حوار: صلاح لبن الشيخ ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية قرر الابتعاد عن الإعلام لفترة بسبب الهجوم الشديد الذى طاله من بعض أبناء حزبه واتهامه بأنه المتسبب فى الأزمة الداخلية للحزب ومحاولة فرض نفوذه على الكيان بأكمله وتعيين رجاله فى مراكز صنع القرار، بينما سجال مسودة اللجنة التأسيسية للدستور الذى هو عضو فيها لا يزال مستمرًا. ووسط هذا الاستقطاب الوطنى الذى ضرب المشهد السياسى مؤخرًا، تلتقى «التحرير» الشيخ ليتحدث عن حقيقة أزمة حزب النور، والخلاف القائم حول الدستور، فضلا عن تصوره لمطالب التيار السلفى فيه، ورؤيته لخريطة التحالفات فى الانتخابات المقبلة، وإلى نص الحوار:
■ اتهمتك بعض قيادات حزب النور بأنك وراء انقلاب الهيئة العليا على رئيس الحزب، لما تملك من نفوذ فما حقيقة ذلك؟ - غير صحيح، الأزمة كانت نتيجة اختلاف حول موعد إجراء الانتخابات الداخلية للحزب واختلفت الجبهتان فى فهم بعض بنود اللائحة الداخلية، والعدد القانونى لأعضاء الهيئة العليا، وحدث اتفاق بين الهيئة العليا والدكتور عماد عبد الغفور فى النهاية، كانت هناك بعض الشكاوى وصلت إلى عبد الغفور بشكل مبالغ فيه، فظن وجود تدخل غير نزيه فى العملية الانتخابية، والأمر أحيل الآن إلى التحقيق، ولو ثبت حدوث تزوير وممارسات خاطئة فلن نرضى بذلك أبدًا.
■ القيادات المستقيلة من الحزب تصفك دائما بالمظلوم وتتهم شخصيات حولك بأنها تصور أمورًا غير حقيقية لك وتخدعك وأنت تقدم المساعدة لظنك أن الحق معهم فما تعليقك؟ - أنا لا أتخذ القرار أبدًا منفردًا، ولا توجد قرارات خاصة بالحزب خارج إطار الهيئة العليا، وبالتالى فإن أعضاء الهيئة العليا هم من يقررون مش ياسر برهامى فكيف يقال إن فيه مجموعة حول برهامى تخدعه؟ وأسأل هؤلاء أليس كثير منكم له مراكز فى الحزب ثم استقلتم منها؟ ولو فعلا فيه إقصاء لفريق دون الآخر فأخبرونى كيف وصلتم إلى هذه المناصب؟ ■ وما دليلك؟ - اسألوا الدكتور هشام أبو النصر أمين عام الجيزة المستقيل مين اللى عرفو بالدكتور عماد الدين عبد الغفور، أنا من قمت بتوصيله بعبد الغفور لو أنا «فريق البرهامى» كما يقولون ما معنى أن أرشحه ليكون أمينًا عامًا للحزب بالجيزة، ومن حدد قوائم الانتخابات فى حزب النور فى الجيزة ياسر برهامى أم الأخوة فى الجيزة؟ لم أتدخل أبدًا فى وضع القائمة.
■ لكن يقال إنك من تعين لجان شؤون العضوية فى المحافظات وكان ذلك الأمر من ضمن أسباب تفاقم الأزمة؟ - والله ما أعرفهم، لا أعلم أعضاء شؤون العضوية إلا فى عدد قليل جدًا من المحافظات، ومن يقوم بهذه المهمة هم أعضاء الحزب فى المحافظات.
■ ولماذا يوجه إليك اتهامات بأنك المتحكم فى كيان الحزب؟ - إن قرارات الحزب لا بد أن تصدر من الهيئة العليا ورئيس الحزب ولا تخرج من إدارة الدعوة، ولا يمكن أن يحدث ذلك لكن كل ما فى الأمر أن أفراد الهيئة العليا على تواصل معنا، وهذا أمر طبيعى لكن لا يمكن أن نتخذ قرارًا من أنفسنا.
■ كيف انفجرت الأزمة وتصاعدت طالما أن الأمر لم يتعدِ الاختلاف فى وجهات النظر؟ - الأزمة تصاعدت نتيجة لنقل الكلام بطريقة سيئة بين الناس، وتضخيم حجم المشكلات، وأيضا الإعلام سبب رئيسى فى إبراز الأزمة.
■ كثير من قيادات الحزب اتهموا الإعلام أيضا، لكن الإعلام لم يسلط الضوء على الأزمة إلا عندما بدأت قيادات معروفة فى الحزب تعلن عن استقالتها من خلال صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعى؟ - نقل الكلام بشكل سيئ أدى إلى فتنة لكنها انتهت تماما.
