ارسل الرئيس الامريكى "باراك أوباما" الى الكونجرس اليوم الاثنين مقترح الميزانية المالية الجديدة الطموحة، والتى تقدر بنحو 4 تريليون دولار، و فيها يرصد البيت الابيض نحو 478 بليون دولار للاشغال العامة وتطوير الطرق والجسور، معتمدا نهجا جديدا بزيادة الضرائب على الأميركيين الأكثر ثراء، والشركات. الموازنة الجديدة، يصفها البعض بانها قنبلة موقوتة، فهى عبارة عن اعادة تدوير لكثير من المقترحات والخطط التى سبق لادارة اوباما تقديمها فى مشروعات الميزانيات خلال السنوات الماضية، والتى سبق وان ولدت بالفعل اعتراضات عنيفة من قبل الجمهوريين الذين يسيطرون الان على مجلسي الكونجرس للمرة الأولى منذ توليه الرئاسة.. لكن كلا الجانبين يعى انهما يجب ان يصلا الى صفقة و اتفاق ما في نهاية المطاف، والجمهوريين يعون ان تمرير الموازنة العامة فى حاجة لتوقيع اوباما حتى تصبح قانونا ساريا. وتؤكد خطة الإنفاق لعام 2016 التى من المقرر بدء العمل بها في 1 أكتوبر المقبل، نفس المواضيع التى تناولها أوباما فى خطاب حالة الاتحاد الشهر الماضي، عندما قال أنه يتحدي الكونجرس للعمل معه على تضييق الفجوة في الدخل بين الأغنياء جداً وبقية الامريكيين.. وفي الوثائق التي حصلت عليها "وكالة أسوشيتد برس" للانباء، حدد أوباما ميزانية البلاد بنحو مبلغ 3.999 تريليون دولار، و هى المرة الاولى التى يصل فيها حجم الموازنة الامريكية و يقترب من حد 4 تريليون دولار . وتشير الارقام ان الايرادات المتوقعة لدعم هذه الموازنة تقدر بنحو 3.5 تريليون دولار ، وانه سيكون العجز المتوقع في الميزانية نحو 474 بليون دولار فقط، وهو أعلى قليلاً من مبلغ 467 بليون دولار الذى توقعه تقرير"مكتب الميزانية في الكونجرس" عن العجز المالى لعام 2016. ولقد كان العجز الفعلي للسنة المالية التي انتهت في 30 سبتمبر الماضي، نحو 483 بليون دولار، وهو يعد تحسنا ملحوظا للعجز الذى بلغ نحو 1 ترليون دولار خلال السنوات الأولى لحكم أوباما، عندما كانت البلاد تكافح للخروج من حالة ركود الاقتصاد العميق الذى كانت تعانى منه، وان كان تقرير"مكتب الميزانية في الكونجرس" يتوقع ان يرتفع العجز فى السنوات المقبلة ليعود لمستوى 1 ترليون دولار مرة أخرى بحلول عام 2025، كنتيجة لزيادة الأنفاق الحكومى على البرامج الاجتماعية والصحية و مع زيادة عدد المتقاعدين والمواليد. الميزانية التى يقترحها الرئيس أوباما، لم تتضمن إجراء تغييرات رئيسية على برامجه السياسية الشعبية مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، وهو ما سيجعل الجمهوريين فى عمل دائب لمواجهه هذه السياسات خلال بحثهم للميزانية.. و تقول الارقام ان الموازنة ستضم مبلغ يقدر بنحو 478 بليون دولار ستخصص لبرنامج الأشغال العامة الذى يستغرق ست سنوات لتطوير الطرق السريعة و الجسور ونظم المرور ، في محاولة للاستفادة من دعم الحزبين للإنفاق على الإصلاحات التي تمس الحاجة إليها. نصف هذه الأموال ستأتي من ضريبة إلزامية تفرض مرة واحدة على أرباح الشركات الأمريكية التى يتم ربحها من خارج البلاد ، و طبقاً لمسؤولين في البيت الأبيض أن فرض الضريبة على الأرباح الأجنبية المتراكمة سيبلغ معدله نحو 14 في المئة، وهو معدل أدنى بكثير من معدل الحالى الذى يصل الى 35 في المئة. وتعتمد الإدارة برنامج لإصلاح الضرائب على الشركات من خلال إنهاء بعض اعفاءات الضرائب، وخفض معدلات بعضها، وهى مهمة صعبة امام أوباما، مع اصرار الزعماء الجمهوريين على التصدي لهذه المخططات.. وترى الادارة