وسط حالة من الترقب استأنف الناخبون المصريون الثلاثاء التصويت في اليوم الثاني من المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية لمواصلة هذا العرس الديمقراطي واستمرار الأجواء الايجابية التي سارت بها العملية الانتخابية في يومها الأول الاثنين ورغم الأجواء المترقبة لانتهاء المرحلة الأولى بنجاح إلا أن الأمر لايخلو من بعض القلق خشية حدوث تجاوزات قد تعكر صفو المشهد الرائق والحالة المزاجية المتفائلة التي خلفها اليوم الأول من الانتخابات. وقد شهد الاثنين اقبالا كثيفا من جانب الناخبين بكل اللجان التي شهدت انتخابات المرحلة الأولى في تسع محافظات هي القاهرة والاسكندرية والفيوم وكفر الشيخ ودمياط والأقصر وأسيوط والبحر الأحمر وبورسعيد, ويستكمل التصويت الثلاثاء ومن المقرر أن تجري عمليات الاعادة في هذه المرحلة في حال الاعادة بين بعض المرشحين أو الكتل الانتخابية الاثنين الموافق الخامس من شهر ديسمبر المقبل. وقد وضعت القوات المسلحة والشرطة خطة أمنية شاملة استهدفت تأمين العملية الانتخابية, كما قامت بتأمين اللجان فور الانتهاء من عمليات التصويت في اليوم الأول, وقيام القضاة بحصر الأصوات الانتخابية وتشميع الصناديق بالشمع الأحمر والتأكد من اغلاق نوافذ وأبواب اللجان وتشميعها, ثم تسليمها الى القوات المسئولة عن التأمين . وسمحت اللجنة العليا للانتخابات لمندوبي المرشحين بالمبيت قرب اللجان الانتخابية ليكونوا على مقربة منها , لبث الطمأنينة في نفوسهم , خاصة في أعقاب ماتردد من مخاوف من حدوث بعض الأعمال التي قد تستهدف تعكير المشهد الانتخابي وتشويه الصورة. وتأتي هذه الانتخابات البرلمانية في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير, وتعد ترجمة حقيقية لهذه الثورة التي شهد لها العالم بأسره وإذا كانت الارهاصات الأولى لثورة يناير , نجمت عن حالة السخط التي خلفتها عملية مقتل الشاب خالد سعيد في شهر يونيو 2010 , فان القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للنظام السابق, تمثلت في عمليات التزوير التي شابت الانتخابات البرلمانية التي نظمها, وفاز بنتائجها الحزب الوطني, والتي جرت العام الماضي في نفس موعد بدء المرحلة الأولى للانتخابات الحالية (28 نوفمبر 2010), ليشكل على أثرها برلمانا مشوها, زاد من حنق المصريين على النظام السابق, وأدى الى خروج الشعب مطالبا بحريته وحقه في حياة ديمقراطية كريمة تعتمد النزاهة والشفافية. وعكس هذا التواجد الكثيف والانتظار لمدة ساعات وصل أمام بعض اللجان إلى ست ساعات الرغبة لدى جميع المصريين في انتزاع الديمقراطية , التي أثبتت الأحداث التي شهدتها مصر , جدارتهم بها , وحقهم فيها, كما أضفت هذه الكثافة في الاقبال غير المسبوق على صناديق الاقتراع, حالة متفائلة , بددت الصورة القاتمة التي خلفتها الأحداث الأخيرة. وبدا اصرار المواطن المصري واضحا في الحصول على حقه الانتخابي , ورغبته الملحة في اجتياز هذه المرحلة , والعبور إلى المستقبل من خلال أول انتخابات نزيهة تشهدها مصر, وهو مادفع الجميع إلى التوجه لصناديق الاقتراع والتزاحم بكثافة أمام اللجان الانتخابية للتصويت.والمؤكد أن هذه الرغبة في العبور بالوطن من النفق المظلم الذي كاد يدخله عززت الاصرار والعزيمة لدى الجميع في التوجه الى صناديق الاقتراع بكثافة . وينتظر المصريون اكتمال المشهد الانتخابي للمرحلة الأولى اليوم للعبور الى المرحلة الثانية التي تنطلق في الرابع عشر من ديسمبر المقبل , تمهيدا للمرحلة الثالثة والأخيرة المقرر اجراؤها في الثالث من يناير المقبل ثم تجري بعد ذلك انتخابات مجلس الشوري المقررة في الفنرة من 29 يناير حتى 11 مارس المقبل ثم يتم تشكيل لجنة اعداد الدستور للانتقال الى المستقبل والتمهيد لانتخاب رئيس الجمهورية وهو المشهد الذي يكتمل مع نهاية شهر يونيو من العام القادم . وشهدت هذه الانتخابات للمرة الأولى مشاركة جماعة الاخوان المسلمين بشكل واضح من خلال ذراعها السياسي "حزب الحرية والعدالة", فضلا عن مشاركة العديد من الأحزاب ذات الخلفية الدينية مثل حزبي "النور" و"الإصلاح" السلفيين, إلى جانب الأحزاب الجديدة التي تعددت واختلفت توجهاتها السياسية. وإلى جانب هذه الأحزاب تشارك في الانتخابات الأحزاب القديمة التقليدية كأحزاب الوفد والتجمع والعربي وتجرى الانتخابات البرلمانية هذه المرة وفقا للنظام الفردي ونظام القوائم النسبية المغلقة , بنسبة الثلث إلى الثلثين . ويبلغ عدد المواطنين المصريين الذين لهم حق التصويت فى الانتخابات بصفة عامة نحو 50 مليون ناخب, موزعين على 53 ألف لجنة فرعية , بمعدل نحو ألف ناخب فى اللجنة الواحدة تقريبا.