أول ما قامت به عزيزة هو مد يدها إلى خزانة خشبية أخرجت منها لفافة بلاستيكية، قامت بفتحها وتقطيع ما بداخلها إلى قطع صغيرة كلوح شيكولاته، وقدمت منها إلى صغيرها البالغ من العمر أربع سنوات، فهذا هو إفطاره.. قطعة من الأفيون وبررت فعلتها قائلة "إن لم أقدم له الأفيون فلن ينام ما يعني أنني لن أتمكن من العمل". وتلجأ العديد من العائلات الأفغانية في إقليم "بلخ" شمالي أفغانستان للأفيون كخيار متوفر ومتاح للعلاج ما أدى لتفاقم ظاهرة الإدمان بين الأجيال في المناطق الريفية لتعذر الحصول على الخدمات الصحية بسبب القيود الثقافية أو ندرة المراكز الصحية. وعزيزة التي تنحدر من عائلة تجمع قوتها بالعمل في حياكة السجاد كسواها من العائلات الفقيرة تجهل المخاطر الصحية المترتبة عن إدمان المخدرات. أضافت قائلة "نقدم الأفيون للأطفال كذلك كلما أصابهم المرض" فالافتقار للخدمات الصحية بتلك المناطق النائية في أفغانستان إلى جانب تكلفتها الباهظة إن توفرت تضع العائلات أمام خيار الأفيون حيث تدور حلقة الإدمان على مر الأجيال فالبالغون يتعاطون المخدر لتسكين الآلام ومدهم بالطاقة للعمل لساعات طويلة وتقدمه الأمهات للصغار كعلاج ومهدئ للأطفال ليتمكنوا من العمل. يذكر انه لا توجد إحصائية رسمية عن عدد الأفغانيات اللواتي يتعاطين الأفيون الا ان مسحاً أجراه مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في العام 2005 وجد أن عدد الإناث المدمنات في البلاد يصل إلى 120 ألفاً. ويبعد أقرب مصح حكومي للتأهيل من إدمان المخدرات على بعد أربع ساعات بالسيارة عن إقليم "بلخ"، وحتى في حال توفره، فإمكانياته لا توهله لاستيعاب عدد المدنيين، فالمصح لا يتسع سوى لعشرين سريرا يقوم على خدمته حفنة من الموظفين. وقال د.محمد داؤد ريتيد، منسق المصح العلاجي ان الأفيون ليس بالجديد على قرانا أو المقاطعات، فهو تقليد قديم له مسحة دينية في بعض المناطق موضحا ان افغانستان بها مليون مدمن من مجموع سكانها الذي يتجاوز 25 مليون نسمة.