48 ساعة فقط تبقت على احتجاب 11 صحيفة مستقلة وحزبية، كخطوة اعتراضية منها على الإعلان الدستورى الذى انفرد بإصداره رئيس الجمهورية محمد مرسى، والذى تضمن إهدار مكانة القضاء وتحصين قرارات مرسى ضد أى جهة قضائية، وكذلك ضد مسودة الدستور التى وضعتها اللجنة التأسيسية لوضع الدستور والتى أهدرت عديدا من حقوق الصحفيين وأصرت على عدم النص على منع الحبس فى قضايا النشر، وهو ما يفتح البابا على مصراعيه أمام عمليات تصفية الحسابات مع الصحف والكتاب المعارضين للسلطة، كما قررت بعض القنوات الفضائية تسويد شاشاتها فى اليوم التالى لاحتجاب الصحف للأسباب ذاتها. الكاتب الصحفى والأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة سابقا، صلاح عيسى، اعتبر أن حجب الصحف إجراء مهم ويشعر القراء بأن خطرا على حرية الإعلام قد يحرمهم من معرفة الحقيقة التى يبغونها، ودعوتهم أيضا إلى التحرك والمشاركة فى الاحتجاجات التى ينظمونها للدفاع عن حرية الإعلام، بالإضافة إلى لفت نظر المنظمات الإقليمية والدولية المهتمة بالحرية عامة وحرية الإعلام خاصة بأن هناك خطرا على الحريات فى مصر.
عيسى أضاف ل«التحرير»، أن إجراء الحجب يجب أن يتبعه بعض الإجراءات الاحتجاجية الأخرى لكى يؤتى ثماره، معتبرا أن إظلام شاشات الفضائيات أمر مهم، خصوصا أن جماهير التليفزيون أوسع مدى من جماهير الصحف.
الكاتب الصحفى أشار إلى أن الصحافة المصرية لديها خبرة تاريخية كبيرة فى هذا الصدد، حيث بدأ احتجاب الصحف فى عام 1914 عندما فُرضت الحماية البريطانية على مصر وقتها، وفى عام 1923 احتجبت الصحف مجددا احتجاجا على قسوة الرقابة العسكرية على الصحف، ثم احتجبت للمرة الثالثة فى 5 يونيو 1951، احتجاجا على قوانين كانت الحكومة وقتها تنوى فرضها على الصحافة لتقييد حريتها، وفى عام 1995 حين احتجبت الصحف احتجاجا على القانون رقم (93 لسنة 1995)، والذى يغلظ عقوبات الحبس فى جرائم النشر، وتكرر بعد ذلك أكثر من مرة فى الأعوام الأخيرة، مؤكدا أن كل هذه الإضرابات أثرت فى الحكومات التى كانت قائمة حينها، إلا أنه كان دائما ما تتبع إجراء الحجب إجراءات أخرى كالاعتصامات والتظاهرات والبيانات والسعى إلى عمل ضجة محلية ودولية، لتحقيق هدفها.
الكاتب الصحفى رجائى الميرغنى، أكد ترحيبه بهذه الخطوة التصعيدية، معتبرا أن احتجاب الصحف شكل من أشكال الاحتجاج الديمقراطى على الإعلان الذى يرفضه أغلب المصريين، مضيفا أنه احتجاج مشروع على دستور لا يعبر عن مصلحة مصر.
الميرغنى أضاف ل«التحرير» أن الأيام الماضية كشفت عن عيوب كثيرة تضمنها الإعلان الدستورى الذى أصدره رئيس الجمهورية، مستنكرا أن يصدر مثل هذا الإعلان عن رئيس منتخب «حتى إذا كان لمدة محدودة كما برر الرئيس»، موضحا أن هناك تجاهلا للمواد التى كانت قد تقدمت بها نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة والتى تخص حرية الصحافة والإعلام فى الدستور الجديد.
من جانبه، قال الكاتب الصحفى يحيى قلاش، المتحدث الإعلامى باسم اللجنة الوطنية للدفاع عن الإعلام، إن حرية التعبير والإعلام والصحافة جزء من الحريات العامة ولا تخص الصحفيين فقط وإنما تخص كل المواطنين، موضحا أن اللجنة تلفت نظر الشعب إلى ضرورة وجود صحافة حرة ومستقلة تقول لهم «إن حقهم يتعرض للخطر»، مؤكدا أن احتجاب الصحف يعتبر أعلى مراحل الاحتجاج.
قلاش أشار إلى أن احتجاب الصحف يعطى رسالة مفادها أنه لا يمكن تأسيس دولة ديمقراطية دون حرية الصحافة