دائما ما يكون الرمز الانتخابى وشعار الحملة الانتخابية للمرشح ذا أهمية بالغة لصاحبه، لأنه يحاول (كما القائمون على حملته الانتخابية يحاولون) جاهدًا (وجاهدين) إظهار الإيجابيات فى هذا الرمز (وذلك الشعار)، وما يميزه عن الباقين، لأن هذا من شأنه التأثير فى اختيار الناخبين، لكنهم (غالبا) بعدما تنتهى الانتخابات وينشغل كل منهم بحاله، ويظهر كل مرشح على حقيقته، يتم التأكد أن السلبيات التى فى الرمز الانتخابى هى الموجودة والمتأصلة فى هذا المرشح.. أوباما مثلا عندما ترشح عن الحزب الديمقراطى فى انتخابات الولاياتالمتحدةالأمريكية كان رمزه الحمار (وهو بالمناسبة رمز الحزب) وهو يرى فى هذا الحمار أنه يتحمل المشاق ونشيط ويعمل لصاحبه (المفروض الشعب) كل ما يأمره به، لكنه بعد فوزه اكتشفنا أنه لم يأخذ من الحمار سوى صوته وهيئته وعقله وغبائه.. أما عندنا فى انتخابات الرئاسة الأخيرة فتنوعت الرموز كما تنوع المرشحون وسأركز على المرشحين الخمسة الذين تنافسوا بقوة فى السباق..
1- محمد مرسى: «الميزان» الذى اختاره الناس متوهمين أنه ميزان العدل بين الجميع دون تفرقة، وأن كفتيه متقابلتان متعادلتان، وحالمين بأن «النهضة إرادة شعب».. فأفاقوا على أن كفة الإخوان (فيها «لا إله إلا الله») تطيح وتطيش بكفة كل القوى المدنية (وغير المدنية من التيار الإسلامى أيضًا)، وعندما بحثوا عن النهضة جاءهم الجواب أن «النهضة فى العش والّا طارت»..
2- أحمد شفيق: «السلم» الذى ظن ناخبوه والمقتنعون به أنه سيصعد بهم إلى عنان السماء ويرفعهم إلى أعلى عليين، وأنه «أقوال لا أفعال»، لكنهم نسوا أو تناسوا أنه خلق طفرة عظيمة فى الطيران والهروب إلى دبى عند اتهامه بالجرائم التى ارتكبها، وكان أول المرشحين الرئاسيين الذى يطبق «الجرى نص الجدعنة»، مؤكدا الحكمة القديمة «الراجل مش بس بكلمته، الراجل بسرعة هروبه وسفريته»..
3- حمدين صباحى: «نسر» كُتب عليه أن يُحلق فى السماء، دائما ينظر إلى ما لا تدركه عيناه دون النظر إلى أرض الواقع، متوهمًا أنه يطير بجناحيه هو، وظن ناخبوه أنه «واحد مننا»، لكنه لا يستطيع أن يحط على الأرض لأنه أبتر الساقين، لذلك فهو حتمًا سيسقط مهما طال تحليقه، فأفاق الناس بعدها على حقيقة أنه «واحد عاوز يكون رئيس لنا» وخلاص..
4- عبد المنعم أبو الفتوح «الحصان» الذى يمتطيه فارس شريف عفيف لا يتوانى عن الإقدام فى المعارك، ويتقدم الصفوف دائمًا، متخيلا أن «مصر قوية» حقًًا، لكن جواده يأبى إلا أن يسير مع أقرانه من البغال والحمير التى يمتطيها أعداؤه، وهو لا يكسر للجواد كلمة، رغم عدم اهتمام الجواد برغبة صاحبه، ناسيا أن الخيل والبغال والحمير لتركبوها، فلا تشاورها، وظهر أن «مصر تكية»..
5- عمرو موسى: «الشمس» التى ظن كثير من ناخبيه أنها ستضىء مصر بنور الأمل والعمل، متصورين أنه ما زال «قدّ التحدى»، لكنهم فاقوا على حقيقة أن نار الشمس انطفأت منذ زمن بعيد وأن ما يخرج منها ليس أكثر من دخان، وأنه شخصيا «خلّص من زمان»..
بقى الدكتور محمد البرادعى، وهو لم يكن من السادة المرشحين للانتخابات الرئاسية، وبالتالى لم يكن له رمز انتخابى بين تلك الرموز، لكنه كان من بين مراكز القوى التى أثرت فى توجهات الناخبين، فالرجل وضع نفسه موضع القديس من الثورة، لا يجوز له أن ينكحها، كما لا يقبل أن تفض هى بكارته، لكنه لم يكتفى بالفرجة فى صمت وإنما عمل على دفع الناس إلى ما لا يريده هو.