أوضحت كارثة قطار أسيوط واستشهاد أكثر من 50 طفل أن أزمة النظام المصري الحاكم والمنتخب تكمن فى عدم تحديد أولوياته السياسية الإجتماعية,وعدم وجود رؤية محددة له فى الشأن العام وخاصة بعد أن اصبح مشروع النهضة سراب لايمكن الإمساك به أو التعرف عليه ,ولذا سوف يكون علينا نحن المواطنين المحكمين بهذا النظام أن نجتهد فى تقديم له الأولويات التى نريدها والتي يريدها المواطن العادي الذى يعيش معنا فمثلا لابد أن تكون أولوية التعليم قبل أولوية غلق المواقع الإباحية, أو الإنفاق والصرف على تطوير خطوط السكة الحديد وتأمين المزلقانات.. المناطق التى يعبر منها المشاه والمركبات بشكل يتقاطع مع القطار يكون أهم بكثير من غلق المواقع الإباحية. وإذا عرفنا أن هذه الدولة سوف تنفق 10 مليارات على غلق هذه المواقع كما يقول.
الدكتور إبراهيم العيسوي، مستشار معهد التخطيط القومي نتيجة لقرار حجب المواقع ، حيث أن عملية الحجب مكلفة للغاية من خلال البرامج الخادمة لعملية الحجب و حجم العملية والمستشارين الذين سوف يعملون فيها لتحقيق المرغوب من هذه العملية. ولنا أن نتصور إذا تم توجيه هذا الإنفاق إلى غلق مواقع موت المصريين من مزلقانات وطرق بها كل أنواع العيوب الطبيعية والصناعية وتجديد قاطرات السكة الحديدة ربما يكون أجدى وأنفع فى هذا الوقت من أشياء أخرى .
لابد أن يكون للنظام الذى يحكمنا الآن مشروعا قوميا ووطنيا وربما يكون متاحا له البداية بمشروع تطوير النقل والمواصلات..حيث أنها الكارثة الفرصة التى يمكن أن يستفاد منها الرئيس وحكومته فى حشد الأغنياء والفقراء معا ..
الشعب المصري وأنا كمثال أريد مشروع قومي حتى ولو صغير للمشاركة فيه وهذه فرصة متاحة أن يتم الإستفاده منا فى تطوير قطاع النقل والمواصلات بالاشتراك مع الرئيس والحكومة بشرط أن يكون كل شئ واضح ومحدد..إذا أراد الرئيس البناء والنهضة أظن أن الشعب المصري كله جاهز لهذا ويمكنه أن يشارك,فقط عليه أن يتحدث إلينا عن بناء مصر ونهضتها ..فكل شخص ينزل إلى دعم أسيوط وغزة وكل مكان فى مصر وفلسطين والكثير من البلدان العربية وكل القضايا العامة يمكنه أن يشارك فى نهضة بلده إذا كان لدى رئيسها مشروع للنهضة بالفعل ...لابد أن تستفادوا من هذا الشعب حتى لايصبح الموت متساوي أثناء الثورة من أعداءها والموت أثناء النهضة من الذين يهملون فى حقنا وحق الوطن ..إذا كانت هناك نهضة حقيقية بالفعل ولكن يبدو أن قدرنا هو الموت سواء الموت أثناء الثورة أو الموت أثناء النهضة دون حدوث تغير فى بلدنا وأهلنا
لا أريد أن تتكرر صورة الأب الذى يأخذ إبنه فى حضنه فى وداع أخير وهو يبكى بحرقة على فراقه ..يكفينا ما نشعر به من الخجل الذى لايفارقنا كلما نظرنا فى وجه طفل مصري وكأنه يقول لنا قتلتم صديقي وزميلي فى المدرسة فى أسيوط ,لم تستطيعوا الحفاظ علينا وعلى مستقبل مصر ...انظروا إلى داخلكم واسمعوا صوت ضمائركم لتشعروا بالألم..واسمعوا أيضا هتاف أهل مصر فى أسيوط ضد رئيس الوزراء "ابنك نايم فى التكيف وابنى ميت عا الرصيف " كل ما أريده منا ومنه عندما يعود إلى منزله وينظر فى عيون أولاده يدرك حجم حزن الناس وحجم الكارثة وحجم النعمة التى يعيش فيها مع أولاده...ويفكر فى حجم الإهمال الذى جعل مايقارب من ستين طفل قتلوا دُفعة واحدة وفى لحظة واحده..
ويعرف أن المواقع الإباحية لاتقتل الأطفال أو المصريين ولكن المزلقانات تقتل المصريين فليس آخرهم فى أسيوط ولكن فى الغد سوف نجد المزيد..لابد أن تُوقفوا نزيف الدم ..كفوا عن إيهامنا أننا نعيش فى دولة لها مظاهر وملامح واضحة ولكن مع النزول الى الشارع نجد أن الدولة غائبة ولم تعد أو مُتعمدة الاختباء بعيدا عن دورها الاساسى والمفروض الذى يبدأ بتنظيم الشوارع والحياة والحفاظ على من يعيشون فيها وتوفير حق العلاج والتعليم
إننا نريد دولة حقيقية ورئيس حقيقى وحكومة حقيقية...فى إنتظار تحقق هذا واعلموا أن للصبر حدود.