفع جمهوراً واسعاً من السكان والشباب بالأخص للهجرة غير النظامية وغير الشرعية، مما عّرض العديد منهم للسقوط في شبكات الإجرام المتنامية وعّرض البعض الأخر للموت غرقاً وهم في طريقهم بحثاً عن الرزق. وأوضح أن أهمية هذا المؤتمر الإقليمي تكمن في كونه يتناول بالدراسة والنقاش العلمي قضايا وموضوعات سكانية واجتماعية وصحية تقع في صميم أولويات التنمية في البلدان العربية، ومن تلك الأمور النمو السكاني وصحة الأسرة والصحة الانجابية وقضايا الحراك السكاني وتداعيات التغير المناخي على الأوضاع السكانية والأنشطة السكانية المختلفة في الريف والحضر، وإن قضايا الشباب والمرأة والمسنين اصبحت تحظى بالاهتمام الكبير الذي تستحقه كتحديات سكانية لا بد من الاهتمام بها ومراعاتها. وأضاف أن هذا المؤتمر يعتبر ربما الاهم والأول في مسيرة العمل الإقليمي والدولي لمتابعة وتقويم نتائج وتوصيات وبرامج العمل التي صدرت عن المؤتمر الدولي للسكان والتنمية عام 1994، ولذلك ستضمن أعماله في أقسام كثيرة منها إجراء تقويم ومراجعة دقيقة تشمل فترة العشرين سنة الفاصلة بين مؤتمري القاهرة الدولي 1994 والعربي 2013. وقال تكمن أهمية هذا المؤتمر ايضاً على مستوى أقاليم العالم، في الاهداف التي نتوخاها له وفي المخرجات والنتائج المتوقع صدورها عنه، وبشكل خاص وثيقة "الإعلان العربي للسكان والتنمية" التي نتمنى أن تكون وثيقة مرجعية رئيسية تُعين في رسم سياسات السكان والتنمية على الصعيدين الإقليمي والوطني، ونتمنى كذلك أن تكون إحدى الوثائق الإقليمية الرئيسية التي ستستخدم كمرجعية لإعداد وثيقة السكان والتنمية على الصعيد الدولي والمتوقع صدورها من الأممالمتحدة بنهاية العام المقبل 2014. والجدير بالملاحظة كون القضايا السكانية لاتطرح تحديات فقط وإنما العديد من أبعادها تمثل فرص يمكن أن تساهم بفعالية في إحداث النقلة التنموية إن أحسن توظيفها، ومن ذلك كون فئة الشباب قد بلغت أعلى أعدادها ونسبها في البلاد العربية، حيث يفوق عددهم مائة مليون ويمثلون بذلك حوالي ثلث السكان في سن 15- 29 سنة بل أن ثلثي سكان البلاد العربية هم دون سن ال25 . وهذه الحالة السكانية الفريدة يطلق عليها "الفرصة الديمغرافية" لما يمثله الشباب من قدرات وطاقات مشاركة وعطاء بل و إبداع وابتكار. فهم الأكثر حيوية مقارنة بالفئات السكانية الأخرى والأكثر تعليما والأكثر قدرة على التفاعل مع مختلف عوامل العلم والحداثة، ومساهماتهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي في مختلف الدول العربية تشهد على ذلك. وعلى صعيد مؤسسة العمل العربي المشترك في مجالات السكان والتنمية بادرت الجامعة العربية بإطلاق الاجتماع السنوي لرؤساء المجالس السكانية منذ عام 1998 والذى لعب دوراً رئيسياً في تعزيز التنسيق والتعاون ونشر المعرفة وتبادل التجارب الناجحة بين الدول العربية طوال هذه الفترة. وقد تكرس عقد هذا الاجتماع بانتظام. ونعد الآن لعقد الدورة السنوية الخامسة عشر لهذه الآلية الإقليمية. وفي هذا السياق أطلقت الجامعة العربية مشروع " المرصد العربي للشباب" الذى كانت له مبادرات عدة ساهمت بفعالية في تعزيز سياسات تمكين الشباب وفي تفعيل مشاركتهم وفي تدعيم مؤسسات المجتمع المدني الشبابية، ومن ذلك نجحنا في ادماج البعد الشبابي ضمن القمة العربية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر اعتماد منتدى خاص بالقادة الشباب ضمن أعمال كل دورة للقمة. كما تم إطلاق منتدى "جامعة الدول العربية للشباب" السنوي والذى ساهم في جمع ممثلي مختلف المؤسسات المعنية بالشباب في المنطقة كما ساهم في بناء قدرات المئات من القادة الشباب، إلي أن أصبح بعضهم يحتل مناصب دولية عليا، ومنهم على سبيل المثال الشاب أحمد الهندواي، الذي يشارككم في هذا المؤتمر باعتباره المبعوث الخاص للامين العام للأمم المتحدة. كما أعدت الجامعة العربية أو ساهمت في إعداد العديد من الوثائق المرجعية مثل الوثيقة المرجعية لسياسات السكان والتنمية على الصعيد العربي التى يتم اعتمادها كل 5 سنوات منذ عام 1994، و"الإعلان العربي للهجرة الدولية" الذى تم اعتماده من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي عام 2006، وكذلك الاعلان العربي لتمكين الشباب"، هذا علاوة على العشرات من الفعاليات واللقاءات والاصدارات ذات العلاقة. واشار الى ان هذه الفعاليات قد تمت في إطار شراكة واسعة مع العديد من المؤسسات الدولية والاقليمية ذات العلاقة بقضايا السكان والتنمية، وأود أن أحيى بشكل خاص صندوق الاممالمتحدة للسكان الذى تربطنا به شراكة استراتيجية متميزة، والذى لنا معه أنشطة وفعاليات سنوية وتنسيق وتعاون متجدد ومتدعم، كما أود أن اوجه تحية خاصة للدكتورة ريما خلف وأحي التعاون مع الإسكوا والذى ماانفك بتدعيم ويتوسع لكي يشمل مختلف القطاعات التنموية، والتحية والشكر كذلك لبرنامج الاممالمتحدة الانمائى الذى تقوده الدكتورة سيما بحوث وللمنظمة الاقتصادية لافريقيا ECA وللاتحاد الافريقي الشركاء معنا في هذا المؤتمر وفي غيره من الفعاليات والأنشطة.