■ هناك التباس داخل كيان الحزب حول مرجعية الحزب، وهنا نسألك عن الجهة التى يتم الاعتراف بقراراتها فى الحزب، هل مجلس إدارة الدعوة أم مجلس أمناء الدعوة؟ -لا يوجد فى اللائحة داخل الدعوة السلفية أو الحزب تحديد لمن يقوم بهذه المرجعيات، حيث إن المرجعية تكون منهجية، لكن معلوم اللى يتخذ قرارات الدعوة هم مجلس إدارة الدعوة السلفية، أما مجلس الأمناء فهو حارس على المنهج، وأحيانا يتدخل لأنه راعٍ لمصلحة الدعوة، فعندما يجد أن مصلحة الدعوة تتعرض للخطر يتدخل فورا ويتم الاستماع إلى رأيه للتوفيق بين الفرق المختلفة داخل الحزب.
■ مجلس أمناء الدعوة السلفية سلطته أعلى من مجلس إدارة الدعوة، فلماذا مهمته أقل من مجلس إدارة الدعوة داخل الحزب؟ - لأن سلطته تتمثل فى حماية المنهج عن الانحراف، وليس فى القرارات الإدارية اليومية.
■ ما الفرق بين مجس أمناء الدعوة السلفية ومجلس إدارة الدعوة فى هذا الشأن؟ - مجلس الأمناء هو الستة المؤسسين، لكن ليس هم الذين يديرون العمل الدعوى والسياسى، لكن مجلس الإدارة هو من يدير العمل فى الإسكندرية والمحافظات.
■ كيف ترى سجال القوى الليبرالية والإسلامية فى الجمعية التأسيسية للدستور؟ - بالتأكيد هناك مواقف مختلفة ومتعارضة من القديم، لكن فى نفس الوقت هناك حوار وتلاقٍ، ومثال على ذلك ما تم الاتفاق عليه فى المادة الثانية، والذى تمثل فى بقاء لفظ مبادئ مع وضع مادة مفسرة، وكانت تلك الأزمة التى حدثت فى المسودة الأولى التى جاءت خالية من النص الموضح لكلمة مبادئ، أما المسودة المعترف بها والتى تحمل توقيع المستشار الغريانى متضمنة المادة المفسرة وقام كل الأطراف بالتوقيع عليها، وعندما استفسرت عن كيفية خروج مسودة إلى وسائل الإعلام، أخبرونى أنها سقطت سهوًا من لجنة الصياغة، وأن لجنة الحوار وزعتها وأعلنت عنها، وقالوا ما زال هناك نسخة ثانية موجودة على موقع الجمعية، ولو أهملت المادة المفسرة مش هنوصل إلى نتيجة.
■ هل تتوقع حدوث توافق بين القوى الإسلامية والليبرالية على المواد الخلافية فى الدستور؟ - النقاط الخلافية فى الدستور لم يتم مناقشتها عدا باب الحقوق والحريات وتم الإعلان فى الجلسة الأخيرة عن وجود مادة سقطت من المشروع المقدم فى المسودتين، وعندما طرحت فى الجمعية العامة سقطت أيضا، وهى المادة التى تنص على أن الحقوق والحريات تمارس بما لا يخالف قيم المجتمع وتقاليده، وهى مجمع عليها من جانب القوى الليبرالية والإسلامية وممثلى الكنيسة المسيحية، وكان يجب أن توضع كنقطة أساسية.
■ ما المواد التى ترفضونها فى المسودة الجديدة؟ - نرفض المادة التى تنص على أن حرية العقيدة مطلقة، لأنها تشمل عبادة الشيطان وممارسة حرية الجنس الجماعى، وكذلك حرية الفكر والتعبير والذى يجعل واحدة مثل علياء المهدى التى خلعت ملابسها للتعبير عن اضطهاد المرأة لم ترتكب شيئًا، وهناك بعض الناس وقفوا عرايا كما ولدتهم أمهاتهم فى ميدان عام للتعبير عن رفضهم الاضطهاد والقانون سيضمن لهم هذه الحرية، لذلك لا بد أن تمارس الحريات فى ضوء قيم المجتمع، وأن يكون منبعها من الدين الذى هو حجر الزاوية فى تكوين المجتمع المصرى، وكذا الأخلاق والأسرة ولن نسمح أن يمرر مثل هذا النص. ومشكلة التيار الإسلامى فى المادة الثانية تم حلها بتفسيرها، لكن هناك مادة المساواة بين الرجل والمرأة كانت موجودة فى دستور 71 بما لا يخل بأحكام الشريعة الإسلامية لكن المسودة تساوى الرجل والمرأة فى الميراث بالمخالفة للشريعة الإسلامية، والأحكام صراحة وكذلك تتساوى المرأة بالرجل فى الاستحقاقات العائلية وتُلزم المرأة بالنفقة.
