في ظل العدوان الوحشي للكيان الصهيوني على غزة، والانتهاكات التي قام ويقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي من قتل للأطفال وتدمير للمنشآت، صدر حديثا عن المركز القومي للترجمة، كتاب «كيف خسرت إسرائيل؟ الأسئلة الأربعة»، يفضح فيه مؤلفه ريتشارد بن كريمر الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وعدوانهم الوحشي عبر التاريخ والانتهاكات والاعتداءات الوحشية التي أصبحت سمة أصيلة من سمات السلوك الصهيوني الهمجي.
ينتظم الكتاب أربعة فصول، تناول المؤلف في أولها «أسطورة الدولة اليهودية»، وتتبع تطورها منذ إقامتها على أرض فلسطين سنة 1948، وعبر بقية الفصول، مشدداً على أن الإسرائيليين أصبحوا ضحايا توسعهم واحتلالهم الضفة الغربيةوغزة سنة 1967، طارحا أسئلته الأربعة الرئيسية التي بنى على محاولة الإجابة عنها مادة كتابه، وهي: ما سبب اهتمام أمريكا بإسرائيل؟ وما هي الدولة اليهودية؟ ولماذا لم يتحقق السلام مع العرب؟ ولماذا لا يحصل الفلسطينيون على دولة؟
مؤلف الكتاب بلغ ذروة انتقاداته اللاذعة للإسرائيليين عندما تحدث عن أرئيل شارون الذي كان رئيساً للحكومة آنذاك، فاستعار وصف جنرال إسرائيلي لشارون بأنه "سافل وكذاب ومنافق وغشاش وقاتل يتفنن في سفك الدماء"، مختتما كتابه الذي حاز على جائزة بوليتزر الأمريكية للصحافة، ببحث شجاع عن الانتفاضتين الفلسطينيتين والقمع والإرهاب الإسرائيلي وسياسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين.
ومن حديثه عن تسويق أكذوبة «أسطورة الدولة اليهودية» عالمياً منذ التزم هو بها لدى قيامها، مخدوعاً بالدعاية الصهيونية المضللة إلى اكتمال سقوط الأقنعة عن المشروع الصهيوني الذي مضى يوغل في ارتكاب جرائم وحشية ضد الإنسانية، وفق ما ذكر الكاتب، كان الجنون سمة ملازمة للسلوك الصهيوني على امتداد عمر هذا المشروع الاستعماري، بحيث أدرك المؤلف شيئاً فشيئاً أنه مشروع لا يستطيع الاستمرار.
يحمل الكتاب الكثير من الإدانة للسياسة الإسرائيلية الفظة ضد الفلسطينيين على مدار سنوات الاحتلال التي تجاوزت 43 عاما؛ لأن ذلك الأمر بات معلومًا للقاصي والداني ولم يعد بمقدور أكثر المدافعين عن إسرائيل والمؤيدين لها أن يجادل في عدوانيتها المفرطة ووحشيتها غير المبررة، ويؤكد المؤلف أنه لو كان الإسرائيليون جادين في السلام لأعادوا لأهل فلسطين كل أراضي الضفة الغربيةوغزة والقدس الشرقية كدفعة أولى ضمانًا لتحقيق السلام.
بن كريمر أشار في كتابه إلى أنه قد لقي بعض المعاملة الخشنة على الأقل في أمريكا، حيث تم تصنيفه على أنه معاد لإسرائيل، وأن الصهاينة الأمريكيين الذين لا يشغلون أنفسهم بالحقيقة رأوا فيه مؤامرة دنيئة لتشويه الدولة اليهودية، ولكنه يعتقد أن معظم القراء سوف يدركون عند قراءة الكتاب أنه يريد فرصة حقيقية لتحقيق العدل والسلام، وأن هدفه الوحيد هو أن يعيش الجميع حياة بلا خوف وأن هذا هو بالتحديد ما خسرته اسرائيل.. "معيشة أفضل لشعبها".
مؤلف الكتاب ريتشارد بن كريمر، كاتب وصحفي أمريكي، ولد في العام 1950 بنيويورك، حصل على ليسانس الآداب، ثم حصل على درجة الماجستير، وعمل صحفيا في العديد من الصحف الشهيرة، مثل: «فلادلفيا انكوير»، و«بالتيمور صان»، و«سكوير مجازين»، و«رولينج ستون».
حصل على جائزة بوليتزر في المراسلات الصحفية الدولية في العام 1979 وذلك عن تقاريره الصحفية من منطقة الشرق الأوسط، وتوج مجهوداته الصحفية بكتاب «ما الذي يتطلبه الأمر: الطريق إلى البيت الأبيض» عام 1988 الذي يتناول الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ويعد من الأعمال الأصيلة التي تتصدى لموضوع سياسة الانتخابات الأمريكية، كما كان كتابه «جو ديماجو: حياه بطل»، الصادر عام 2000 من أكثر الكتب مبيعا في «نيويورك تايمز».
مترجم الكتاب، ناصر محمد عفيفي، من مواليد العام 1958، تخرج في كلية العلوم جامعة القاهرة، وعمل صحفيا بجريدة (الجزيرة) السعودية. له العديد من الكتب المترجمة، من أبرزها: «الحائط الحديدي بين العرب واسرائيل»، «الأصولية اليهودية في إسرائيل»، «الحادي عشر من سبتمبر.. وأبعاد المؤامرة»، و«التحالف ضد بابل».