في ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان أمس أعلنت 19 منظمة حقوقية عن رفضها لمسودة الدستور المطروحة للاستفتاء الشعبي بالخارج غدا (12 من ديسمبر)، وأعربت المنظمات عن بالغ قلقها على مستقبل الحريات وحقوق الإنسان في حال انتهت نتيجة الاستفتاء باعتماد هذه المسودة دستورًا دائمًا للبلاد.
وفي بيان صحفي صدر أمس حمل توقيع 19 منظمة بعنوان "المصريون مدعوون للاستفتاء على دستور يقوّض حقوق الإنسان والحريات"، جاء به "من المؤسف أن المصريين بدلاً من أن يحتفلوا اليوم بمرور 64 عام على إطلاق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي شاركت مصر في صياغته؛ فإنهم مهددين بأن يصوغ مستقبلهم دستور يرسخ للاستبداد السياسي والديني؛ ويضفي على (الشرعية الدستورية) صبغة الاعتداء على حقوق الإنسان؛ ولا يعترف بالتزامات مصر الدولية في حمايتها. وذلك في أعقاب ثورة شعبية راح ضحيتها مئات الشهداء وآلاف الجرحى في سبيل التمتع بالحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية".
البيان أشار إلى أنه "وضع مسودة الدستور جمعية تأسيسية تفتقر للمشروعية المجتمعية والسياسية والأخلاقية وعليها مطاعن قانونية، وكان واضحًا منذ يومها الأول هيمنة توجهات معادية للحريات العامة وحقوق الإنسان، تسعى لفرض وصاية على حقوق المواطنين الشخصية وحرياتهم في كافة المجالات، بما في ذلك منح غطاء دستوري لتشكيل جماعات تمارس العنف؛ لإجبار المواطنين على اتباع أنماط أخلاقية ومجتمعية خاصة بهذه الجماعات".
وأضاف "للأسف وجدت هذه الجمعية غير المشروعة دعمًا من رئيس الجمهورية، الذي كان ضمن من اعترفوا بأن تشكيل الجمعية غير متوازن؛ لذا أكد في حملته الانتخابية أنه سيعمل على إعادة التوازن لتشكيلها، ولكنه لم يف بوعده، كما لم يف بوعدٍ آخر أطلقه بعد فوزه بالرئاسة، بأنه لن يطرح للاستفتاء دستورًا لا يحظى بالتوافق بين القوى السياسية والمجتمعية".
وانتقد البيان مسودة الدستور لأنها "تفتح الطريق أمام تأسيس دولة دينية على نمط نظام "ولاية الفقيه" الإيراني، ولكن بمصطلحات "سُنيّة"؛ حيث يحتل الفقيه السُني ممثلاً بهيئة كبار العلماء سلطة الوصاية على العملية التشريعية، الأمر الذي يُقوّض مفهوم الدولة الديمقراطية الحديثة في مصر، ويضع البلاد على طريق فوضى قانونية غير محدودة".
كما انتقد المنظمات الحقوقية عدم إشارة الدستور إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان التي صدقت عليها مصر، وأضاف البيان "كما تمت صياغة مواد الحقوق والحريات بعبارات فضفاضة أو تم إحالة أمر تنظيمها للقانون".
وأشار البيان إلى أنه لما كانت السلطات والصلاحيات الاستبدادية الهائلة لرئيس الجمهورية أحد الأسباب التي أدت لاندلاع الثورة؛ فالمسودة المطروحة تمنح رئيس الجمهورية صلاحيات استبدادية لا تقل عن تلك التي تمتع بها الرئيس السابق مبارك، فضلاً عن أن مسودة الدستور تُمثل تراجعًا هائلاً فيما يتعلق بضمانات حماية حقوق الإنسان، مقارنة بالدستور الذي أسقطته الثورة.
وأضاف "يُقيّد الدستور المقترح عددًا من الحقوق الأساسية؛ مثل حرية ممارسة الشعائر الدينية وحرية التعبير والحق في التظاهر، ويتيح حل الجمعيات الأهلية ويرفض مبدأ التعددية النقابية، ويقيّد الحق في تداول المعلومات وحرية الصحافة".
وأوضح كما يوجه الدستور ضربة قاصمة للمحكمة الدستورية العليا، التي كانت أحد أبرز حصون الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات في مصر قبل الثورة؛ حيث جعل أمر تعيين قضاتها من خارج جمعيتها العمومية ويخضع تشكيلها لسلطة رئيس الجمهورية، ويسمح بأن يضم تشكيلها جهات غير قضائية؛ الأمر الذي قد يسمح للمرة الأولى بضم رجال الدين إلى تشكيل المحكمة.
البيان وقع عليه (مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان، الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، دار الخدمات النقابية والعمالية، مؤسسة المرأة الجديدة، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان، مركز الأرض لحقوق الإنسان، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، مركز حابي للحقوق البيئية، مركز قضايا المرأة المصرية، مركز هشام مبارك للقانون، مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت)، مصريون ضد التمييز الديني، المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، المنظمة المصرية لحقوق الإنسان).