تعود السينما الهندية إلى دور العرض المصرية بعد غياب طويل بفيلم إنساني وسياسي بعنوان «اسمي خان» « My Name is Kha»، وعلي عكس أفلام بوليوود القديمة التي لم تخرج عن كونها مجرد أفلام سطحية تتناول قصص حب ساذجة ورقصات وأغاني مبهرجة مع كم لا بأس به من العنف والانتقام والبكاء والنحيب، يأتي هذا الفيلم مؤثراً وبسيطاً ويحمل الكثير من المعاني الإنسانية العميقة، في فيلم «اسمي خان» تضع السينما المصرية خاصة تلك الأفلام التي تدعي الكلام في السياسة في مأزق، فهاهي سينما من سينمات العالم الثالث تتناول قضية تشغل المسلمين والعالم وهي التعصب والإرهاب من خلال قصة رومانسية إنسانية شديدة العذوبة والتلقائية بعيدة عن خشونة وفجاجة الفيلم السياسي المصري، يحمل الفيلم رسائل قوية تصل إلي حد المباشرة أحياناً وتصنع من بطل الفيلم شخصية شبه ملائكية، ولكن رغم ذلك لا يفقد الفيلم رونقه ونعومته وطابعه الإنساني، يمزج الفيلم بين صفات الفيلم الهندي العاطفي المعروفة، وصفات الفيلم العالمي الذي يمكن أن يكون مؤثراً في أي جمهور وأي ثقافة. يقدم النجم الهندي الشهير «شاروخان» بأداء معبر شديد الحساسية شخصية مريض التوحد الذي يجد نفسه في مواجهة جميع صنوف الكراهية، يتناول الفيلم بإخراج متميز من المخرج «كاران جوهار» التمييز والتعصب ضد المسلمين في الولاياتالمتحدة بعد أحداث سبتمبر دون أن يسقط في فخ البكاء والشعور بالاضطهاد والشكوي عمال علي بطال. تعرض بطل الفيلم «شاروخان» إلي الاحتجاز والاستجواب في مطار أمريكي بسبب ملامحه، وهو أمر أغضب الجمهور الهندي وقتها. يدعو المسلمون إلي مواجهة حتي الرئيس الأمريكي نفسه بأن المسلمين ليسوا إرهابيين، وهذه هي الرسالة التي جعلها بطل الفيلم الهندي المسلم رضوان خان مهمته في الحياة، فالفيلم يبدأ برجل يعاني التوحد يسافر إلي واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي ليقول له جملة واحدة هي: «سيدي الرئيس.. اسمي خان ولست إرهابياً»، ولكن قبل الوصول إلي هذه النقطة التي تعود لعام 2007 يبدأ السيناريو من خلال لقطات الفلاش باك في رصد شخصية خان مريض التوحد منذ الطفولة الذي يعيش في الهند مع والدته وشقيقه، ورغم مرضه فهو شديد الذكاء ودقيق الملاحظة، ورغم انطوائه، ففي داخله طاقة ورغبة دائمة في إصلاح أي شيء، وهذه الطاقة والموهبة تجعل منه هدف الجيران والمعارف لإصلاح ماكيناتهم المعطوبة، يفشل في استيعاب أو إصلاح الطائفية بين المسلمين والهندوس التي يقابلها في بلدته، ولكنه حينما يلحق بأخيه في أمريكا بعد وفاة والدته، يجد حلاً شخصياً لتلك الطائفية حينما يلتقي بالفتاة الهندوسية مانديرا ويقعا في الحب ويتزوجان رغم رفض شقيقه هذا الزواج. يتخذ خان من ابن مانديرا من زواج سابق ابناً له، وحينما تحدث أحداث سبتمبر تطل العنصرية بوجهها القبيح من خلال اضطهاد الأمريكان للمسلمين ونظرة رجال الشرطة المتشككة في كل مسلم. شخصية رضوان خان بكل سذاجتها تمثل محور الحب والكراهية التي تصل به دون قصد أن يصبح في النهاية بطلا قوميا في أمريكا بمقاومته لكل أنواع الكراهية.. إنه يقام الكراهية منذ طفولته حتي في عائلته، فشقيقه الأصغر يكرهه لاهتمام الأم بالابن المعاق بصورة أكبر، بل إنه لاحقا في أمريكا يكشف أن أمريكا نفسها تمارس التمييز ضد مواطنيها من خلال أحداث إعصار كاترينا التي كشفت إهمال الحكومة الأمريكية للولايات التي يعيش فيها فقراء السود الأمريكان من أصول أفريقية، وحينما يقتل الطفل سمير ابن زوجته الهندوسية من قبل بعض زملائه في المدرسة في مشاجرة لظنهم أنه مسلم، تنكسر الحياة المتسامحة التي يعيشها خان بعد أن تحول حزن الأم إلي غضب وصل إلي تحميلها لزوجها ذنب مقتل ابنها، وتنتشر مهمة خان وشعاره الذي يكرره: «اسمي خان.. ولست إرهابياً» في الإعلام الأمريكي ويصبح ملهماً لكثير من المسلمين ليتصدوا لمن يضطهدهم، ورسالة للأمريكيين أن البشر جميعهم سواء. تعود زوجة شقيق البطل المحجبة إلي ارتداء حجابها بعد أن خلعته بعد تعرضها للاعتداء، ويقف البائع المسلم بغضب أمام أمريكي تعود إهانته كلما مر به، ورغم أن البطل لا يستطيع الوصول إلي الرئيس الأمريكي «جورج بوش» بعد أن يقبض عليه الأمن الرئاسي ويتعرض للتعذيب، فإنه يستمر في رحلته بعد براءته ليلتقي الرئيس أوباما في إشارة سياسية من الفيلم إلي أن أوباما الرئيس الأسود قد يكون الأفضل بالنسبة للأمريكان والعالم، وهي الرسالة الوحيدة في الفيلم المبنية علي عواطف بحتة وسذاجة سياسية!