أصبح المشيب المبكر من أكثر الظواهر التي تؤرق الشباب في الوقت الحاضر بل وأكثرها انتشارا وفي الوقت نفسه لا يمكننا القول إنها ظاهرة غير صحية. فعندما يتحول شعر الإنسان إلى اللون الأبيض أو الرمادي في مرحلة متقدمة من عمره، سيتم النظر إلى ذلك على أنه ظاهرة طبيعية مرتبطة بالتغيرات التي تحدث للإنسان عند هذه المرحلة العمرية الجديدة. أما إذا حدث ذلك في سن مبكرة ونقصد سن العشرين فهو الشيء الذي يدعو إلى الدهشة. أحمد إبراهيم شاب في الثالثة والعشرين من العمر وهو يعاني من مشكلة باتت تسبب له حرجاً وتؤثر على نفسيته، ألا وهي انتشار الشعر الأبيض (الشيب) في رأسه. أحمد سرد قصته مع الشيب قائلا: لقد بدأ الشيب يدب بشعري قبل أربع سنوات تقريباً وفي تلك الفترة كنت ألجأ إلى استخدام المقص للتخلص منه، وبدأ الشعر الأبيض في الازدياد واستمررت في قص الشعر، لكن لكثرته وغزارته اضطررت لإطالته كي أخفي الشعر الأبيض لأنني إذا قصرت شعري سيظهر الشعر الأبيض بوضوح فقد بات منتشراً في كل أنحاء رأسي. الآن توقفت عن قص الشعر الأبيض لسببين الأول اليأس الذي أصابني والثاني أن صديقاً لي أخبرني بأن قص الشعر الأبيض يؤدي إلى زيادته. وقد اعتمدت فترة طويلة على صبغ الشعر، ولكن هذا لم يؤت بنتيجة، فهو حل مؤقت فقط لقد بت أخجل من الظهور بذلك الشعر، فهذه المشكلة سببت لي صدمة نفسية، فأنا دائم التفكير بها وأنا في هذه السن المبكرة. ظهور الشيب: وعن الشيب وكيفية ظهوره حدثتنا د. فريدة الملا اختصاصية الأمراض الجلدية والتناسلية قائلة: قد يتساءل البعض عن الفترة التي يستغرقها الشعر لكي يتحول إلى هذا اللون الجديد، وهو الأمر الذي يصعب تحديده ومعرفته على وجه الدقة، لأنه يحدث تدريجياً على أشهر أو سنوات عديدة بل وعقود (عشرات السنين) ويقترن ملاحظة شيب الرأس (أو الشعر الأبيض) بدرجة دكانته. ويظهر الشيب نتيجة توقف بصيلة الشعر عن إنتاج المادة التي تكسب الشعر لونه الطبيعي سواء الأسود أو الأشقر حيث نجد العديد من الشباب يتحول لون شعرهم كلية إلى اللون الأبيض في سن العشرين، في حين يحتفظ أشخاص آخرون باللون الأسود للشعر حتى بلوغهم سن الستين والسبعين. ويمكننا القول إن العامل الوراثي له دخل كبير في ذلك، والشيء الذي لا يعرفه الكثير منا أن الشعر لا يتحول إلى اللون الرمادي بل هو شعر ينمو من بصيلات جديدة تحل محل بصلية الشعر الأسود لأن شعر الإنسان يتساقط كل يوم وتحل محله خصل جديدة في المكان نفسه وتتحكم مادتان أساسيتان في لون الشعر وهما مادتا: الميلانين (Melanin) والفيوميلانين Pheomelanin. بالنسبة لمادة الميلانين فهي مسؤولة عن اللون الأشقر والبني والأسود للشعر ويعتمد ذلك على مدى تركيز المادة الصبغية في الشعر. أما مادة الفيوميلانين، فهي مسؤولة عن اللون الأحمر واللون الشبيه بالأحمر في الشعر الأشقر والبني والأسود. وعندما يتوقف الجسم ( وذلك مع تقدم السن ) عن إفراز هذه الصبغات التي تكسب الشعر ألوانه المختلفة، يتحول الشعر إلى اللون الرمادي الأبيض وهذا مازال سراً من أسرار عالم الشيخوخة الغامض، والشيء نفسه بالنسبة للشاب الذي يتعرض للمشيب في سن مبكرة. لكن الشيء المثير للدهشة، إن الأشخاص الذين يتعرضون للعلاج الكيميائي ولهم شعر رمادي، فعند تساقطه بتأثير هذه المواد الكيميائية، فإن الشعر الجديد الذي ينمو يرجع إلى لونه الأصلي ولم يستطع أحد أيضاً تفسير هذه الظاهرة حتى الآن. ويكون الحل عند بعض الأشخاص استخدام صبغات الشعر. ضغوط نفسية: وحول دور العامل النفسي في ظهور الشيب حدثنا د. عامر سعد الدين اختصاصي الطب النفسي قائلاً: إن للضغوط النفسية آثاراً صحية سلبية تطال الجسم بشكل عام، فهي قد تسبب أمراضاً للقلب وقد تصيب بالقرحة. وفي حال الضغوط النفسية الشديدة هناك دراسات تفيد بأن الشخص قد يتعرض للإصابة بالأورام الخبيثة أيضاً. أما بخصوص دور الضغوط النفسية بظهور الشيب، فبعض العوام يقولون إن كثرة ضغوط الحياة تشيب الرأس. وهناك بعض الظواهر والحالات تشير إلى ذلك، ولكن هذا الأمر لم يثبت علمياً ولا توجد دراسات تحدثت عن دور الضغوط النفسية في ذلك. ومن الطبيعي أن يتأثر الشخص ويشعر بالضيق خصوصا إذا كان يافعاً إذا ما بدأ يظهر الشعر الأبيض في رأسه. فهو قد يخجل ويشعر بأنه مختلف عن من هم في جيله، ولكن يمكن أن يتفادى ذلك بصبغ الشعر ومحاولة إخفاء الشعر الأبيض بأي طريقة وعلى من حوله محاولة إقناعه بأن ما أصابه لن يؤثر عليه ولن يجعله متقدماً في العمر. فهو شاب وكثير من الشباب أصلاً شعورهم مائلة للبياض وعليه أن يتعايش مع ذلك بشكل طبيعي.