فنّد خبير بريطاني بارز فرضية شائعة يروجها بعض العلماء حول دور أشعة الشمس في ظاهرة التسخين الحراري للأرض، وأكد في حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط» ان التغيرات في إجمالي طاقة الشمس التي تصل الى الأرض، لا يمكنها أن تكون السبب وراء التغيرات لمناخية الحاصلة على الأرض. وقد نشرت دراسته في مجلة «بروسيدنغز إيه» التي تصدرها الجمعية الملكية البريطانية، وهي بمثابة أكاديمية العلوم في بريطانيا. وقال مايك لوكوود، البروفسور في فيزياء الشمس في مركز علوم الفضاء والتكنولوجيا في مختبر رذرفورد ابلتون البريطاني في أكسفورد، ل«الشرق الأوسط»، ان طاقة الشمس التي تصل الى الارض اخذت بالانحسار منذ اكثر من 20 عاما، في الوقت الذي ازدادت فيه درجة الحرارة على الأرض. وبسؤاله عن مدى دقة نتائجه، قال لوكوود ان الناتج الشمسي الذي يصل الى الأرض سيظل ينحسر في المستقبل القريب، الأمر الذي يدحض الفرضيات التي ظل يبشر بها بعض العلماء. وأضاف ان «المناقشات حول هذا الموضوع أصبحت بحكم المنتهية». وقال الباحث البريطاني انه كان يعمل في مشروع لدراسة النشاط الشمسي على مدى قرون منذ عام 1700، وهو العام الذي شهد تدنيا في النشاط الشمسي وأدى الى «ما يشبه عصرا جليديا صغيرا في اوروبا»، بحسب قوله، حتى العصر الحالي. وأظهرت الدراسة ان الزيادة في درجات الحرارة على الأرض لم تكن ناجمة عن تأثير اشعة الشمس على الأشعة الكونية كما أشارت بعض الفرضيات السابقة، مضيفا ان الاشعة الكونية ربما كانت قد ساهمت في تغيير المناخ في الماضي وليس في زمنا المعاصر. وكان لوكوود قد شرع في دراسته مع زميله كلاوس فراوهيلك الباحث في المركز العالمي للإشعاع في سويسرا، بداية هذا العام لتفنيد فرضية تأثير طاقة الشمس والأشعة الكونية على التغيرات المناخية على الأرض بعد شيوعها وترويجها عبر بعض البرامج التلفزيونية. ونقل عنه موقع هيئة الإذاعة البريطانية الانجليزي الالكتروني ان «كل المخططات البيانية التي عرضها مناصرو هذه الفرضية تعود الى زمن قديم وتتوقف عند العام 1980، وهو ما أكده كولوود بقوله «كنت اعرف ذلك.. لأن الأمور تغيرت بعد ذلك التاريخ». وأضاف انه «ليس بمقدورك ان تهمل البيانات التي لا تعجبك». وتستند فرضية الإشعاع الشمسي في تسخين الأرض، الى دور الأشعة الكونية التي تحمل جسيمات دقيقة، في تكوين الغيوم بعد تكاثف بخار الماء الجوي حولها. وبشكل عام، فان الغيوم تساعد على تبريد الارض. اما خلال فترات النشاط الشمسي، فان تأثير الأشعة الكونية يقل، نتيجة هبوب العواصف المغناطيسة من الشمس التي تعيق انتشار الجسيمات الدقيقة في الأشعة الكونية، وهذا ما يؤدي الى قلة تكون الغيوم وبالتالي الى تسخين الأرض. وفي الدراسة الجديدة، اخذ فريق لوكوود يدقق في قياسات الناتج الشمسي وشدة الأشعة الكونية خلال ال30 40 سنة الماضية، ثم قارن تلك القياسات ووتيرة تغيراتها، مع البيانات الخاصة بمعدل التغيرات الحاصلة في درجة حرارة سطح الأرض، التي ازدادت بنحو 0.4 درجة مئوية خلال هذ الفترة. ومن المعلوم ان النشاط الشمسي يتغير صعودا وهبوطا، خلال دورة تمتد 11 سنة، الا ان هذه الدورة في أعقاب ذروة اتجاهات بعيدة المدى. وقد شهد القرن العشرين زيادة طفيفة، الا انها متواصلة في الناتج الشمسي. ولكن في عام 1985 يبدو ان هذه الاتجاهات قد تغيرت الى العكس، اذ بدأ الناتج الشمسي بالانحسار. وفي نفس هذا الوقت كانت درجة الحرارة تزداد بوتيرة لم تشهدها منذ 100 عام سبقتها. وعقب الدكتور بيرس فورستر الباحث في جامعة ليدز، أحد الخبراء في المجلس الدولي للتغيرات المناخية على الدراسة بأنها «تؤكد بقوة حقيقة ان التسخين الحراري خلال ال20 40 سنة الماضية لم يحدث البتة بسبب النشاط الشمسي». وكان المجلس قد نشر خلاصة تقرير له في فبراير الماضي استنتج فيها ان الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الأرض مسؤولة عن ازدياد درجة حرارة الأرض بنحو 13 مرة اكثر من التغيرات الناجمة عن نشاط الشمس. الا ان بعض الخبراء بقيادة العالمين هنريك سفينسمارك وإيغل فرزكريستين البحثيين في المركز الفضائي الوطني الدنماركي انتقدوا ذلك التقرير لانه لم يتناول بالتدقيق فرضية دور الأشعة الكونية. وقد دق مايك لوكوود مسمارا قويا في نعش هذه الفرضية. وقال انه «يعتقد بوجود تأثير للاشعة الكونية على تكوّن الغيوم. وهذه الظاهرة تحدث في أجواء الهواء البحري النقي الذي لا توجد فيه شوائب كي يتكاثف عليها بخار الماء». وأضاف ان هذه الظاهرة «ربما كان لها دور مؤثر على مناخ ما قبل الثورة الصناعية. الا اننا لا نراها الآن، لأننا نعيش في عصر آخر تماما». وعن أنواع العلماء المروجين لنظرية تأثير الشمس على التسخين الحرارين قال لوكوود ان عددهم صغير جدا وبعضهم من الراكضين وراء الشهرة وللبعض الآخر مصالح مالية. ويعرف عنهم مناوأتهم للنظرية القائلة بأن ظاهرة الاحتباس الحراري في الارض تحدث بسبب حرق وقود باطن الأرض وزيادة انبعاثات غاز ثاني اوكسيد الكربون في اجوائها.