الامريكية ان زيادة الضرائب على الأثرياء وعلى الرسوم التي تدفعها المؤسسات المالية سيساعد على زيادة الموازنة بمبلغ يقدر بنحو 320 بليون دولار ستساهم فى توفير ائتمانات ضريبية لمن هم من منخفضى ومتوسطي الدخل. كذلك يدعو أوباما لتأسيس برنامج كلية المجتمع لتأهيل و تثقيف الامريكيين مجانا بنحو 60 بليون دولار، فضلا عن مبادرة رعاية الطفل وهو برنامج يتكلف نحو 80 بليون دولار. ويقول السيناتور " بول راين Paul Ryan" الرئيس الجديد للجنة الضرائب بالكونجرس "أعتقد ان ما يحاول الرئيس القيام به هنا، مرة أخرى، هو استغلال اقتصاديات الحسد، اى تقريع الاثرياء على سلوكهم غير العقلاني، دون ان يعتمد مقاربة التوزيع من أعلى إلى أسفل". وعلى الرغم من موقف السيناتور "راين" من خطط اوباما الا انه اعلن فى برنامج "لقاء مع الصحافة "لشبكة أن بي سي الاخبارية، أنه مستعد "للعمل مع هذه الإدارة لمعرفة إذا كان يمكن أن نجد أرضية مشتركة في بعض جوانب الإصلاح الضريبي". بينما يرى البيت الأبيض أنه القدرة على التأثير في فرض ضرائب على الأرباح الأجنبية عن طريق ربط الإيرادات المحتملة من هذه الضرائب بمشاريع البناء التي يمكن أن تستفيد بها الولايات والمقاطعات وهو ما سيفيد كل عضو بالكونجرس.. وكانت الادارة الامريكية قد اقترحت خطة الاشغال العامة للطرق والجسور ولكن على مدى اقل يقدر بنحو 4 سنوات وايضا اعتمادا على فرض ضرائب على الأرباح الخارجية المتراكمة، ولكن دون ان تحدد قيمة هذه الضرائب، لكن هذه المرة تم تمديد البرنامج ليصبح ست سنوات مع تحديد فرض ضريبة إلزامية تقدر بنحو 14 في المائة مرة واحدة على ما يصل إلى مبلغ 2 تريليون دولار من أرباح الشركات الأمريكية التي تراكمت في الخارج. وبحسابات البيت الأبيض، هذه الصيغة المقترحة من المقرر ان تولد عائدات لمرة واحدة تقدر بنحو 238 بليون دولار،. ويتبقى مبلغ 240 بليون دولار سيأتي من الصندوق الاتحادي "للطرق السريعة "، الذي سيُمول بفرض ضريبة على البنزين. ولكن تظل القضية حجر العثرة امام هذه الخطط، هو كيفية اعادة الشركات لبعض من إيراداتها الخارجية للاستثمار في الولاياتالمتحدة.. فالمعدل الحالي للضريبة الأعلى يبلغ 35 في المئة للشركات، وهو أعلى معدل بين الاقتصادات العالمية الرئيسية، ويعد عاملاً مثبطا.. وهو ما يجعل العديد من الشركات الأمريكية التى لديها حيازات فيما وراء البحار، تحتفظ بإيراداتها الخارجية بالخارج، لتجنب الضرائب الأمريكية المرتفعة. لذا وبموجب خطة أوباما، سيتخفض معدل ضريبة الشركات الأعلى للإيرادات إلى 28 في المائة، وسوف تخضع الأرباح الأجنبية للضريبة بنسبة 19 في المائة، مع حصول الشركات على ائتمان للضرائب الأجنبية المسددة. كما سوف تقترح ميزانية أوباما تخفيف التخفيضات المؤلمةوالتلقائية التى شهدتها موازنة البنتاجون والوكالات المحلية، مع زيادة بنسبة 7 في المئة في الاعتمادات السنوية. حيث تشهد موازنة عام 2016، زيادة مبلغ 38 بليون دولار للبنتاجون؛ وهو الامر الذى سيدعمه العديد من الجمهوريين، ولكن مطلبه لمبلغ مساوي تقريبا للبرامج المحلية قد يشهد مواجهه قد لا يمكن حلها إلا في وقت متأخر . بالإجمال، يحسب البيت الأبيض أن الزيادات الضريبية التي ياملها أوباما، مع خفض الإنفاق الجاري، سيكون مؤهلا لاحداث خفض العجز بحوالي 1.8 تريليون دولار خلال العقد القادم، حيث ان تحقيق الزيادات الضريبية، لا سيما الزيادة في أرباح رأس المال، سيؤدى على المدى الطويل إلى استقرار الدين بالنسبة لحجم الاقتصاد لمدة 25 سنة.