إستبشرت الأوساط السياسية السودانية بالزيارة الخاطفة السريعة التى قام بها أمس الخميس كل من أحمد ابو الغيط وزير الخارجية والوزير عمر سليمان باعتبارها مهمة بتكليف من رأس الدولة المصرية الرئيس حسنى مبارك للاطمئنان على الاوضاع فى السودان شماله وجنوبه لتؤكد للشارع السياسى والشعبى السودانى أن مصر ستبذل كل جهودها بعلاقاتها القوية مع الاطراف الدولية خاصة الولاياتالمتحدة وايضا شريكى الحكم فى السودان ليخرج استفتاء الجنوب السودانى بصورة ترضى الجميع وتجنبهما ويلات الحرب والدمار. وجاءت الزيارة فى توقيت هام قبيل استفتاء لم يتبق عليه سوى اقل من ثمانين يوما هى الاخطر فى تاريخ السودان الحديث, وسط حراك سياسى ودبلوماسى من اطراف عديدة محورها الاهتمام بالدور المصرى وآمال سودانية ترغب فى ان تتمكن مصر بثقلها وكما تعود اشقاؤها السودانيون ان يكون انقاذ الموقف بأيادى مصرية تعود عليها السودانيون, ومن نفس الرجلين ابو الغيط وسليمان بتكليفات شخصية من الرئيس حسنى مبارك, كما حدث من قبل فى ازمات للسودان تم تذويبهما على أيدى الرجلين. وظهر من خلال تصريحات الرئيس السودانى عمر البشير, وأيضا وزير الخارجية على كرتى, بتحيتهم للدور المصرى الفعال فى الشأن السودانى والجهود الخارقة التى تبذلها القيادة المصرية وعلى رأسها الرئيس مبارك من اجل استفتاء حر ونزيه وشفاف يمهد لعلاقات قوية بين الشمال والجنوب أيا كانت نتائجه, ومدى الامال المستبشرة التى ترهنها الحكومة السودانية بعلاقات مصر المتميزة ايضا بالحركة الشعبية للخروج من الوضع الحالى المخيف الى تطمينات على مستقبل وطنهم. وأكد ابوالغيط فى تصريحاته انه يحمل رسالة من الرئيس مبارك للاطمئنان على ترتيبات استفتاء تقرير مصير الجنوب وسط هذه الاجواء المشحونة والمحتقنة على خلفيات حروب قديمة بدأت تلوح فى الافق من جديد. وحملت زيارة أبوالغيط وسليمان للخرطوم وجوبا عاصمة الجنوب السودانى فى مضامينها دلالة رمزية تؤشر الى رغبة الحكومة المصرية فى تهيئة الاجواء للاستفتاء الذى يعانى من ضيق الوقت لاتمامه بصورة ناجحة حتى يتمكن طرفى اتفاق السلام الشامل من وضع حلول جذرية للقضايا العالقة بينهما لضمان اجراء استفتاء حر ونزيه وعدم العودة للحرب التى يراها المراقبون قريبة لو تم الاستفتاء فى تلك الاجواء. ووصف ابو الغيط اللقاء بأنه كان طيبا, وقال "لقد أطلعنا الرئيس البشير على رؤية القيادة السودانية حول الاوضاع بصورة عامة والتي سننقلها للرئيس مبارك" فى نفس الوقت الذى أشاد فيه وزير الخارجية السودانى على كرتى باهتمام مصر بالأوضاع فى السودان ودعمها لقضاياه.. مؤكدا الالتزام الواضح والتعاون مع الشركاء فى جنوب السودان لاستكمال ما تبقى من عملية السلام الشامل. من ناحيته، رأى أمير الأمين المحلل السياسى السودانى بالخرطوم أن "زيارة وزير الخارجية احمد ابو الغيط والوزير عمر سليمان الى الخرطوم وجوبا تحمل فى طياتها الكثير من المؤشرات الداعية إلى تأجيل الاستفتاء الخاص بتقرير مصير جنوب السودان المقرر فى يناير المقبل لاتاحة الفرصة للشريكين من معالجة القضايا العالقة بينهما ". وقال " وجدت قضية الاستفتاء الخاص لتقرير مصير جنوب السودان اهتماما دوليا كبيرا خاصة من الدول الكبرى والدول المجاورة للسودان بصورة خاصة من اجل الحفاظ على الاتفاق الذى وقع بين الطرفين فى عام 2005, والذى بدوره اوقف حربا اهلية امتدت لاكثر من عشرين عاما".