يجهل كثير من أولياء الأمور والمعلمين أهمية اللعب في بناء شخصية الطفل ،فمنهم من يحجز ابنه في المنزل خوفا عليه من أن يتعرض لمكروه ، ومنهم من يبخل عليه بثمن لعبة يلهو بها ، ومنهم من يريد أن يكرس أبنه كل وقته للمذاكرة وتحصيل العلم . غير أن الخبراء التربويين قد أجمعوا على أهمية اللعب لتنمية شخصية الطفل من جميع جوانبها . فما أهم فوائد اللعب؟ وهل تشكل بعض الألعاب خطرًا على نفس الطفل وعقله؟ يمارس الطفل اللعب في أشكاله البدائية مذ يصبح قادرا على تحريك أطرافه، وذلك لما للعب من دور حيوي في نموه فهو أداة الطفل الرئيسية لتصريف الطاقة الزائدة لديه ، وهو ضروري لصقل وتهذيب الكثير في غرائز الطفل ، كذلك فان اللعب يعمل على تدريب الطفل على التعاون مع الآخرين ، إضافة إلى أنه يعمل على تجديد نشاط اللاعب بعد قيامة بأعماله. وفي الآونة الأخيرة تطورت الألعاب بشكل مذهل، فانتجت المصانع انماطا من الالعاب الالكترونية التي تعود على منتجيها بأرباح هائلة، وقد حققت احدى الالعاب التي بيعت في الولاياتالمتحدة الاميركية مؤخراً ربحاً مقداره 8ر8 مليار$، وتدر صناعة ألعاب الكمبيوتر بوجه عام على اقتصاد الولاياتالمتحدة عائداً مادياً يصل الى 25 مليار دولارا سنوياً. ورغم الفوائد العديدة للألعاب إلا أنها قد تشكل خطرًا جسيمًا على شخصية الطفل إذا أدمن على ممارستها ، بحيث تشكل عائقا يحول دون قيامة بواجباته المدرسية بصورة مرضية ، فترى الطفل يعزل نفسه في غرفته وينسى مذاكرته وكل شيء حوله ؛ لفرط انسجامه في اللعب ، ويشبه بعض الباحثين إدمان الطفل على اللعب بإدمان متعاطي المخدرات عليها . وفي الآونة الأخيرة انتشرت الألعاب الإلكترونية في المجتمعات العربية على نطاق واسع ، وقد ساعد على هذا الانتشار المذهل مجموعة من العوامل أهمها: أ.الانتشار الواسع لمحلات بيع وتأجير هذه الألعاب . ب.رخص ثمنها بحيث أصبحت متاحة لجميع فئات المجتمع . ج.كثرة المصانع التي تنتج هذه الألعاب . ويرد الباحثون سبب تعلق الصغار والكبار بهذه الألعاب إلى مجموعة من العوامل منها: واقعية الصور والإحداث واللون والحركة ومؤثرات الصوت . سمة التحدي التي تتميز فيها الصورة ، بحيث تولد لدى اللاعب إصرارًا على مواصلة اللعب حتى يتغلب على أبطال اللعبة الشبه بين الألعاب الإلكترونية وأفلام الرسوم المتحركة المحببة للأطفال . سهولة تعلمها وممارستها. والألعاب الإلكترونية التي تستهوي الصغار والكبار هي ألعاب العنف التي لاقت إقبال أوصل إلى درجة الهوس ، فقد اصطف عشاق هذه الألعاب من الأمريكيين والفرنسيين والبريطانيين في طوابير طويلة لشراء لعبة Mortatkom بعد الإعلان عن نزولها إلى السوق فحققت خلال شهر واحد أرباحًا وصلت إلى 150مليون دولار . والخطر الجسيم لألعاب العنف يبرز من تعزيز اللعبة لسلوك القتل والتدمير وغير ذلك من الممارسات العدوانية ، بحيث يكون الطفل الفائز في اللعبة هو الطفل الذي يمارس اكبر قدر من التدمير وسفك الدماء . ومن الآثار السلبية التي تحدث لدى بعض الأطفال المدمنين على ممارسة العاب العنف : الاعتياد على ممارسة أعمال العنف والتدمير وسفك الدماء . قسوة القلب وتبلد المشاعر فلا يتأثرون بمشاهدة المناظر البشعة . يصاب بعض الأطفال بالقلق والخوف ويفقدون الأمن والطمأنينة . وقد توصلت دراسة قامت بها الباحثة ( اندرسن ) حول مخاطر الألعاب الإلكترونية العنيفة إلى أن هذه الألعاب ، تعلم الطفل ممارسة الحلول العنيفة للنزاعات تزيد من عدوانية الأطفال . وهكذا فإنَّ للعب أهمية كبيرة لنشأة الطفل ؛ لأن معظم المعلومات والخبرات والقيم والتوجهات التي تنمي عقله وجسمه يحصل عليها عن طريق اللعب ، وحيث إن الألعاب ذات تأثيرات بالغة على سلوك الطفل وتفكيره ، فإنه يُنصح بأن يحرص الآباء والمعلمون على تمكين الطفل من الحصول على الألعاب النافعة وممارستها تحت الملاحظة ، كما يُنصح باجتناب الألعاب الضارة التي تطبعه بطابع من العنف والقسوة . كذلك فان الكثير من الألعاب المستوردة ، تزود الطفل بقيم منحرفة ، وتوجهه نحو سلوكيات لا تلائم خصوصيات المجتمعات العربية . ولكي تحسن المؤسسات التربوية الاستفادة من الألعاب ، فانه ينبغي لها أن تأخذ الملاحظات الآتية بعين الاعتبار : اختيار الألعاب المفيدة لعقل الطفل وجسمه . اجتناب الألعاب الضارة التي بتطبعه بطابع الخوف أو العنف أو القسوة واللامبالاة . دراسة الآثار التي تترتب على ممارسة هذه الألعاب بمنهجية علمية . التنسيق مع الدوائر المختصة من أجل الاقتصار على استيراد الألعاب النافعة ومنع دخول الألعاب الضارة . العمل على توفير البدائل الملائمة كالملاعب والحدائق والنوادي الاجتماعية . فإذا استطاع القائمون على تربية الطفل إدراك أهمية اللعب ، واستطاعوا توظيفه في بناء شخصية الطفل ، فإنهم يكونون بذلك قد قدموا له خيرًا كثيرًا ، أما ان تركوه يمارس ما يحلو له من ألعاب دون توجيه ومراقبة فإنهم يكونون بذلك قد تركوه في مهب الريح ، وقد يفقد براءة طفولته ، ويتحول إلى