قبل بدء الترشح للانتخابات الرئاسية في البلاد غدا الاثنين' رفع مئات الآلاف من الأتراك علم بلادهم ، ونزلوا إلى الشوارع مرددين شعار "لا نريد إماما رئيسا" في علامة على دفاعهم عن العلمانية ورفضهم أن يتقدّم رئيس الوزراء الحالي رجب طيب إردوغان، ذو التوجهات الإسلامية، بترشيحه لرئاسة البلاد.ويخشى كثيرون من أن وصول إردوغان ، إلى سدّة الرئاسة، قد يطلق يد الحكومة كي تنفّذ أجندة إسلامية. وزاد من تلك المخاوف تصريحات أطلقها في الآونة الأخيرة عدد من أعضاء حزب العدالة والتنمية اقترحوا فيها أن يتمّ تغيير نظام مؤسسة الرئاسة في البلاد لتكون مماثلة للنظام المتبّع في الولاياتالمتحدة. الرئيس الحالي لتركيا نجدت سيزر والتى تنتهى فترة ولايته مايو المقبل اعرب عن رايه فى ان التشدد الإسلامي يشكّل تهديدا قويا للبلاد فى الوقت الحالى أكثر من أي وقت مضى. وقبل ذلك، عبّر رئيس هيئة أركان الجيش التركي الجنرال ياشار بيوكانيت عن الأمل في أن يتولى الرئاسة شخصية تتحلى بالوفاء لمبادئ الجمهورية، ليس قولا فقط وإنما بالفعل فيما عدّه محللون تحذيرا لإردوغان. يشار الى ان الجيش التركي يعدّ بمثابة حماية للعلمانية فى البلاد وقد سبق ان نفذ ثلاثة انقلابات وأجبروا رئيس الوزراء السابق نجم الدين أربكان، صانع صعود نجم إردوغان، على الاستقالة حيث اعتبره الجنرالات متدينا جدا. وفيما يقول حزب العدالة والتنمية الذى ينتمى اليه اردوغان إنه لا يريد فرض جمهورية إسلامية، أثار رئيس الوزراء إردوغان بتصريحاته حول الحجاب، الذي تمنعه تركيا في المؤسسات العامة والمدارس، وكذلك حول تعزيز المؤسسات الدينية، قلق الكثيرين. وفى السياق ذاته كشفت مصادر بحزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا عن وجود انقسام فى الرأى بين قمة الحزب وقواعده بشأن ترشيح رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان لمنصب رئيس البلاد . حيث اعلنت ان 70 % من قواعد الحزب وتشكيلاته يرفضون ترشيح أردوغان لهذا المنصب لأنه سيؤدى الى اضعاف الحزب وأن بقاء أردوغان فى منصب رئيس الوزراء ورئيس الحزب سيقوى الحزب فى الانتخابات البرلمانية التى ستجرى فى نوفمبر المقبل وهو الرأى الذى يتبناه 50 % من المواطنين الاتراك . على جانب آخر طالب نواب الحزب الذين أجرى أردوغان مشاورات معهم فى الفترة الأخيرة طالبوا جميعا بأن يرشح أردوغان نفسه لمنصب رئيس الجمهورية لأن معنى عدم ترشحه انتهاز حزب الشعب الجمهورى المعارض الفرصة للدعاية لنفسه وتأكيد أنه نجح فى اثناء أردوغان عن الترشح للرئاسة. وتخشى الصفوة العلمانية فى تركيا والتى تضم جنرالات بالجيش وقضاة من أن يحاول أردوغان كرئيس إضعاف السياسة التركية الصارمة الخاصة بالفصل بين الدين والدولة. وذلك فى الوقت الذى ينفى هو فيه أن تكون له أجندة اسلامية ويقول إنه أنفصل عن ماضيه وهو الان ديمقراطى محافظ. ورغم أنّ منصب الرئاسة فى تركيا يعدّ شرفيا، إلا أنّه بات مع ذلك رمزا لعلمانية الدولة في ظلّ سيزر، وهو قاض سابق في المحكمة الدستورية سبق له أن نقض عددا كبيرا من الأحكام اعتبرها متناقضة مع روح العلمانية التركية.كما عارض تعيين مئات من الأشخاص الذين يقول إنهم مقرّبون من الأوساط الإسلاموية، في مناصب رفيعة في الدولة. يذكر أنه، وبعد مرور خمس سنوات لها في السلطة، حققت حكومة أردوغان العديد من الاصلاحات الديموقراطية ' الا ا نه بالنسبة للعديد من الأتراك، فإن الحفاظ على خط فاصل بين الدين والسياسة هو المفتاح لإبقاء تركيا، ذات الغالبية المسلمة من السكان، كدولة معتدلة وجمهورية حديثة. وقد يقرب الخطى من تحقيق حلم الاتراك فى الانضمام للاتحاد الاوربى .
على صعيد آخر يقوم رئيس الوزراء التركى رجب طيب اردوغان بزيارة حاليا الى المانيا بدأها امس السبت وتنتهى غدا الاثنين يلتقى خلالها والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل فى اطار معرض هانوفر والذى اختيرت تركيا لتكون ضيف الشرف فيه هذا العام . ويبحث اردوغان مع ميركل موضوع انضمام تركيا الى الاتحاد الاوربى والذى تتولى المانيا رئاسته حاليا مطالبا برؤية واضحة وتحديد برنامج زمنى للمفاوضات ويعتبر اردوجان عام 2014 او 2015 هو التاريخ المناسب لانضمام تركيا للاتحاد الاوربى . ويرى وزير الخارجية الالمانية فرانك فالتر شتاينماير ان انضمام تركيا للاتحاد الاوربى سيكون له تأثير ايجابى على الوضع الامنى فى اوربا وطالب شتاينماربالاشادة بنجاح الاصلاحات التركية بشكل اوضح محذرا من ان عدم التجاوب مع تركيا يمكن ان يدفع بايادى من يقفون فى وجه التطور , معربا عن توقعه ان يؤدى انضمام تركيا للاتحاد الاوربى الى احداث انعاكاسات ايجابية فى العالم الاسلامى ومعتبرا ان تركيا تعد الدليل على عدم وجود تناقض بين الاسلام والديموقراطية .