ولت الايام التي كانت تقصف فيها غزة وتصمت مصر، بل ويسند وزير خارجيتها أبو الغيط نظيرته الاسرائيلية تسيبي ليفني حتى لا تسقط من على سلم الطائرة. اليوم يستقر من اعتبر المقاومة الفلسطينية ارهابا في سجن طرة ومعه كل من سايره على هذا النهج (نظيف وحبيب والشريف وسرور وعز وجمال). اليوم ينتفض رئيس مصر الثورة العزيزة الأبية ضد الهجمة الصهيونية ويرسل رئيس وزرائه ضمن وفد كبير لمؤازرة أهلنا في غزة في مواجهة العدو الصهيوني. اليوم نكتب بحرية ونقف في خندق حركة المقاومة الاسلامية حماس، بعد ان ألغى "الرقيب" قبل ثورة 52 يناير، مقالين كتبتهما ضد الاجتياح الاسرائيلي لغزة أواخر عام 8002 وبداية 2009. وعبثا حاولت افهام الزميل "الرقيب" او "الرقيب" الزميل انه اذا اعتدت إسرائيل على أي طرف عربي، فهناك فقط خندقان: خندق العدو وخندق الصديق، وما لم نؤيد حماس فاننا بالتالي نكون في خندق العدو وهذا لا يليق بمصر او صحفيي مصر. ثورة 25 يناير وثوارها الابرار أعادوا لمصر عزتها وكرامتها وقامتها التي أصبحت تطول عنان السماء بفعل قرارها المستقل الذي لم يعد ينتظر الاوامر من العم سام أو الضوء الاخضر من الاتحاد الاوربي. قلبت ثورات الربيع العربي موازين القوى في الشرق الاوسط، ومكنت حركة حماس من امتلاك صواريخ تطول تل ابيب التي ظنوا انها "مانعتهم حصونهم"، فاذا بحماس تضرب قلب العاصمة الصهيونية وموانيها وتحول قبتهم الحديدية الى تاج الجزيرة (السلطانية) التي لبسها كل من نتنياهو وليبرمان. عن اي ردع يتحدث القادة الصهاينة في الوقت الذي توقف التعليم تماما في بعض المدن الاسرائيلية بعد غارات حماس الصاروخية، وأغلقت المدارس أبوابها، كما صدرت التعليمات للسكان بألا يبتعدوا عن الملاجئ أكثر من خمس عشرة ثانية. وقال أحد العسكريين الصهاينة ان غارات حماس الصاروخية تبقي نصف سكان اسرائيل رهائن. كما ان الصاروخ الذي سقط على تل ابيب اثار فزع وبكاء مجندات الجيش الاسرائيلي اللائي لم يشاهدن مثل هذه الغارات من قبل. فلاول مرة منذ 22 عاما تدوي صفارات الانذار في قلب عاصمة العدو. لذلك بدأت أول امس حركة نزوح كبيرة من تل ابيب اتقاء للغارات الفلسطينية. يكفيهم رعبا ما ذكره موقع "يديعوت احرونوت" على الانترنت بأن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو كان داخل مقر القيادة العامة للجيش "هكرياه" خلال قصف مدينة تل ابيب، واضطر للهرب برفقة مساعديه إلى أحد الملاجئ المحصنة داخل المقر. وصدق الله تعالى حين قال في محكم آياته "لا يقاتلونكم إلا في قرى محصنة او من وراء جدر، بأسهم بينهم شديد، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى". ربما نسي الاسرائيليون أيضا حكايات "البامبرز" مقاس "اكس لارج" الذي اجبرت قوات وزارة الحرب الاسرائيلية جنودها على ارتدائه خلال عملية الرصاص المصبوب ضد غزة عام 2008، فقد اكتشف الاسرائيليون وقتها أن اكثر حوادث مصرع جنودهم على ايدي رجال المقاومة، تقع حين يغادر الجنود مدرعاتهم لقضاء الحاجة، فكانت التعليمات "اعملها على روحك" او "البس بامبرز" لتتحول عملية الرصاص المصبوب الى الاسهال المسكوب. افتضح امر الجنود الصهاينة مع البامبرز بعد ان عادت المدرعات ادراجها وانسحبت من قطاع غزة، ليكتشف مجاهدو حماس اعدادا ضخمة من "غيارات" البامبرز المستعملة، حول الاماكن التي تمركزت فيها المدرعات. حقا: "وإذ يوحي ربك للملائكة اني معكم، فثبتوا الذين آمنوا، سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب، فاضربوا فوق الاعناق واضربوا منهم كل بنان". بكى. . فبكيت. . رغم انه جاءني مهنئاً. . ردد على مسامعي آية قرآنية ومثلا عاميا. . قال من القرآن: "ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين" أما المثل فهتف بأعلى صوته: "ولابد من يوم معلوم تترد فيه المظالم، ابيض على كل مظلوم، اسود على كل ظالم". . كانت هذه كلمات استاذنا الكبير عثمان لطفي في الثامن من اغسطس الماضي حين صدر قرار مجلس الشورى بتشريفي بتولي رئاسة تحرير جريدتنا العظيمة "أخبار اليوم". . . قال الراحل الكبير: "لقد تعرضت يا سليمان لظلم بين، واليوم أنصفك الله ممن ظلموك ورد لك حقوقك". خسارتنا في اخبار اليوم فادحة برحيل شيخ مخرجي الصحافة المصرية الحاج عثمان لطفي الذي احسن فن تنسيق الصفحات صنعا. . لا اقول وداعا، لكن ابتهل الى الله بما علمنا اياه رسول الله صلى الله عليه وسلم في رثاء موتاه "اللهم ألحقنا به على الايمان الكامل، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله ولجميع المسلمين، اللهم احشره مع النبيين والصديقين والصالحين والشهداء وحسن اولئك رفيقا". طبت حيا وميتا يا أستاذ عثمان، "وإنا لله وإنا إليه راجعون". نقلا عن جريدة أخبار اليوم