قتل 21 شخصا وأصيب 81 آخرون بجروح، بينهم 12 حالاتهم حرجة، في اعتداء انتحاري تبناه تنظيم "داعش" المتطرف واستهدف مسجدا شيعيا خلال صلاة الجمعة في بلدة القديح في محافظة القطيف في شرق السعودية، ما ينذر بتصعيد التوترات الطائفية في المملكة. ونقلت وكالة الأنباء السعودية "واس" عن متحدث باسم إدارة الصحة في المنطقة الشرقية ان 21 شخصا قتلوا في الاعتداء في حين أصيب 81 آخرون بجروح بينهم 12 حالة حرجة و29 غادروا المستشفى بعد تلقي العلاج. وكان المتحدث الأمني لوزارة الداخلية قال انه "أتضح أنه أثناء أداء المصلين لشعائر إقامة صلاة الجمعة بمسجد الإمام علي بن أبي طالب ببلدة القديح بمحافظة القطيف، قام أحد الأشخاص بتفجير حزام ناسف كان يخفيه تحت ملابسه ما نتج عنه مقتله واستشهاد وإصابة عدد من المصلين". وأعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن التفجير الانتحاري. وتحدث في بيان على أحد المواقع الجهادية عن "عملية نوعية لجنود الخلافة بولاية نجد" قال ان منفذها الذي فجر "حزامه الناسف (…) رجل غيور من رجالات أهل السنة (هو) الأخ الاستشهادي أبو عامر النجدي"، الذي نشرت صورته. وهذه هي المرة الأولى التي يتبنى فيها التنظيم رسميا هجوما على أراضي المملكة، مستخدما اسم فرعه السعودي "ولاية نجد". وقال البيان ان "250 من الرافضة" أصيبوا في هذه العملية. ويستخدم التنظيم كلمة "الرافضة" للإشارة إلى المسلمين الشيعة. وتوعد التنظيم في بيانه بعمليات أخرى ضد الشيعة قائلا "أبشروا بأيام سود تسوؤكم" وتوعد بان "نخرج المشركين كل المشركين من جزيرة العرب". وتقع بلدة القديح شمال مدينة القطيف في المنطقة الشرقية حيث تتركز الأقلية الشيعية في المملكة. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية ان "الجهات الأمنية لن تألو جهداً في ملاحقة كل من تورط في هذه الجريمة الإرهابية الآثمة من عملاء أرباب الفتن الذين يسعون للنيل من وحدة النسيج الوطني بالمملكة، والقبض عليهم وتقديمهم للقضاء الشرعي لنيل جزائهم العادل". من جهته، أكد مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل شيخ في تصريح مباشر على قناة الاخبارية ان "هذا الحادث حادث مؤثم إجرامي تعمدي، حادث خطير يقصد المنفذون من ورائه إيجاد فجوة بين أبناء الوطن ونشر العداوة والفتن في هذا الظرف العصيب (…) وتفريق صفنا وكلمتنا وإحداث فوضى في بلادنا". ودانت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعودية "هذه الجريمة البشعة التي تهدف إلى ضرب وحدة الشعب السعودي وزعزعة استقراره ويقف وراءها بلا شك إرهابيون مجرمون لهم أجندات خارجية وليس لهم ذمة ولا يراعون حرمة وغاظهم أشد الغيظ قيام المملكة بواجباتها الدينية العربية والإسلامية". وأعربت منظمة التعاون الإسلامي عن إدانتها واستنكارها للتفجير. وقال الأمين العام للمنظمة اياد مدني ان "الذين قاموا بهذا العمل وخططوا له ودعموه انما ينفذون توجها يعمل على تفكيك مكونات المنطقة، وتغليب روح الانقسام بين مواطنيها، وكسر توازنها المجتمعي التاريخي، وزجها في حالة من الفوضى المستدامة". ودان البيت الأبيض الجمعة الهجوم الانتحاري، إلا انه قال انه لا يستطيع تأكيد إعلان تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الهجوم. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست "نعرب عن حزننا لفقدان الأرواح وندين هذا العنف (…) وجميع الضحايا كانوا من المسلمين". بدورها، نددت إيران على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية مرضية أفخم بالاعتداء الانتحاري الدامي الجمعة. ونددت أفخم "بشدة" بالاعتداء وطالبت بان "يتم تحديد الفعلة ومعاقبتهم"، مضيفة ان "مكافحة المجموعات الإرهابية والمتطرفة (..) يجب ان يكون أولوية" للدول كافة. من جانبه، حمل حزب الله اللبناني السلطات السعودية "المسؤولية الكاملة" عن الهجوم. وقال الحزب الشيعي في بيان انه "يحمّل السلطات السعودية المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة، بسبب رعايتها واحتضانها ودعمها للمجرمين القتلة (…) وبسبب تقصيرها في تقديم الحماية لمواطنيها من أبناء المنطقة الشرقية، لا بل تحريضها عليهم من على المنابر وفي وسائل الإعلام طوال الفترة الماضية". واثار هذا الهجوم غضب الشيعة الذين قالوا ان مساجدهم غير محاطة بتدابير أمنية. وقالت نسيمة السادة، وهي احدى سكان القطيف، "كان الناس غاضبون للغاية"، مشيرة إلى خروج متظاهرين رددوا هتاف "نحن بحاجة لحماية أنفسنا بأنفسنا". وأضافت نسيمة السادة ان العديد من السكان يقولون انهم يخشون المزيد من هذه الهجمات إذا لم يتم التحرك لمواجهة "خطاب الكراهية" ضد الشيعة المنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي. وأضافت "نحن لا نريد ان يتكرر ما يحدث في سورياوالعراق لدينا" في إشارة إلى تنظيم "داعش" الذي يسيطر على مساحات واسعة من هذين البلدين. وقالت "هذا بلدنا ونحن نحبه". ونشرت مواقع اخبارية في شرق السعودية ومواقع الصحف المحلية على الإنترنت صورا لجثث القتلى تغطيهم الدماء ولسيارات الإسعاف تنقل الجرحى. وعرض موقع صحيفة "الرياض" صور سجادات الصلاة مغطاة بالدماء وصور الدمار الذي لحق بالمسجد جراء الهجوم. وأوقفت الشرطة السعودية خلال الأشهر الماضية مجموعة من عناصر ينتمون لمجموعات سنية متطرفة يشتبه بتآمرهم لتنفيذ هجمات لاثارة البلبلة الطائفية في المنطقة الشرقية حيث يشكو الشيعة من التهميش. في "تشرين الثاني" نوفمبر الماضي هاجم أربعة مسلحين حسينية أثناء احياء عاشوراء فقتلوا سبعة من الشيعة بينهم أطفال في بلدة الدالوة في محافظة الاحساء، بعد ان قتلوا رجلا في قرية قريبة وسرقوا سيارته لاستخدامها في الهجوم، وفق وزارة الداخلية. والشهر الماضي، قالت وزارة الداخلية انها فككت خلية تضم 65 شخصا يشتبه بانهم على صلة بتنظيم "داعش" في العراقوسوريا وانهم ضالعون في مؤامرة "لاثارة الفتنة" من خلال تنفيذ عمليات مماثلة. وشهدت المناطق ذات الغالبية الشيعية منذ 2011 احتجاجات وهجمات استهدفت قوى الأمن ما أدى إلى مقتل نحو عشرين شابا شيعيا.