تزداد المعارك كثافة ، والرصاص فى كل مكان ، ويزداد عدد الضحايا من قتلى وجرحى سواء كانوا مدنيين أو من القوات الصومالية أو الإثيوبية .. هذا هو الوضع الذى يصفه شهود العيان فى العاصمة الصومالية مقديشيو ، والذى أصبح معتاداً منذ طرد قوات المحاكم الإسلامية من الصومال ، فى أواخر العام الماضى ، ففى صباح اليوم وتكراراً للمشهد اليومى المعتاد ، دارت اشتباكات عنيفة فى مقديشيو ، إثر هجوم شنه مسلحون على مقر قيادة القوات الإثيوبية المتواجدة فى المدينة بهدف مساعدة قوات الحكومة الصومالية المؤقتة فى فرض الأمن فى البلاد ، حيث رد الإثيوبيون بإطلاق النيران وأسفر ذلك عن مقتل أربعة عشر شخصاً بينهم ستة عسكريين إثيوبيين . وأشار المراسلون فى مقديشيو إن الاشتباكات وقعت فى محيط مبنى وزارة الدفاع السابق الذى اصبح مقراً لقيادة القوات الإثيوبية ، وتسببت فى جرح نحو 17 شخصاً ، وأن مواطنين غاضبين جروا جثثاً لجنود إثيوبيين ، وامتداداً للتردى الأمنى ذكر سكان مقديشيو أن القوات الإثيوبية أطلقت أيضاً عدداً من الصواريخ على استاد مقديشيو ، حيث تؤكد القوات أن بعض المتمردين متحصنين فيه .. ويأتى ذلك استمراراً لأعمال العنف المتصاعدة منذ بدء انتشار قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقى ، ويؤكد المراسلون فى الصومال أن المواجهات اندلعت إثر انتشار هذه القوات بمساندة قوات إثيوبية فى مناطق غرب العاصمة . وتأتى أيضاً هذه الاشتباكات فى إطار سلسلة من هجمات الكر والفر التى يشنها المسلحون بانتظام على هذه القوات المتحالفة مع الحكومة ، وفى هذا السياق تشير وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة العاملة فى الصومال إلى أن أكثر من 40 ألف شخص فروا من مقديشيو فى شهر فبراير الماضى وحده ، ومن ناحية أخرى يؤكد المراسلون أن العنف يمتد إلى مناطق خارج العاصمة حيث قالت متحدثة باسم الأممالمتحدة إن قنبلة انفجرت على طريق لدى مرور قافلة تضم موظفين تابعين للمنظمة الدولية كانت متجهة للعاصمة الصومالية مقديشيو . كما أفاد شهود عيان بأن ثلاثة رجال شرطة جرحوا فى إطلاق نار تلا الانفجار الذى وقع قرب مدينة " أفقوى " التى تبعد حوالى 20 كيلو متراً غربى مقديشيو . وفى حين تشهد مقديشيو هجمات شبه يومية يشنها المناوؤن للحكومة ، إلا أنه توجد أيضاً اعتراضات من جانب بعض الأطراف التى تتهم القوات الحكومية والإثيوبية بالإفراط فى استخدام القوة حيث اتهم أعيان قبيلة " الهوية " أكبر قبائل مقديشيو القوات الحكومة والإثيوبية بقتل أناس أبرياء وممارسة التعذيب والاعتقالات التعسفية ضد سكان العاصمة بحثاً عن المسلحين أو من يساعدوهم ، وكان أحد زعماء القبيلة قد حذر فى بيان قرأه على الصحفيين نيابة عن بقية القبيلة بقوله : " إنه إذا لم تتدخل المجموعة الدولية فإن الوضع فى مقديشيو سيتحول إلى كارثة لأن سكانها سيدافعون عن أنفسهم " ، وقد جُرح ثلاثة أشخاص خلال اشتباكات جرت بين قوات من الحكومة ومسلحين كانوا يحرسون اجتماعات القبيلة . قائد القوات الأفريقية لحفظ السلام فى الصومال يدعو للدفع بمزيد من القوات : تأتى هذه التطورات فى وقت دعا فيه أمس قائد القوة الأفريقية لحفظ السلام فى الصومال اللواء ليفى كاروهانجا الدول الأفريقية للدفع بمزيد من القوات لمواجهة الوضع الأمنى المتدهور فى الصومال ، حيث قتل العشرات بالأسابيع الأخيرة بهجمات آخذة فى التصاعد . وكان اللواء كاروهانجا قد أشار من مقره بمطار مقديشيو إن القوة الأفريقية لم تستطع بعد تجميع كامل القوات ، وحث الدول الأعضاء فى الاتحاد الأفريقى بالدفع بمزيد من الجنود ، وجدير بالذكر إنه تم نشر حوالى نحو 1500 جندى أوغندى منذ أسبوعين وتعهد الناطق باسم القوات الأوغندية بألا تتزحزح القوات " قيد أنملة " أمام الهجمات ، وبأن تتواصل العمليات كما هو مقرر لها ، وعرضت بوروندى نشر 1700 جندى من قواتها لكنها قالت إنها تفتقد إلى العتاد اللازم . كما عرضت نيجيريا 850 جندياً إلا أنها لم تحدد جدولاً لانتشارهم ، مما يعنى أن البعثة الأفريقية مازالت بعيدة عن تحقيق هدفها القاضى بنشر ثمانية آلاف جندى فى مهمة تدوم ستة أشهر ، تساعد خلالها القوات الحكومية فى نشر سيطرتها حتى تستطيع القوات الإثيوبية المغادرة . وكان كاروهانجا يتحدث بعد لقاء مع مفوض الأمن والسلام بالاتحاد الأفريقى سعيد جينيت الذى حل مقديشيو والتقى الرئيس المؤقت عبد الله يوسف أحمد ورئيس حكومته ومسئولين آخرين فى زيارة دامت يوماً واحداً ، ووصفها المراقبون بأنها الزيارة الأهم لمسئول أفريقى إلى العاصمة الصومالية. ومن ناحيته حاول الرئيس الصومالى عبد الله يوسف التقليل من شأن الوضع المتدهور فى مقديشيو وتعهد بإنهاء ما وصفه بالتوتر الأمنى الصغير " خاصة إطلاق صواريخ الهاون التى أدى سقوط عدد منها أمس بمقديشيو بحياة خمسة مدنيين بهجمات تبناها تنظيم " كتائب التوحيد والجهاد " بأحدث سلسلة من العنف الذى أوقع عشرات القتلى خلال أسابيع . وتقول الحكومة المؤقتة إن فترة الأسبوعين القادمين ستكون حاسمة للبرهنة على أنها تستطيع إحلال الهدوء فى مقديشيو التى تعد واحدة من أشد المدن خطورة فى العالم قبل اجتماع يحضره زعماء وشيوخ قبائل وأمراء حرب سابقون يعقد هناك الشهر القادم بغرض إحلال السلام .