نشر معهد "الدراسات السياسية Institute for Policy Studies " في واشنطن، تقريرا حول حرب المياه التى تشنها اسرائيل على الفلسطينين، وكيف تحرمهم من حقهم فى تقاسم المياة بشكل عادل، وذلك منذ نشاة الدولة عام 1948 . ويقول التقرير: بينما يتمتع الإسرائيليون بالمياه الوفيرة لرى مروجهم و السباحة في حمامات سباحة ذات الحجم الاولمبى ، يعانى الفلسطينيون على بعد بضعة كيلومترات حرفيا من الموت عطشا.. فعلى الرغم من موقع المنطقة التى يعُتقد أنها تكاد تكون جافة بشكل دائم، الا ان المنطقة تنعم في الواقع بموارد المياه العذبة الطبيعية وافرة ، فهناك المياه الجوفية تحت سطح طبقات الارض، والماء المتدفق من نهر الأردن. ويعيش الفلسطينيون في الضفة الغربية وبقربهم يعيش المستوطنين الإسرائيليين، ومن الناحية النظرية من المفترض ان يكون الوصول للمياه واستهلاكها على قدم المساواة، وان يتساوى الجانبان تقريبا فى الاستفادة من هذه الموارد، الا ان السياسة المائية الإسرائيلية، تجعل من هذا الاحتمال مستحيلا تقريبا، فهناك هناك تفاوت مروع فى حقوق استهلاك المياه بين الجانبين . توزيع غير متكافى لحصص المياه ويكشف تقرير صادر عن الأممالمتحدة أن متوسط استهلاك المستوطن الإسرائيلي نحو 300 لتر من المياه يوميا، وهو رقم يفوق متوسط الاستهلاك فى ولاية كاليفورنيا الامريكية والذى يبلغ استهلاك الفرد فيها نحو 290 لتر يوميا . ونتيجة القيود العسكرية والقانونية التى تفرضها إسرائيل، يبلغ متوسط الفرد الفلسطينى في الضفة الغربيةالمحتلة على متوسط 70 لتر مياه يوميا فقط .. وبالنسبة لعشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون خارج شبكة المياه تماما، ينخفض الاستهلاك ليحوم حول 30 لتر يوميا وهو مايمثل 10 في المئة من استهلاك الفرد الإسرائيلي.. وبالطبع استهلاك الفرد الفلسطينى ضمن شبكة المياه او خارجها يقل بكثير من الحد الأدنى الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية وهو 100 لتر يوميا. تسليح المياه وهذا التفاوت له جذور عميقة – وهو ليس من قبيل الصدفة، فعلى الفور تقريبا وبعد قيام دولة إسرائيل عام 1948، اتخذت الدولة الوليدة إجراءات شاملة لتأمين السيطرة على الموارد المائية في المنطقة. وتم تشديد هذه السياسات من جديد في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، عندما تولت إسرائيل السيطرة على الأراضي الفلسطينية. وفى بداية هذا العام، أصدرت القوات المسلحة الإسرائيلية الأمر العسكري 92، والذى ينص على وضع الموارد المائية الفلسطينية تحت الولاية القضائية العسكرية الاسرائيلية. وأعقب ذلك بفترة وجيزة الأمر العسكري 158، الذي يطالب الفلسطينيون بالحصول على تصاريح من الجيش من أجل بناء البنية التحتية للمياه جديدة، وممنوع سواء فى حالة حفر آبار جديدة، اوالاستفادة من مياه الينابيع، أو حتى نشر حاويات لجمع المطر ، دون الحصول على إذن إسرائيلي، ومن يخالف ذلك تتم المصادرة أو التدمير، وغالبا دون إخطار مسبق. هذه الأوامر، من بين أمور أخرى، تشكل الأساس لإدارة وصول المياه لما يقرب من 4.4 مليون فلسطيني. وعلى الرغم من سيطرة شركة Mekorot – شركة إسرائيل المياه الوطنية – على الموارد المائية الآن رسميا، فان القوات الإسرائيلية بشكل روتيني تقوم بإجراء عمليات لتدمير البنية التحتية للمياه الفلسطينية. مفاوضات السلام وحقوق الفلسطينين السيادية بعد عقود من مفاوضات السلام، نجد انها لم تفعل شيئا يذكر لمنح الفلسطينيين السيطرة السيادية على مواردهم، وحتى بعد اتفاقات أوسلو، والتي كان من المفترض أن تمنح الفلسطينيين بعض مظاهر السيادة السياسية على الأراضي، الا ان الحصول على المياه مازال محدودا. بل في الواقع، إن الاتفاقات تكرس ببساطة التوزيع غير العادل للمياه في المنطقة. وحتى في الاجزاء التى تقع ضمن سيادة السلطة الفلسطينية والتي تديرها في الضفة الغربية، دأب جنود الاحتلال بانتظام على هدم صهاريج الأمطار، وخطوط الأنابيب، و المنشآت المائية الزراعية. وقد وثقت منظمة حقوق الإنسان الفلسطينية "مؤسسة الحق " بدقة عدد من هذه الحالات، جمعتها في تقرير يصف مدى المشقة التى تصادف سكان الضفة الغربية للحصول على حقهم بالمياه . الدراسة اشارت لعديد من حالات تدمير المزارع و المرافق و الممتلكات بحجة أنها قد بنيت دون ترخيص من قبل إسرائيل – على الرغم من حقيقة أن من المفترض أنه لا حاجة إلى تصريح إسرائيلي في منطقة B التى يديرها الفلسطينيون بالضفة الغربية، وهذه العمليات تسلط الضوء على التنسيق بين القنوات المدنية والعسكرية لتقييد وصول الفلسطينيين إلى المياه، وهو النظام الذي كان فعالا بشكل مذهل في تحقيق هدفه. وحتى عندما حاول الفلسطينيون الحصول على تراخيص عبرالقنوات الإسرائيلية، كانت هناك عقبات لا حصر لها، واصبح هناك كابوسا بيروقراطيا لسكان الضفة الغربية عند محاولة الحصول على تصاريح للبناء جديدة أو إصلاح البنية التحتية القائمة بالفعل. وفي الوقت الذى تقلصت بشدة فيه إمكانية حصول الفلسطينيون على إذن لضخ المياه، كرست القوانين الاسرائيلية عدم المساواة في تقسيم مياه حوض الجبل، وهى المياه الجوفية تحت الأرض الوحيدة التي يسمح للفلسطينيين في الضفة الغربية بالوصول إليها. حيث يقتصر حق الفلسطينيون على 20 في المئة فقط من إجمالي قدرة طبقة المياه الجوفية فى هذه المنطقة ، بينما إسرائيل، لديها حق الوصول إلى 80 في المئة من المياه الجوفية – وهو التوزيع غير المتكافئ – معتبرة أن لديها أيضا الوصول غير المقيد إلى طبقات المياه الجوفية المتبقية في المنطقة ونهر الأردن.