كان من الطبيعي ان تختار الشرطة المصرية لعيدها الوطني ذكري يوم 25 يناير 1952 وهو يوم يتوج أجندة أعيادنا الوطنية منذ 59 عاما للاحتفال بذكري صمود رجال الشرطة في الاسماعيلية دفاعا عن مخفرهم الصغير وتضامنا مع صمود مصر كلها في مواجهة صلف الاحتلال البريطاني وبطشه وسجل رجال الشرطة آنذاك صفحة مجيدة في ملحمة التحرير الوطني بإصرارهم الشجاع علي مقاومة العدوان وهم العزل إلا من بنادقهم العادية في مواجهة قوات عسكرية انجليزية مدججة بكل أنواع الأسلحة الثقيلة ومع المقاومة في معركة غير متكافئة سقط خمسون شهيدا من رجال الشرطة. وكان من الطبيعي ان تختار الشرطة المصرية لعيدها هذا اليوم المجيد في تاريخ الوطنية المصرية ترسيخا لمعني العطاء والفداء, وتأكيدا علي رسالة الشرطة المصرية علي مر السنين من منطلق أن الشرطة جزء من نسيج هذا الشعب ووظيفتها أن تحرس آماله وأمانيه وتسهر علي أمن كل مواطن, تحمي عرضه وحريته وماله وترعي استقرار الوطن وتحفظ للقانون احترامه وهيبته وتكبح الظلم وتغيث الملهوف وتدفع عن المجتمع شرور الخارجين علي القانون وتحارب أكلة المال الحرام وتجار الموت والسموم والعابثين بمصالح الشعب والمتربصين بأمن الوطن واستقراره. {{{ من منطلق مثل تلك المسئوليات الوطنية التي تتحملها الشرطة المصرية في تعاملها مع كل مواطن مصري, فإن الأمر يتطلب الآن وأكثر من أي وقت مضي ميثاقا شرفيا مكتوبا يربط الطرفين: رجل الشرطة والمواطن, تأكيدا للمسئولية الوطنية المشتركة والمتبادلة التي تجمعهما في عصر تتوالي فيه التحديات والمخططات التي تستهدف الوطنية في البداية والنهاية قبل ان تستهدف رجل الشرطة أو المواطن, ومن هنا تبدو أهمية استحداث ميثاق شرف يؤكد ثوابت الوطنية المصرية بصفة عامة وثوابت منظومة الحقوق والواجبات التي يتحلي بها كل من المواطن ورجل الشرطة. وثمة نص دستوري أوردته المادة (56) من دستور مصر الدائم منذ عام 1971 يلزم الاتحادات والنقابات والجمعيات.. الخ بصياغة مواثيق شرف التزاما بهذا النص الدستوري, وبادر عدد من النقابات والاتحادات والجمعيات المهنية والعمالية والتعاونية بصياغة مواثيق شرف التزاما بهذا النص الدستوري مثل الاتحاد العام لنقابات عمال مصر 1971 والعاملين باتحاد الاذاعة والتليفزيون 1974 ونقابة الصحفيين 1975 والجمعية المصرية للعاملين في الأوراق المالية 1997 الخ. ولكن هناك العديد من المهن والاتحادات والتجمعات يترددون في اتخاذ تلك الخطوة رغم مرور 40 عاما علي صدور الدستور. {{{ وما أحوجنا حاليا وأكثر من أي وقت مضي الي استكمال صدور مواثيق الشرف لكل الاتحادات والنقابات والجمعيات التزاما وتأكيدا لأخلاقيات العمل العام والخاص ورقيبا علي اعمال وسلوكيات كل انسان عامل في خدمة الجماعة أيا كان موقعه الوظيفي لمواجهة ظواهر عامة الخوف كل الخوف أن تتفشي في دوائر أوسع علي مستوي كل المهن والوظائف والأعمال والمسئوليات.. الخ. ومنها ظواهر التجاوزات الادارية والمالية والانحرافات والكسب السريع والاختلاسات وتفشي الجشع والغش أو الذمم الخربة والتزويغ من العمل واجازات التمارض أو الترويج للشهرة الكاذبة أو التجارة في الأعضاء البشرية.. أو ممارسة التخريب اثناء التظاهر السلمي... الخ وتلك وغيرها أعراض سرطانية مختلفة تنخر في جسد المجتمع ككل مع غياب الضمائر وسقوط أصحابها بعد ان تجردوا تماما من مبادئ وقيم المسئولية الاجتماعية. {{{ ومن هنا تبدو أهمية فتح ملف الدعوة الي احياء النص الدستوري الخاص بميثاق الشرف ليشمل كل الوزارات والمهن والحرف والأعمال الحكومية أو الخاصة.. الخ ومختلف النقابات والاتحادات المهنية أو الانتاجية أو الاستهلاكية.. الخ. وإذا كان من السهل جدا ان يقوم كل اتحاد أو نقابة أو مهنة بتدبيج سطور في الأدب تحض علي القيم النبيلة فإن العبرة هنا لا تكون بالصياغة فحسب وإنما بالممارسة فالخوف كل الخوف ألا تؤخذ مبادئ وقيم ومثل ميثاق الشرف مأخذ الجد والحزم من قبل النقابة في حالة مخالفة العضو ميثاق الشرف, ومن ثم فمن الضروري ان يحتل الجزاء الاخلاقي مكانا واضحا في ميثاق الشرف, حيث يلاحظ ان عددا من مواثيق الشرف جاءت خلوا من أية ضوابط للجزاء الاخلاقي في حالة ارتكاب المخالفات واشعال النيران وترديد الهتافات غير المشروعة.. الخ أثناء ممارسة الحقوق المشروعة في التظاهر السلمي. نقلا عن صحيفة "الاهرام" المصرية