رفعت السيد فوزية عبدالستار نقلا عن الاهرام 3/7/07 تخيل البعض أن الإفراج الصحي جواز مرور لأصحاب القضايا المحبوسين, وحاولوا استغلال الرخصة الطبية الممنوحة بالرحمة للمرضي الحقيقيين.بينما وقف الكثيرون يتساءلون عن شروط الإفراج الصحي والحالات المستحقه له. المستشار رفعت السيد رئيس محكمة جنايات القاهرة أوضح لنا أن الافراج الصحي يرجع للثلاثينيات منذ صدور قانون الإجراءات الجنائية ولم يكن بابا مفتوحا وظهر بوضوح علي الساحة في الاونة الأخيرة مقارنة بالماضي بسبب ان المجرمين لم يكونوا من كبار القوم بينما حاليا كثير من المتهمين من الشخصيات المهمة والعامة طالبت بالإفراج الصحي هروبا من تنفيذ العقوبة التي لاتتفق مع حياتهم المرفهة, مشيرا إلي ان هناك متهمين مصابون فعلا بأمراض خطيرة والسجون قد لايكون في امكاناتها بتقديم العلاج للأمراض المزمنة مثل الفشل الكلوي والسرطان ومن مصلحة المجتمع ان يخرجوا للعلاج. وأضاف أن المادة486 من قانون الاجراءات الجنائية تنص علي أنه اذا كان المحكوم عليه بعقوبة مصابا بمرض يهدد ذاته أو بسبب التنفيذ حياته للخطر جاز تأجيل تنفيذ العقوبة عليه ويجب علي النيابة ندب الطبيب الشرعي لفحص حالته, فإذا ماثبتت اصابته بهذا المرض جاز تأجيل تنفيذ العقوبة عليه وهذا في حالة ما إذا كان المتهم لم يودع بعد السجن, أما اذا تسبب بعد دخوله السجن إصابته بهذا المرض الذي يهدد حياته يعرض أمره علي مدير القسم الطبي لمصلحة السجون لفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي بالنظر في الإفراج الصحي عنه ويتم تنفيذ ذلك القرار باعتماد من مدير عام السجون وموافقة النائب العام وتكون الفترة التي يقضيها المحكوم عليه خارج السجن لاستكمال علاجه كأنها قضيت داخل السجن وتحتسب من مدة عقوبته, أما اذا أصاب المحكوم عليه الجنون فيجب تأجيل تنفيذ العقوبة حتي يبرأ من جنونه ويجوز للنيابة أن تأمر بوضعه في أحد مستشفيات الأمراض العقلية وتحتسب الفترة التي يقضيها المتهم في المستشفي للعلاج من مدة عقوبته, مشيرا إلي انه لايحق لمحكمة الجنايات إصدار حكم عكس قرار الطبيب الشرعي من النائب العام. أما الدكتور جلال عبدالحميد نائب رئيس مصلحة الطب الشرعي فيؤكد أن خروج متهم من السجن بالإفراج الصحي ليس مهمة المصلحة, فقد أصبح كثيرا من الأهالي يتقدمون بالتقارير الطبية, ومهمتنا تبدأ بالاطلاع عليها ومطابقة مدي مصداقيتها من خلال إجراء الكشف الطبي علي المسجون في اطار لجنة ثلاثية يشكلها متخصصون بالإضافة الي مشاهدة المظهر الخارجي لقدراته. وكشف لنا الدكتور جلال عبدالحميد عن أن كثيرا من التقارير الطبية التي تمكن بعض المتهمين الأثرياء من إعداها من خلال استشاريين, قد تكون مزورة وليس لها علاقة صحيحة بالحالة الصحية الواقعية للمتهم بالرغم من انه يتضمن مواد توحي بأن الحالة المرضية تنذر بموت المتهم, موضحا أن عباره الموت المفاجيء التي جعلتها مؤخرا بعض التقارير الطبية المقدمة لنا من قبل أهالي المتهم لاتعد سندا قويا للموافقة علي قرار الإفراج الصحي, حيث ان الموت المفاجيء قدرا من المتوقع أن يصيب أي مواطن مريضا كان أو سليما. ويحكي الدكتور جلال عبدالحميد عن عقد لجنة لأحد المشاهير المسجونين وتبين من إجراء الكشف ان حالته الصحية متأخرة ووافقنا علي سفره للخارج. وأوضح المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض ان الافراج الصحي باب فتح علي مصراعيه