قد تفاجأ لدى زيارتك للعاصمة الأميركية بعدد القنوات الدينية، المسيحية خصوصا، التي يمكن مشاهدتها عبر الكيبل... فبينما الصورة النمطية للأميركيين هي انهم «مدمنون» على القنوات الرياضية، مثل «إي.أس.بي.أن»، التي يشاهدون عليها مباريات كرة القدم والبيسبول حاملين قارورة من الجعة ومسترخين على كنبة مريحة... فإن القنوات الدينية تلاقي اقبالا كبيرا في مناطق أميركية عدة، سواء إذاعيا او تلفزيونيا. فبحسب ما ذكر تحقيق لموقع «كولومبيا جورنالزم ريفيو» المتخصص بالإعلام فإن هذه الظاهرة انتشرت بشدة بعد اعتداءات 11 سبتمبر وحظيت بمزيد من الاهتمام على هامش الحملات الانتخابية في العام 2004... لدرجة أن القنوات الاذاعية الدينية على سبيل المثال تفوقت على أي صيغة قنوات متخصصة أخرى باستثناء الاذاعات المتخصصة بأغاني ال«كونتري» (اغاني الريف الشعبية الأميركية) والإخبارية الحوارية. كذلك تذكر «كولومبيا جورنالزم ريفيو» بأن لل«الانجيليين المحافظين» نصيب الأسد في هذا النوع من الإعلام المتخصص حيث تذكر بأن لهم ست شبكات تلفزيونية وطنية أميركية، و2000 محطة اذاعية. إلا أن الظاهرة لا تقتصر على القنوات المسيحية وحسب حيث تشهد احدى المحطات الأميركية المسلمة توسعا لافتا هي قناة «بريدجز» (وتعني «الجسور»)، التي باشرت البث اواخر العام 2004. وكانت «بريدجز» بدأت بثها من قرب مدينة بافالو في ولاية نيويورك في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004 على القمر الصناعي جلوبال كاست ثم مدت إرسالها إلى كثير من المدن الأميركية بواسطة شركات الكيبل الأرضية من بينها المدن الكبرى نيويورك ولوس أنجليس وديترويت وواشنطن دي سي وشيكاغو وبحسب ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» مؤخرا فإن القناة وسعت تواجدها اكثر في منطقة فرجينيا عبر التعاقد مع شركتي «فيرازون» و«كوكس كيبل» ويقول القائمون على التلفزيون أن برامجه موجهة لكافة المسلمين الأميركيين بمختلف عرقياتهم ومذاهبهم بمن فيهم الأميركيون الأفارقة المسلمون والأطفال المولودون في شمال أفريقيا. وتقدم القناة برامج حوارية وأفلاما وثائقية وتغطيات اخبارية، اضافة الى الأفلام السينمائية وبرامج الطهي. ولا يتبنى التلفزيون مذهبا إسلاميا. وبحسب القائمين على القناة فإن برامجها الناطقة حصريا بالإنجليزية (او المترجمة) والتي لا تأخذ الطابع الديني طوال الوقت (مثل الأخبار والأفلام ومباريات كرة القدم) تستهدف كذلك الأميركيين غير المسلمين في أميركا. هناك أيضا قناة تلفزيونية يهودية تلاقي شعبية هي قناة «شالوم»، وتقدم هذه المحطة برنامج طهي يعتمد على لحم «كوشر» (أي المذبوح بالطريقة اليهودية)، بالاضافة الى دروس اللغة العبرية وقراءة في كتاب التلموذ وبرامج تناقش معاداة السامية. ونقلت صحيفة واشنطن بوست مؤخرا عن تيم كرايدل، وهو صحافي غطى ظاهرة انتشار القنوات الدينية قوله «لقد تغير وتوسع المحتوى والتوزيع... اصبحت هذه القنوات اكثر شبابية للوصول الى الجمهور» وبحسب البوست فإن «الجمهور الجديد» لهذه القنوات هم الشباب واليافعون وفي العام الماضي انشأت شبكة «ترينتي» الدينية التلفزيونية قناة خاصة بالاطفال تدعى «ابتسامة طفل» (سمايل اوف أي تشايلد) ومن ضمن البرامج برامج مسابقات وتحد ذات مغزى ديني.