تحرير و ترجمة : خالد مجد الدين محمد دخلت الأزمة في منطقة اليورو ما يمكن أن تكون مرحلتها النهائية والأكثر خطورة ،حسب صحيفة وول استريت جورنال ، فنتائج الانتخابات الإيطالية - الغير حاسمة - لم تترك البلاد فقط مع برلمان معلق وأزمة سياسية قد تمتد أشهر ، ولكنها ايضا أرسلت رسالة واضحة ضد اجراءات التقشف الضرورية . فقد انتهت الانتخابات البرلمانية في إيطاليا دون قدرة اى حزب أو تكتل في تحقيق أغلبية قادرة على تشكيل الحكومة وحكم ثالث أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو ، حيث فاز بيير لويجي برساني يسار الوسط بفارق ضئيل عن كتلة رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني في مجلس النواب ولكنه فشل في الحصول على أغلبية في مجلس الشيوخ. بينما فازت حركة "خمس نجوم" للكوميدي بيبي غريللو الذي قاد حملة شعبية على تدابير التقشف بنحو 25 في المئة من الاصوات ، و اكد أن الحركة لا تميل إلى تشكيل تحالف حاكم مع برساني أو برلسكوني . و ما تمخضت عنه الانتخابات سوف يضع البلاد فى حالة من عدم اليقين السياسي، في حين أن الرسالة المضادة للتقشف تعني أن تكاليف الاقتراض لايطاليا وغيرها من البلدان المدينة ستبدأ على الأرجح في الارتفاع من جديد.. وهذا هو مكمن الخطر..فإذا ارتفعت تكاليف الاقتراض ، سيواجه صناع السياسة في منطقة اليورو مشاكل على نطاق واسع لم يواجهوها من قبل مع حوالى اكثر من 2 ترليون يورو من الديون الخارجية على ايطاليا. و بالنظر لعمليات الإنقاذ الموسعة التي منحت لليونان على مدى السنوات القليلة الماضية، نجد ان اليونان كانت تعانى من ديون تبلغ نحو400 مليار يورو من القروض الخارجية.. بطبيعة الحال، ايطاليا هي قصة مختلفة اقتصاديا ، هى في وضع أفضل بكثير من اليونان ، وليس هناك حديث عن خطر التوقف عن السداد. ومع ذلك، فان رفض الشعب الإيطالي الآن للحكومة التي شرعت في اجراء الإصلاحات الهيكلية، يمكن ان يفقد شهية المستثمرين الدوليين الذين كانوا سعداء لدعم السوق السندات الايطالية .. بل قد يمتد الاثر ليس فقط للسندات الإيطالية ولكن لتلك البلدان المدينة الأخرى. ومن خلال رفض الإصلاحات، نجد ان إيطاليا لا تضع فقط تنميتها الاقتصادية في المستقبل في خطر ، لكن أيضا بانتقال العدوى إلى الدول المدينة الاخرى في منطقة اليورو التي هي بالفعل بدأت فى اجراء إصلاحات لا تحظى بشعبية بشكل عميق . وخلال الأشهر القليلة الماضية، كان الوعد الذي قطعه البنك المركزي الأوروبي بأنه سيدعم أسواق السندات بالبلدان المدينة ما دامت قد شرعت فى الإصلاحات الرئيسية ، سببا فى انخفاض حاد للتوترات في منطقة اليورو.. لكن الآن على الشعب الإيطالي إعادة فتح النقاش حول ما اذا كانت أغنى دول منطقة اليورو على استعداد لمواصلة مساعدة البلدان الأكثر فقرا أم لا ؟. و على جانب التأثير الفورى ، تسببت نتائج الانتخابات الإيطالية وحالة عدم اليقين السياسى فى تراجع اليورو ليغلق عند 1.30 دولار.. كذلك تراجعت الاسهم والسندات الحكومية الايطالية بشكل حاد اليوم وهبطت الاسهم في مؤشر سوق الأسهم الرئيسي بنسبة 4.6 في المئة. وتأثرت الاسواق المالية العالمية مسجلة تراجعا كبيرا أيضا مدفوعة بقلق المستثمرين من ان واحدة من أكبر الاقتصادات في أوروبا لن تكون قادرة على تشكيل ائتلاف حكومي يمكن أن يستمر في تنفيذ تدابير التقشف التي لا تحظى بشعبية ، و العمل على خفض الديون الايطالية عالية المخاطر وتجنيب أوروبا الوقوع في أزمة مالية جديدة . و نتيجة الوضع الجديد فى ايطاليا ، يجد صانعو السياسة في منطقة اليورو أنفسهم فى مأزق ، خلال محاولة انقاذ العملة الموحدة و هم مضطرون إلى توفير مزيد من الأموال للحفاظ على عمليات الإنقاذ للدول السابقة و الدول اللاحقة على الطريق ، وإلا سيكون مستقبل منطقة اليورو هذه المرة موضع شك كبير .