من خلال قضايا ذات طابع سياسي معين, وخصومها عادة مايكونون أصحاب نفوذ ومقدرة علي جلب الدفاع وإثارة قضايا المناهضة, والقضاء الذي قضي بعقوبة ما هو ذاته الحريص علي تنفيذها وأيضا لن نوافق علي نفاذ أي تزوير, وتساءل كيف يتعرض القضاء في مصر لضغوط خارجية وسياسية لأنه جزء من سلطة الدولة؟. وأضاف المستشار هشام جنينة سكرتير عام نادي القضاة ان باب الإفراج الصحي سيغلق أمام المتهمين المتلاعبين حينما يكون القانون هو الحكم الوحيد في هذا القرار الحيوي دون أن يخضع لأي إملاءات أو فروض أو توجيهات. وأشار الدكتور عمر الشريف المستشار بإدارة التشريع بوزارة العدل إلي أن نجاح بعض المتهمين في الفرار من عقوبتهم من خلال الافراج الصحي لذلك ظن البعض انه مخرج لابد من نجاحه, ولكن تنفيذ القانون هنا مرهون بالأشخاص والجهات المتعددة للتنفيذ, كما ان المعيار الأخير التقرير الطبي الذي يتعرض للبت في مصداقيته من خلال لجنة ثلاثية للطب الشرعي وضمير الطبيب, مشيرا إلي ان رجال القضاء لايملكون الفصل في فتاوي التقارير الطبية ويتعاملون فقط مع المستندات ولكن لايقع علي عاتق القاضي أية مسؤلية إذا ثار في ضميره الشك, فمن حقه ان يطلب فورا عرض المتهم علي طبيب آخر. الدكتورة فوزية عبدالستار رئيس اللجنة التشريعية لمجلس الشعب سابقا تضيف أن قرار الإفراج الصحي ليس ملزما من الناحية القانونية وهو متروك لتقدير من بيده اتخاذ القرار ولايعتمد علي المعلومات الشخصية وانما تقارير من شأنها صحة المحكوم عليه, ولانستطيع إلغاء ذلك البند من القانون لأنه قد يتعارض مع الجوانب الانسانية, فهناك بعض المساجين يعانون فعلا من الأمراض الخطيرة, والمحكوم عليه وفقا للمواثيق الدولية لايتحمل إلا القدر الضروري من القيود التي يقتضيها سلب الحرية أو عقوبة أشد من طاقته. وهدد خبراء القانون بأن خروج المتهمين تحت مظلة الإفراج الصحي دون وجه حق سوف يصيب الرأي العام بصدمة والعدالة في مقتل وان كثيرا من المساجين أتتهم الوفاة داخل السجون وكانت طبيعية وعادية دون أي أسباب مرضية. ويوضح الدكتور شوقي السيد أستاذ القانون أن أغلبية المتهمين المطالبين بالخروج من السجن بحجة الإفراج الصحي متفننون في الألاعيب ويجيدونها بذكاء ولديهم القدرة المالية والسياسية السلطوية. وشدد الدكتور شوقي السيد علي أنه إذا كان هناك خطر يهدد حياة السجين داخل محبسه, ففي هذه الحالة ينظر في حالته, أما اذا كانت الحالة المرضية التي يتقدم بها من خلال التقارير الطبية داخل السجن شأنها شأن خارج السجن مثل أمراض السكر والضغط وبعض أمراض القلب لن يكون السجن هو المؤثر في الإضرار بحالته الصحية, فما يحدث خلف القضبان يمكن أن ينفذه خارجها, فلابد من تنفيذ الافراج الصحي مواكبا للشروط القانونية السليمة. وإلا كان بابا مفتوحا للإفلات من العقوبة. وأخيرا يعلق الدكتور أحمد العطار وكيل كلية الحقوق جامعة عين شمس وأستاذ القانون علي الافراج الصحي بقوله: هو إحدي المسائل المتعلقة بتنفيذ العقوبة السالبة للحرية وفكرته أن العقوبة لاتعتبر إيلاما فقط بشخص المحكوم عليه ولكن فيها اصلاح وتهذيب وتتأثر هذه الفكرة بالاعتبارات العالمية التي تدعو لها جمعيات حقوق الإنسان, وبالتالي فإنه اذا ما تبين ان تنفيذ العقوبة أصبح مستحيلا أو يفتقد جدواه في الاصلاح والتهذيب فلا جدوي من تنفيذ العقوبة, والافراج الصحي مأخوذ به سواء كانت العقوبة هي السجن المشدد أو الحبس البسيط.