أكدت التقارير الاقتصادية على أن أي شخص يأمل في حدوث انتعاش سريع في أسعار النفط يجب ان يستعد لخبية أمل كبرى ، فما كان يشبه ارتداد في أسعار النفط قبل بضعة أشهر ، تحول الآن رسميا إلى سوق هابطة بالفعل .. لقد تراجعت أسعار النفط في أمريكا الشمالية حوالي 22 في المائة الشهر الماضي، لتصل الى نحو 47،50 دولار للبرميل انخفاضا من 61 دولار للبرميل. التباطؤ في صناعة النفط مستمر بلا هوادة ، و الاستثمار متوقف فقد اجلت كبرى شركات النفط مشروعات تنقيب و تطوير بنحو 200 مليار دولار بمشاريع فى جميع أنحاء العالم نتيجه انهيار الأسعار، وتقدر شركة "وود ماكينزيWood Mackenzie "الاستشارية، وفقا لتقرير في صحيفة فاينانشال تايمز، ان نحو 45 مشروعا قد تم العائها ، بينها ما يقرب من 30 في المائة في كندا. وفي تقرير منفصل، قالت وكالة" بلومبرج الاقتصادية" الهولندية أنه أصبح من الصعب على نحو متزايد الان العثور على مستثمرين بقطاع النفط. وقال التحليل ان عدد المستثمرين الذين يراهنون على النمو في أسعار النفط وصل إلى أدنى مستوياته في عامين، في حين أن عدد المستثمرين الذين يراهنون على انخفاض في أسعار النفط ارتفع بنسبة 25 في المائة في غضون أسبوع. الان كثير من المطلعين على صناعة النفط يتوقعون بقاء أسعار النفط منخفضة على الأقل خلال الفترة المتبقية من هذا العام، وذلك بفضل مستويات الإنتاج المرتفعة بين دول أوبك، وخاصة المملكة العربية السعودية، ويرى بعض المحللين ان مستويات انتاج النفط ستبقى على حالها اليوم للسنوات الخمس المقبلة. وفى مقدمة هؤلاء المحللين مؤسسة "جولد مان ساسكس Goldman Sachs" المالية ، التى اصدرت تقرير فى مايو الماضى يقول: سوف يتم تداول خام برنت عند 55 دولار للبرميل خلال السنوات الخمس المقبلة ، اى بزيادة 10 دولار بالبرميل أقل من الأسعار الحالية، وبخصم نحو 20 دولار للبرميل بالعقود الآجلة إلى 2020. ويفترض البنك أن أسعار النفط على المدى الطويل يمكن أن تنخفض ، فى الوقت الذى ستقوم فيه الشركات باجراء تحسينات على "الكفاءة والإنتاجية"، كذلك سيعانى منتجى النفط الصخرى اذا وصل خام غرب تكساس الوسيط والخام القياسى الامريكي انخفاضه ليصل الى مستوى 50 دولار للبرميل بحلول عام 2020. كما خفض" جولدمان ساكس" توقعاته لخام برنت فى الفترة من 2016-2018 إلى 65 دولار للبرميل، بينما كان سعر برنت تسوية يوليو قد وصل الى نحو 66،74 دولار للبرميل في بورصة العقود الآجلة فى أوروبا ، كانت عقود ديسمبر 2020 الاجلة قد سجلت 77،02 دولارا للبرميل. وقال بنك الاستثمار "مورجان ستانلي Morgan Stanley" في تقرير صدر الأسبوع الماضي ، يبدو من المرجح أن يشهد العالم أسوأ انهيار أسعار النفط منذ 45 عاما، و اذا استمر على المسار الحالي، يمكن لهذا التراجع ان يصبح مثل انهيارالنفط عام 1986 لكنه لن يصبح اسوء منه ويقول التقرير " إذا كان هذا ما سيكون عليه الحال، لن نجد شيء في تجربتنا من شأنه أن يكون دليلا يقودنا للمراحل التالية من هذه الدائرة، خصوصا على المدى القريب نسبيا. … في الواقع، قد لا يكون هناك شيء في التاريخ التحليلى". ايضا كانت "وكالة الطاقة الدولية IEA " قد توقعت مؤخرا امتداد فترة انكماش أسعار النفط ، مشيرة إلى أن الحرب الدائرة بين أوبك والدول المنتجة للنفط في أمريكا الشمالية لم تظهر أي علامات على قرب انتهائها . و خلصت الوكالة فى تقريرها ان حرب أسعار النفط "قد بدأت للتو"، و ان توقعات 2016 لا تزال غير واضحة، وأنه من غير المرجح أن صناعة النفط سوف تتعافى في عام 2016 كما حدث فى أعقاب الركود العالمي في عام 2009. وتعد كندا اكبر الخاسرين فى امريكا الشمالية بمعركة النفط الدائرة ، فالتوقعات السائدة حول اسعار النفط و ساتمرار تدنيها بالنستقبل هى اخبار سيئة و حزينة و تحمل المزيد من الألم لقطاع النفط. فقد اثرت ازمة اسعار النفط بشدة على هذا القطاع وعلى مدى أشهر الصيف كان هناك مزيد من تسريح العمال في هذا القطاع الذى يشمل النفط والغاز. و يتوقع " مجلس الموارد البشرية للبترول PetroLMI "أن ربع وظائف كندا ذات الصلة بصناعة النفط اى نحو 185 الف وظيفة سوف تختفي هذا العام. وبالفعل اعلنت شركة "انكانا" للغاز الطبيعي الأسبوع الماضي تسريح نحو 200 عامل بعد ان سجلت خسارة 1.6 مليار دولار فى الربع الاخير ، وانخفضت أسعار أسهمها نحو 10 في المائة .. و عموما انكمش قطاع التعدين والنفط والغاز في كندا بنسبة 6.4 في المائة في 12 شهرا حتى أبريل الماضى ، وفقا للبيانات الصادرة " هيئة الاحصاء الكندية StatsCan". . كما انخفض معدل التوظيف في الموارد الطبيعية نحو 2.2 في المائة على أساس سنوي في يونيو. ولقد كان بنك كندا يتوقع في البداية صدمة للاقتصاد الكندى نتيجة انخفاض أسعار النفط ، وان تظهر الاضرار في الغالب مع بداية هذا العام و الان يتوقع ان يكون التراجع أعمق والانتعاش سيستغرق وقتا أطول مما كان متوقعا في البداية، لذا خفض بنك كندا سعر الاقراض الرئيسي في وقت سابق من هذا الشهر، إلى 0.5 في المائة.