أحد «أهم الانجازات» التي حققتها إسرائيل انها ابقت الأمة العربية كلها حتي الان - وبعد 44 سنة - سجينة لهزيمة يونيو 76!! ولم يحدث ذلك فقط باستمرار احتلال الأرض العربية ما عدا سيناء الحبيبة، وإنما أيضا بابقاء الارادة العربية تحت احتلال أشد وطأة، يفرض عليها التسليم بالتفوق الإسرائيلي وادمان تقديم التنازلات والرضا بالقليل الذي ينتهي بألا تحصل علي شيء!! وهكذا في كل عام، وفي نفس الموعد، يخرج سلاح الندابات يلطم الخدود وشق الجيوب، ويتصرف كأن التاريخ وقف عند هذا اليوم الكئيب، وكأن مصر - شعبا وجيشا - لم ترد علي ما حدث، ولم تصحح ما وقع، ولم تلقن العدو الدرس الذي لن ينساه أبدا! في مثل هذا اليوم «التاسع من يونيو» وقبل أن تسكت المدافع عن انتصار لم يكن العدو يستحقه، كان شعب مصر العظيم يخرج عن بكرة أبيه معلنا رفض الهزيمة ومصمما علي طلب الثأر. لم تكن الملايين التي خرجت تنكر الاخطاء ولا تبريء النظام ولا تعطي لعبدالناصر شيكا علي بياض. بل كانت تنتصر للقيمة الأعظم: ان مصر باقية، وان استسلامها لارادة العدو هو المستحيل، وان الأرض ستعود والكبرياء الوطني لن يتحطم. وهذا ما كان.. حين تلقف جيش مصر الرسالة، لتبدأ الملحمة الخالدة في تاريخ شعب مصر، وفي تاريخ العسكرية المصرية التي عادت بعد أيام فقط لتقاتل، ولتبني الجيش من الصفر، ولتخوض حرب الاستنزاف المجيدة، ثم لتنتقم من الهزيمة بانتصارها العظيم في حرب أكتوبر. الشعوب العظيمة وحدها هي التي تعرف كيف تأخذ القرار الصحيح في لحظات تقرير المصير. وتصوروا ماذا كان سيبقي من مصر لو أنها رضخت للهزيمة واستسلمت لإاردة العدو، ولو ان الملايين لم تخرج في مثل هذا اليوم لتصدر القرار بالثأر لما حدث، ولو أن جيش مصر العظيم لم يكن مؤمنا بأن النصر حتمي لما تحقق النصر. نقلا عن جريدة الأخبار