رصدت بعض منظمات حقوق الانسان بعض التجاوزات فى المرحلة الأولى من العملية الانتخابية التى جرت يومى 28 و29 من نوفمبر، فتساءل الجميع هل تؤثر هذه التجاوزات على سلامة العملية الانتخابية والنتائج؟ وقد تلقت غرفة العمليات بالإتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية 334 شكوى على مدار يومى التصويت فى المرحلة الأولى من المراقبين والناخبين والمرشحين ووكلائهم ، وقد قامت الغرفة بإرسال 186 بلاغ الى اللجنة العليا المشرفة على الإنتخابات بعد تدقيقهم و بعضهم موثق بالأدلة والمستندات. وانتقد بيان للاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الاهلية بعض التجاوزات التي رفعوا بها شكاوى الى الهيئة العليا للانتخابات منها قيام العديد من الناخبين فى محافظات المرحلة الاولى وأفادوا بأنهم قاموا بالتوقيع فى كشف واحد فقط ، وذلك يؤدى إلى وجود اوراق فى الصناديق اكثر من اعداد الموقعين فى الكشوف ، رغم أن القانون يلزم الناخب بالتوقيع على كشفيين ( كشف خاص بصندوق الفردى و كشف خاص بصندوق القائمة ) ، و هو ما يهدد ببطلان إجرائات العملية الإنتخابية فى تللك اللجان . كما انتقد إستمرار الدعاية الإنتخابية على مدار اليوميين، فلم يكتفى المرشحيين - مستقلين و أحزاب- بفترة الدعاية السابقة على الإنتخابات بل استمرو فى الدعاية حتى اللحظة الأخيرة من عملية التصويت فى تحدى سافر لقرار اللجنة العليا بوقف الدعاية من جانب و التأثير على ارادة الناخبين اما بالوعد بالجنة او الوعد بالأى فون(في حين اشتكى بعض المواطنين من وجود أشخاص أخرين قاموا بالإنتخاب بدلاً عنهم؛ مما يعتبر تزويرا في الاصوات. وتلقت غرفة العمليات فى اللحظات الاخيرة بلاغات من بعض المواطنين فى دوائر حدائق القبة وشبرا والزيتون والزاوية الحمراء بمحافظة القاهرة من انهاء رؤساء اللجنة لعملية التصويت رغم وجود ناخبين لم يدلوا بأصواتهم، وهو ما أدى الى تجمهر المواطنيبن أمام تلك اللجان ورفضوا الانصراف قبل الادلاء باصواتهم . ارادة الناخبين وعن تأثير هذه التجاوزات قال الدكتور عبد الله المغازي استاذ القانون الدستوري ان المخالفات التي حدثت في الانتخابات تسمى "جريمة التأثير على ارادة الناخبين" بموجب قانون الانتخابات. فمحظور الدعاية داخل اللجان وخارجها وللجنة العليا للانتخابات ان تحرك دعوى جنائية ضد مرتكبي هذه المخالفات ويجوز ايضا لأحد المرشحين ان يتقدموا بدعوي جنائية. ويقول المغازي ان التجاوزات في الانتخابات بجميع انواعها مرفوضة رفضا باتا وطبقا للاعلان الدستوري فان محكمة النقض هي الجهة المختصة بتحديد العقوبة تبعا لمدى تأثير هذة الانتهاكات في سير العملية الانتخابية. كما يؤكد الاعلان الدستوري على وجوب التزام مجلس الشعب باحكام محكمة النقض في هذا الشأن فإذا ثبتت مخالفة احد الاعضاء وحكمت المحكمة باسقاط عضويته يجب على المجلس تنفيذها في الحال بدون اجراء تصويت كما كان متبعا. وفيما يتعلق بالشكاوى من تجاوزات بعض القضاة أكد المغازي ان المفترض في القاضي الا يكون ذو انتماء حزبي او طائفي لذا فليس له مصلحة في تغليب حزب على غيره او فرد على اخر ولا يجب الاعتداد باي كلام مرسل حول تجاوزات قضاة في الانتخابات ولكن لابد من اقامة الدليل الدامغ على ذلك. وقالت الدكتورة منار الشوربجي استاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية ان هناك وعي لدى الناخبين بأهمية هذه الانتخابات ولكن فى الوقت ذاته لن تكون هذه الانتخابات صالحة بنسبة 100% ولكنها خطوة اولي على الطريق الصحيح. وأضافت أنه من من الطبيعي أن تشهد انتخابات مصر بعض التجاوزات والشكاوى لكنها لم تمس صلب العملية الانتخابية فمن بين أكثر من ألف شكوى قدمت إلى اللجنة العليا للانتخابات تم حل أغلبها، واقتصرت هذه الشكاوى على عدد من الأمور مثل استمرار الدعاية الانتخابية وخاصة من القوى الإسلامية أثناء سير العملية الانتخابية، والتأخر في فتح بعض اللجان الانتخابية، وعدم وجود بطاقات اقتراع أو عدم ختم البطاقات في أماكن قليلة واستخدام الشعارات الدينية في الانتخابات، وحالات رشاوى انتخابية محدودة. لكن هذه المخالفات لم تمس جوهر الانتخابات, إذ غاب التزوير الممنهج وغاب التسويد المألوف للصناديق الانتخابية وغابت إلى حد بعيد أعمال العنف والبلطجة أثناء سير الانتخابات. وأضافت أن هذا الأمر يفتح الطريق أمام القوى والأحزاب السياسية إلى أهمية تأكيد الطابع التنافسى الحقيقي بينها وترك الحكم للمواطن المصري العادي وهذه دعوة موجهة إليها خلال المرحلتين القادمتين من هذه الانتخابات. تمهيد للانتخابات القادمة وأوضح محمد زارع الناشط الحقوقى بمركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان أن هذه الانتخابات شهدت بالفعل أخطاء كان يمكن تداركها ،ولكن دعنا نقول أن أول انتخابات بعد الثورة يمكن أن تكون تمهيدا للمراحل القادمة خاصة ان الخطأ وارد فى فترة المرحلة الانتقالية. وأكد أنه على الرغم من بعض التجاوزات التي تم رصدها والتي يعكس بعضها ضعف الإمكانيات والإخطاء الإدراية ومحاولة البعض منح عملية التصويت بعدا دينيا، إلا أن ذلك لا يقلل أبدا بأي حال من الأحوال من نزاهة و مصداقية الانتخابات. وقال إن الانتخابات شهدت مشاركة منقطعة النظير من الناخبين، والتي عكستها الطوابير الممتدة أمام مختلف اللجان وهو ما يشكل نقلة نوعية لم تشهدها مصر منذ ستين عاما، وتعكس إمكانية أن تكون الانتخابات الحرة والنزيهة الأداة المثلى للتداول السلمي للسلطة في مصر. وطالب الأحزاب والقوى السياسية بالحفاظ على هذه المشاركة الواسعة من قبل المواطنيين العاديين، وأنه ينبغي أن تكون هدفا مشتركا لكافة الاحزاب والقوى السياسية والاجتماعية، باعتبارها خط الحماية الأول ضد أية محاولات في المستقبل لتزوير إرادة الناخبين.