"أنساك ازاي .. أنساك ده كلام" كلمات تغنت بها كوكب الشرق سيدة الغناء العربي أم كلثوم منذ أكثر من ثلاثة عقود، واليوم ونحن في أوائل 2008 تتردد الكلمات نفسها على لسان محبيها ومستمعيها في مصر والعالم العربي بأجيالهم المختلفة، مؤكدين أنهم أبدا لن ينسوا الفن الأصيل، وكيف ينسون "سيرة الحب" التي حفرتها في قلوب كل متذوق للفن والأشعار الراقية والألحان العذبة، حتى ممن لم يعاصروا هذا الزمن الجميل. وبلغة الأرقام، فإن مبيعات شركة صوت القاهرة - صاحبة الحق الحصري في طبع وتوزيع ألبومات أم كلثوم - سجلت 220 ألف كاسيت و55 ألف سي دي خلال عام 2007 الامر الذي يعني أنها مازالت تجتذب جمهوراً كبيراً ومتجددا من الشباب. ويشارك كوكب الشرق على عرش الغناء العربي عام 2007 - رغم رحيله عام 1977 - راوي "حكاية شعب" العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ ، الذي لاتزال أغنياته تحيي أفراح وليالي المحبين، وتغذي خيال الحالمين، بل وتثري مشاعر الوطنية في أنحاء الوطن العربي من الخليج إلى المحيط. فقد تجاوزت مبيعات ألبومات العندليب 150 ألف نسخة و30 ألف سي دي خلال عام 2007. ولهذه الأرقام دلائلها التي بلاشك تلغي مقولة "الجمهور عايز كده"، وتؤكد أن الفن الراقي والصادق يعيش على مدى عقود، بل ويحيي صانعي هذا الفن حتى بعد أعوام وأعوام من رحيلهم. وفي المقابل لم يشهد عام 2007 غنائيا ظهور أي موهبة جديدة بعكس سنوات سابقة شهدت الساحة الغنائية خلالها أصواتا واعدة، ليس هذا فقط بل أن بعض النجوم مثل هشام عباس وإيهاب توفيق ومحمد فؤاد عادوا هذا العام بعد غياب عودة باهتة ولم يحقق أيهم نجاحا ملحوظا خلالها. حتى النجمة وردة التي عادت العام الماضي بمسلسل تليفزيوني، لم يحقق ألبومها الجديد الذي حمل توقيع الملحن صلاح الشرنوبي النجاح المرجو منه. وكان ألبوم أنغام "كل ما أقرب" أبرز ألبومات العام المنقضي، والذي صاحبته فرقعة إعلامية حول اتهامها بتصوير الكليب في مسجد أثري لتثبت بعد ذلك أن التصوير كان في أحد المواقع الأثرية وليس بمسجد. أما حكيم - الذي غنى في حفل توزيع جوائز نوبل للسلام - فأطلق ألبوم "تيجي تيجي" مسخدما أسلوبا جديدا في توزيعه عن طريق التعاقد مع إحدى شركات المحمول لتوزيع الألبوم مع خطوطها الجديدة، وشارك حكيم في إحدى أغنياته المغني البورتوريكي العالمي دون عمر. كما كانت لوسائل التكنولوجيا الحديثة أثرها السلبي على بعض النجوم مثل ما تعرض له النجم عمرو دياب من تسريب ألبومه الجديد "الليلة دي" على الإنترنت قبل أسبوعين من طرحه، إلا أنه حقق نجاحا كبيرا قاد دياب لنيل جائزة "وورلد ميوزيك أوورد" العالمية. كذلك شهدت الساحة الغنائية ظاهرة توجه بعض المطربات إلى الغناء للأطفال، حيث أصدرت نانسي عجرم ألبومها "شخبط شخابيط" الذي حقق مبيعات كبيرة، ومن ثم أصدرت هيفاء وهبي ألبوم "بوس الواوا" والذي نجح بدوره. وظلت الأغاني المنفردة أبرز ظواهر العام وأنجحها دويتو "يا رب" لكارول سماحة ومروان خوري، وأغنية وائل كافوري "بيحن"، وأغنية إلين خلف "بعدك ع البال"، إضافة إلى أغنية "الحنطور" للمغنية الشعبية المصرية أمينة. كما اعتبرت أغنيات الأفلام ظاهرة مميزة في 2007 وبرز منها أغنية الأطفال "مين حبيب بابا" لمحمد هنيدي في فيلم "عندليب الدقي" التي حققت نجاحا أكبر من الفيلم نفسه، وأغنية "خوف" لهدى عمار من فيلم "قص ولصق" وأغنية "الحب كده" لحمادة هلال من فيلم بنفس العنوان، وأغنية "مين في الحياة" لخالد عجاج من فيلم "خارج على القانون". وعلى صعيد ما شهدته الساحة الغنائية من مشكلات خلال عام 2007، فقد احتل المغني الشعبي سعد الصغير الصدارة على هذا الصعيد بدء من إعلانه بناء مسجد وفتاوى مقاطعته وتحريم الصلاة فيه من جانب بعض الشيوخ ثم محاولاته للدفاع عن نفسه قبل أن يعلن أخيرا اعتزاله وندمه على مشاركة الراقصة دينا في فيلم "علي الطرب بالثلاثة" الذي تراجع عنه بعد أيام نافيا نبأ اعتزاله. أما شعبان عبد الرحيم برز كعادته في مواكبة الأحداث، مع مشاركته في حملة لمكافحة أنفلونزا الطيور بأغنية أسندتها له وزارة الصحة المصرية، فضلا عن إعلانه إعادة تقديم أغنية "قارئة الفنجان" للعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ بتوزيع جديد وبعنوان عصري هو "قارئة المج" ، وكذلك عزمه إصار أغنية جديدة خاصة بمصلحة الضرائب في ظل أزمة موظفي الضرائب العقارية. كما احتلت المغنية شيرين عبد الوهاب وأخبار خلافاتها مع المنتج نصر محروس مساحة كبيرة من الأخبار المعنية بمشكلات الوسط الغنائي، حيث تدخلت نقابة الموسيقيين كطرف فيه وتوسط النجم هاني شاكر لإنهائه حتى الاتفاق على الانفصال وإعلان شيرين انضمامها لشركة روتانا. وكان المغني الأوبرالي جابر البلتاجي صاحب أكبر ضجة أثيرت عام 2007 على المستوى الغنائي إثر غنائه في المعبد اليهودي بالقاهرة مخالفا قرارات النقابات الفنية برفض التطبيع. وشهد عام 2007 حفلا أحيته المطربة الكندية من أصول مصرية شانتال شمندي تحت سفح الأهرامات،وسط جمهور كبير، وقامت شبكة تليفزيونية أمريكية بتسجيل الحفل بالكامل وإذاعته عالميا في نوفمبر الماضي.