لليوم الرابع على التوالي واصل عشرات من المتظاهرين المرابطين في احدى الحدائق باسطنبول اعتصامهم المفتوح ضد محاولة بلدية المدينة ازالة أشجارها في اطار مشروع توسعة للمساحات المحيطة بساحة "تقسيم" يتضمن نقل حركة السير في المنطقة الى انفاق تحت الأرض. وجددت الشرطة الجمعة محاولة فضها الاعتصام بالقوة وذلك باستخدام قنابل الغاز المسيلة للدموع وخراطيم المياه ومصادرة عدد من الخيام الامر الذي تسبب في صدامات عنيفة انهارت على اثرها منصة كبيرة خلال تدخل الشرطة الكثيف ما ادى لاصابة عدد كبير من المتظاهرين تم نقلهم الى المستشفى. وتجمع العديد من سكان اسطنبول بمختلف اعمارهم للاحتجاج على مشروع تنفذه البلدية ويفترض اقتلاع 600 شجرة تعتبر متنفسا لسكان المدينة بهدف اعادة بناء ثكنات عسكرية عثمانية في ذلك المكان وكذلك مركز ثقافي وآخر تجاري. وتتوالى الاضطرابات والاحتجاجات في اسطنبول منذ ان اتت الجرافات للحديقة الاثنين الماضي, حيث تحرك سكان المدينة المعتادين على التجول في الحديقة والناشطين المدافعين عن البيئة مدعومين بنواب احتجاجا على المشروع الذي يعتبرونه "غير قانوني". وتدور صدامات يومية بينهم وبين قوات الامن, وبعد تدخل الشرطة الجمعة عاد المتظاهرون الى التجمع قرب الحديقة. وكانت صدامات مماثلة قد وقعت صباح امس الخميس بين قوات الامن والمتظاهرين فيما تعرضت بعض خيم المعتصمين للاحتراق, واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفرقة المعتصمين الذين وقفوا امام الجرارات لمنعها من الدخول الى الحديقة, وصادرت عددا من خيم الاعتصام فيما اشتعلت النيران بعدد منها. وتبادل المتظاهرون والشرطة الاتهامات بشأن الحريق حيث ذكرت وكالة انباء الاناضول الرسمية ان المتظاهرين هم من احرقوا الخيام بينما اكد المتظاهرون لوسائل الاعلام انه تم مهاجمتهم فجر الخميس من قبل اناس يرتدون اقنعة وامام اعين الشرطة التي لم تتدخل لحمايتهم, وقاموا باضرام النار في الخيم لدفع المتظاهرين الى الهرب وفك الاعتصام وهو ما اوجب تدخل فرق الاطفاء للسيطرة على الحريق. وعاود المعتصمون التجمع في المنطقة بعد هدوء الوضع نسبيا كما انضم اليهم النائب في البرلمان عن حزب السلام والديمقراطية الكردي سري ثريا اوندر الذي وقف امام الجرافات ومنعها من متابعة عملها, كما طالب الشرطة بكسر الطوق الامني الذي فرضته حول المكان حيث استجابت للطلب وعادت الى نقطة تمركزها في الساحة. والقى النائب اوندر كلمة مقتضبة امام الصحفيين الموجودين في الحديقة حذر فيها من استثمار البعض لتحركهم ونشاطهم في ارتكاب "اعمال تخريبية". وكان زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليجدار اوغلو ايضا قد حضر الى مكان الاعتصام ليعلن دعمه للمتظاهرين وابدى اعتراضه الشديد على بناء الجسر الثالث في اسطنبول لانه سيقضي على جميع الغابات الموجودة بشمال المدينة. واكد كليجدار اوغلو ان الجسر المزمع بنائه بالاضافة الى المشاريع الاخرى مثل شق ومد خط انابيب الغاز وكذلك مشروع المترو ستضر بالبيئة وتقضي على جميع مظاهر الغابات التي تغطي شمال اسطنبول. وقد اعلن حزب الشعب الجمهوري انه سيرفع دعوى ضد الحزب الحاكم لسماحه لقوات الامن بالتعدي على المتظاهرين السلميين, وحرق خيمهم, محملا مسئولية هذا العنف لحكومة رجب طيب اردوغان التي "لم تحرك ساكنا الى الآن رغم مرور اربعة ايام على التظاهرة, وترفض الاستجابة لمطالب المعتصمين المشروعة في حماية بيئتهم وحديقتهم التاريخية". ولازالت الشرطة عاجزة عن فض الاعتصام الذي يستمر الى اليوم بمشاركة عدد كبير من الفنانين المشهورين ومن ضمنهم مقدم برنامج توك شو شهير في تركيا, وهو اوكان بايلغان الذي تحدى قوات الامن ان تمارس القوة المفرطة ضد المتظاهرين, قائلا "نحن هنا نعتصم منذ ايام بصفة بريئة وديمقراطية, ومن اجل حماية هذه الأشجار البريئة العاجزة عن الدفاع عن نفسها, وليس لدينا اي هدف آخر.. كلنا مرابطون لحماية هذه الأشجار ولندافع عن بقائها لانها هي التي تقدم لنا الهواء النظيف لنستنشقه". وقد تقلصت مساحة تلك الحديقة التي انشئت في عام 1940 تدريجيا عبر بناء فنادق فخمة في ضواحيها واعلنت بلدية اسطنبول, وهي اكبر مدينة في تركيا يسكنها حوالي 15 مليون نسمة, ان الاشجار المقتلعة ستزرع مجددا في اماكن اخرى. يذكر ان كبرى التظاهرات في تركيا عادة ما تنظم في ساحة "تقسيم" الشهيرة بمدينة اسطنبول السياحية.