يبدو انه ليس نفقا مظلما فقط الذي تدخله حكومة جوردون براون البريطانية الجديدة التي يقترب عمرها من الأسبوع الثالث ولكنها حالة ترنح مفاجئة وغير متوقعة اسقطتها بين شقي الرحى أميركا وروسيا وأدخلتها في حسابات خارجية معقدة في صراع القوى الدولية واختبارات داخلية مربكة لم تكن تتحملها بعد ضربة الإرهاب المفاجئة التى تزامنت مع اليوم الأول لتشكيلها. وبرغم ردة الفعل الغاضبة التي وصفها بعض المحللين بالمبالغة والتي اتخذها رئيس الوزراء البريطاني للتقليل من قيمة تصريحات دوجلاس الكسندر وزير التجارة والتنمية الدولية البريطاني في واشنطن والتي وصفها بأنها «هراء» وذلك بعد أن تناولتها وسائل الإعلام البريطانية الأميركية ودقت طبول التغيير في شكل العلاقات الثنائية بين الحليفين، وخصوصاً فيما يتعلق بالعراق وخفض القوات العسكرية بها، إلا أن انتقاد السياسة الأميركية بين صفوف الحكومة البريطانية لم يتوقف، حيث قال اللورد مالوش براون وزير الدولة لشؤون أفريقيا وآسيا والأمم المتحدة إن رئيس الوزراء البريطاني الجديد جوردون براون لن يكون مثل سلفه توني بلير منصهرا مع الرئيس الأميركي جورج بوش. وأضاف الوزير البريطاني الذي كان نائب الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان في حديث مع صحيفة «ديلي تلجراف» إنه قد آن الأوان أن تدخل بريطانيا في تحالفات وعلاقات جديدة مع أوروبا وخاصة فرنسا وألمانيا، مشيرا إلى لقاء رئيس الوزراء البريطاني مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الأسبوع المقبل. وتوقع مالوش المعروف بمعارضته للحرب الأميركية على العراق، ألا تجتاز علاقة براون وبوش أول اختبار حقيقي تواجهه، وأضاف «آمل أن تصبح السياسة الخارجية البريطانية عدم انحيازية أكثر، من الضروري عقد تحالفات جديدة بدون التركيز على المصالح الخاصة كما يفعل التحالف الثنائي». كانت تصريحات دوجلاس قبل يومين في واشنطن قد أحدثت زوبعة سياسية في الولاياتالمتحدة، ومثلها ستثير تصريحات مالوش براون عواصف أخرى خاصة وهي تدعم اتجاها جديدا يفصح عن نفسه داخل الحكومة البريطانية يرفض التبعية الكاملة للإدارة الأميركية على سابق عهدها في ظل رئاسة توني بلير. على صعيد آخر اتهمت النيابة العامة الروسية بريطانيا بأنها ملاذ للمجرمين الروس، وذلك على خلفية الخلاف بين موسكوولندن حول تسليم بريطانيا المشتبه به الرئيسي في قضية العميل الروسي السابق الكسندر ليتفيننكو. وجاء في بيان للنيابة الروسية بحسب وكالة الصحافة الفرنسية «لا يخفى على احد انه في الاعوام الاخيرة اصبحت بريطانيا احد البلدان «المفضلة» لمن يريد الهروب من الجرائم التي اقترفها في روسيا». وعددت 21 حالة تطالب فيها موسكولندن منذ 2002 بان تسلمها اشخاصا متهمين ب«الاغتيال والإرهاب والخطف وتبييض الاموال». وتطالب موسكو منذ سنوات بتسليمها رجل الاعمال بوريس بيريزوفسكي الذي لجأ الى لندن، اضافة الى احمد زكاييف المبعوث السابق للانفصاليين الشيشان في اوروبا واللاجئ بدوره في العاصمة البريطانية. وقالت النيابة العامة «خلال عشرة اعوام، لم تسلم بريطانيا اي شخص الى روسيا، والنيابة الروسية تعجب لنية الطرف البريطاني اجبار روسيا على انتهاك دستورها في شكل فاضح»، في اشارة الى مطالبات لندن المتكررة بتسليم اندري لوغوفوي. من جهة أخرى، كانت النيابة البريطانية قد اتهمت في 22 مايو (ايار) هذا العميل السابق في الاستخبارات السوفياتية باغتيال ليتفيننكو الذي توفي مسمما بمادة البولونيوم في نوفمبر(تشرين الثاني) 2006، وتتذرع روسيا بدستورها والقانون الدولي لرفض تسليم لوجوفوي.