بينما يحذر خبراء من انخفاض حاد فى مستويات الإنتاج يهدد ب«كارثة اقتصادية»، أكد مصنعون أن مستويات الإنتاج فى القطاع الصناعى شهدت تعافيا ملموسا مقارنة ببداية فبراير الماضى، وإن كان استمرار غياب الأمن وصعوبة الحصول على التسهيلات الائتمانية يمنعان العودة بمعدلات الإنتاج إلى مستوياتها الطبيعية. «لقد شهدت معدلات الإنتاج تعافيا منذ أحداث الثورة بعد أن كانت تراجعت إلى أقل من 20% من الطاقة الإنتاجية، ولكنها مازالت عند مستويات أقل من 50%»، بحسب جلال الزربا، رئيس اتحاد الصناعات، ويرى الزربا أن الاعتصامات العمالية التى تزايدت بعد الثورة ليست السبب الرئيسى فى تعطل الإنتاج لأنها «لا تحدث بمعدلات كبيرة والشركات قادرة على استيعابها، ومن ثم ليست هى المسئولة عن توقف العمل»، فيما اعتبر أن عدم الاستقرار الأمنى يتسبب بدرجة كبيرة فى تعطل الإنتاج. ويقول فتحى كامل، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية، إن معدلات الإنتاج فى القطاع الغذائى أقرب إلى مستوياتها الطبيعية «لأن الناس لا تستغنى عن الأكل فى أى ظرف»، مشيرا إلى أن شركته استطاعت أن تجد حلولا للعديد من المشكلات التى تواجهها بسبب الظروف الحالية، «واجهنا مشكلة غياب الأمن باليقظة لحماية ممتلكاتنا، وتفادى العبور فى المناطق غير العامرة»، مشيرا إلى أن الأثر السلبى للوضع الحالى ملموس بشكل أكبر فى «صعوبة الحصول على تسهيلات ائتمانية» مما صعب من تنفيذ توسعات استثمارية كان مخططا لها قبل الثورة. ويرى، محمد زكى السويدى، وكيل اتحاد الصناعات، أنه بصفة عامة «الوضع حاليا فى القطاع الصناعى تحسن»، إلا أنه على المستوى القطاعى اختلفت درجة التأثر، حيث كان قطاع الصناعات النسيجية والملابس الجاهزة الأكثر تأثرا، يليه الصناعات الغذائية، ثم الصناعات الهندسية والبناء. ويرجع ذلك، وفقا للسويدى، إلى أن القطاع الأول يعتمد فى جزء كبير منه على النشاط السياحى والفنادق، والتى شهدت «شللا تاما». أما الصناعات الغذائية، بالإضافة إلى تعطل وسائل النقل والحالة الأمنية، فإن مشكلة هذا القطاع الأساسية تمثلت فى صعوبة استيراد المادة الخام اللازمة للتصنيع، نتيجة لعدم توافر التسهيلات الائتمانية. ومن أهم المشاكل التى ساهمت بدورها فى تعطيل حركة التصنيع، بحسب السويدى، إطالة فترة تحويل الأموال فى البنوك إلى 5 أيام. وأكد من جهة أخرى على أن عودة الإنتاج مرهونة باتخاذ إجراءات ملموسة من الحكومة لاستعادة الأمن فى الأسواق والاقتصاد. وعن ظاهرة تزايد الاحتجاجات العمالية، يرى السويدى أنه من الضرورى قيام أصحاب المصانع بإجراء حوار مع عمالهم «من أجل فتح قنوات حوار شرعية لهم يعبرون من خلالها عن مطالبهم المشروعة، ولكننا فى نفس الوقت نطالب بالحسم أيضا من الجيش مع المطالب غير المشروعة»، يقول السويدى. ويؤكد السويدى ضرورة اتخاذ خطوات سريعة من أجل حل مشاكل الصناعة المباشرة وغير المباشرة، كونها «المنفذ الرئيسى لاستيعاب البطالة المتزايدة فى مصر»، بحسب قوله مشيرا إلى أنها تضم 30% من حجم البطالة فى مصر. ويرى محمد القليوبى، الرئيس السابق لغرفة الصناعات النسيجية، أنه بالرغم من التعافى النسبى للصناعة إلا أن الإنتاج بنسبة 50% يمثل خسارة للمصانع، لأن «هناك العديد من التكاليف الثابتة التى يتحملها العامل مثل الأجور وإيجار مواقع العمل وتكاليف المواد الخام» كما أن استمرار صعوبة الحصول على تسهيلات ائتمانية يدفع المصنعون للإنفاق من رأس مالهم العامل وهو ما سيظهر له آثار سلبية على الاقتصاد خلال أسابيع. ويشير القليوبى فى مقال نشر بجريدة الشروق القاهرية إلى أن قطاع صناعة الملابس يواجه مشكلات عدم انتظام الإنتاج بسبب الاحتجاجات العمالية من جهة والغياب الأمنى الذى قد يؤثر على حركة أتوبيسات نقل العمال إلى المصانع، مشيرا إلى أن هذه المشكلات قد تعوق البعض عن تصدير الشحنات فى الموعد المتفق عليه مما يفقد المصدرون مصداقيتهم أمام العملاء الأجانب، هذا إلى جانب أن مناخ عدم الاستقرار يقلل من فرص الاتفاق على تعاقدات تصديرية جديدة.