تجاهلت البورصة المصرية أحداث العنف بالشارع وعدم الوفاق السياسي والتخفيض الائتماني للسندات الحكومية ونجحت في الصمود في المنطقة الخضراء خلال الأسبوع الثاني من فبراير 2013. وكان للمؤسسات والأفراد المحليين دورا فاعلا، فضلا عن الشركات الكبرى بالسوق، إلا أن الحذر الاستثماري ما زال رفيق التداولات وسط تعطش لأنباء جديدة أو استقرار سياسي يمهد لحراك اقتصادي يحفز السيولة. وقال رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب لإحدى شركات إدارة المحافظ المالية وائل عنبة إن السوق خصمت من حساباتها الأحداث السلبية سواء السياسية أو الاقتصادية؛ ودلل على ذلك بأنه رغم انخفاض الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي وتخفيض التصنيف الائتماني لمصر للمرة السادسة إلا أن البورصة ظلت تدور في 100 نقطة. وأرجع عنبة ذلك إلى وجود أحداث جوهرية لدى الأسهم الكبرى في السوق مثل عرض شراء أسهم أوراسكوم للإنشاء والصناعة المقدر ب280 جنيها؛ وذلك أدى إلى خلق مشتر في السوق كلما قل السهم عن 260 جنيها؛ وهو الأمر الذي ساند المؤشرالرئيسي للسوق، كذلك عرض الشراء المقدم لبنك سوسيتيه جنرال وهو ما دعم أسهم قطاع البنوك وعلى رأسها "البنك التجاري الدولي". وأشار خبير أسواق المال إلى أنه بالرغم من أن السوق "متكتف" إلا أن الأفراد كانت تحاول خلق فرص هي الأخرى؛ وهو ما ظهر في بعض أسهمها كسهم "الجوهرة" و"شيمي" للخزف والصيني. موسم الكوبونات من جانبه؛ قال مدير إدارة الاستثمار بإحدى شركات الاستثمارات المالية أحمد العطيفي إن البورصة المصرية سجلت أقل قيم تداول خلال الأسبوع الماضي، إلا أنها تجاهلت المليونيات وما يحدث في الشارع من أعمال عنف، كما أنها لم تتأثر بشكل سلبي بتخفيض مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني للسندات الحكومية المصرية من (بي2) إلى (بي3)؛ معللا ذلك بأنها الوكالة الثالثة التي خفضت التصنيف الائتماني لمصر لذلك فهو أمر متكرر ومتوقع. واستطرد قائلا إن الخفض وضع مصر في دائرة الخطر في قدرتها على سداد ديونها، كما أنه سيؤي إلى ارتفاع تكلفة الديون على مصر. ولفت العطيفي إلى أن الأمر الإيجابي خلال الأسبوع كان موافقة الجمعية العمومية غير العادية لأوراسكوم للإنشاء والصناعة على عرض الشراء المقدم من شركة "أوراسكوم إن في" الهولندية للاستحواذ على أسهم الشركة بسعر 280 جنيها للسهم؛ مشيدا بقرار هيئة الرقابة بأن يكون التصويت للأقلية فقط، وذلك للحفاظ على حقوق صغار المستثمرين وذلك بعد استبعاد مساهمات عائلة ساويرس وأبراج كابيتال الإماراتية وشهادات الإيداع الدولية من التصويت. وأوضح خبير أسواق المال أن موافقة الجمعية العمومية لأوراسكوم للإنشاء ساهمت في استقرار سعر السهم ما بين 260 / 263 جنيها وهو ما أثر إيجابيا على المؤشر الرئيسي للسوق. وكان من اللافت للنظر - يستكمل العطيفي - أن مشتريات المؤسسات المصرية التي أرجعها إلى ما أسماه ب"موسم الكوبونات" حيث يبدأ المستثمر في خلق مراكز مالية في الشركات التي توزع كوبونات؛ وذلك مع اقتراب موعدها وهو في شهر أبريل عقب الكشف عن نتائج الأعمال. التصنيف السلبي صعب تحسينه في المقابل؛ أوضح نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل و الاستثمار محسن عادل أن تعاملات الأسبوع شهدت تذبذبا في إطار نطاق عرضي بعد مواجهة مؤشرات البورصة لمستويات مقاومة أدت إلى ظهور عمليات جني أرباح وسط نقص قيم التعاملات رغم تحفز القوى الشرائية في السوق للاستمرار في المشتريات الانتقائية مطلع الأسبوع، إلا أن صدور تقرير وكالة "موديز إنفستورز سرفيس" بخصوص التصنيف الائتماني للسندات المصرية منتصف الأسبوع أعاد حالة الحذر الاستثماري للمتعاملين مرة أخرى؛ منوها إلى أنه "تتمثل المشكلة عندما تفقد البلاد درجة أو أكثر (من التصنيف) في صعوبة استردادها". وأضاف عادل أن السوق امتازت بعدم وجود ضغوط بيع كبيرة، مضيفا أنه من المفترض أن تكون هذه علامة إيجابية لكن السوق لا تزال ضعيفة إذ أن المراهنين على الصعود غير قادرين على دفع السوق لتجاوز مستوى المقاومة المهم عند 5800-6000 نقطة؛ بسبب عدم التيقن بشأن مستقبل البلاد، لذلك فإن محافظة السوق على مستوياتها الحالية تجعلنا نعتبر أن السوق أخذت بالفعل كل الأحداث في حسبانها"، موضحا أن إقبال المستثمرين الأفراد شكل المحرك الرئيسي للسوق مع نشاط لتعاملات المؤسسات المحلية فيما مالت المؤسسات الأجنبية للبيع لجني الأرباح بصورة إجمالية على مدار التعاملات. وأشار خبير أسواق المال إلى أن الأسبوع عكس فترة انتظار المستثمرين لإفصاحات الشركات عن أدائها المالي خلال العام المنصرم وتوصيات مجالس إداراتها بشأن التوزيعات لمعرفة وتحليل جميع تلك البيانات والمعلومات في اتخاذ القرارات الاستثمارية على نحو صائب، مضيفا أن هناك تراجع في الشهية البيعية للمتعاملين بصورة عامة فهناك محاولة لاقتناص الصفقات من السوق حتى الآن عند المستويات السعرية الحالية للاستفادة من الانخفاضات السعرية. وأوضح نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل أن أحجام التداولات لا تزال تدور حول نفس مستوياتها وإن شهدت تحسنا نسبيا خلال الجلسات؛ مما يعكس استمرار الحذر الاستثماري. وقال إن "الجميع يريد الاطمئنان أولا على مستقبل البلاد السياسي والاقتصادي قبل أن يضخ استثمارات جديدة "، مضيفا أن استقرار الأوضاع داخل السوق سيرتبط في الأساس باستقرار الأوضاع في الشارع السياسي المصري؛ فالسوق يتعطش خلال الفترة الحالية لظهور أنباء جديدة أو حدوث استقرار سياسي يمهد لحراك اقتصادي يحفز السيولة على العودة مرة أخرى كقوة محركة للتعاملات.