■ ما الأشياء التى يرفضها التيار السلفى داخل المجتمع؟ - نريد تطبيق الشريعة الإسلامية بيننا، ولن نفعل ذلك إلا بالتدريج ونحن كتيار سلفى لن نفرض الحجاب، لكن المجتمع هو من سيفرضه، لأننا نرفض أن يفرض الحجاب كقوانين، فذلك معناه أن النساء مش هتاخد ثواب، ومش ده اللى إحنا عايزينه، لكن سنفرض الأمر اللى ربنا فرضه بالإقناع عن طريق الدعوة، ولا بد أن تتم إقامة الحدود، وهى متضمنة التدرج لأنها تطبق بشروط شديدة.
■ هناك تخوف من تطبيق الحدود، فما تقول لمن يرفض تطبيقها؟ - أقول إنه فى عهد النبى لم يرجم إلا 5 أشخاص فقط منهم 2 يهود هما من ذهبا إلى سيدنا محمد، وثلاثة مسلمين طبَّق عليهم الحدود جميعهم بالاعتراف، ولم يحدث نهائيًّا أن شهد عليه أحد فى واقعة زنا أربعة شهود عدول، وأظن أن اللواء أحمد جمال وزير الداخلية محتاج إلى مجهود هائل فى قضايا السرقة عشان يخلى المخبرين وأمناء الشرطة والضباط وما أكثرهم شهود عدول بالميزان الإسلامى، ولا يمكن أن تقطع يد ناس لم تجد كفايتها وما سرقتش إلا عشان جعانة، ويوجد ضوابط أخرى شرعية كتير.
■ ما تعليقك على قيام بعض الشباب السلفى برفع صورة الفنانة إلهام شاهين وهى عارية أمام قاعة المحكمة أليس من الحرمانية أن يرفع شخص مسلم صورة امرأة شبه عارية؟ - إن هذا لا يجوز، فهو نشر للفاحشة، وأنا لا أحب أن تشيع الفاحشة.
■ لكن قام بذلك الفعل عبد الله بدر، فما رأيك؟ - أرى أن ما فعله غير جائز شرعًا، والشرع يقول فى واقعة الزنى ضرورة وجود أربعة شهود عدول مش نجيب صور للنساء وننشرها فهذا لا يجوز.
■ هناك توقعات بتحالف إسلامى يجمع حزب «الحرية والعدالة» مع «النور» فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، كيف ترون ذلك؟ - هذه المسألة متروكة لنظام الانتخابات، هل سيكون بنظام القائمة النسبية أم نظام فردى بالكامل.
■ لكن حزب النور ناقش التحالف مع الإخوان فى اجتماعاته السابقة؟ - ما زالت المسألة سابقة لأوانها، التحالفات لن تتضح إلا عندما يُكتب الدستور الجديد، وتوضع القوانين وبناء على ذلك فإنه غالبًا الأحكام الانتقالية فى الدستور ستحدد شكل الانتخابات القادمة فى ظل عدم وجود مجلس شعب، وسندرس أمر التحالف لمعرفة هل سيحقق مصلحة أم مفسدة.
■ نتيجة الأزمة التى عانى منها فإن حزب «النور» يسعى إلى استعادة قوته... - برهامى مقاطعا: الحزب دلوقتى أقوى من الأول.
■ وهل من الوارد أن تطلبوا التحالف مع الشيخ حازم أبو إسماعيل؟ - ما المانع لقد تحالفنا مع «الجماعة الإسلامية» و«الأصالة» سابقا.
■ لكن أنتم لم تدعموه فى الانتخابات الرئاسية عندما دفع نفسه فى السباق الرئاسى؟ - وإيه المشكلة! وما الذى يمنع يبقى فيه تحالف.
■ إذا قبلتم التحالف معه من المحتمل أن يرفض هو بسبب عدم دعمكم له؟ - لو كان هوّ مش عايز خلاص لكن كقاعدة إن التحالفات المحتملة تكون مع الاتجاهات الإسلامية.
■ حتى لو الإخوان؟ - التحالف مع الإخوان وارد، لكن الأمر يدرس من جهة المصلحة والمضرة.
■ ما ردك على الشيخ صفوت حجازى الذى انتقد عدم نزولكم إلى الميدان فى الفترة التى سبقت الانتخابات الرئاسية كوسيلة ضغط تمنع عدم تزوير نتائج الانتخابات؟ - إحنا مش أى حد يدعونا للنزول للميادين نستجيب، لنا تقديرنا الخاص بناء على رؤيتنا، وقياس حجم المصلحة والمفسدة واحتمالات سفك الدماء، وقولنا هننزل الميادين لو ثبت لدينا تزوير وليس أى أحد يدعونا للنزول للميدان يبقى أمر، من حقنا أن نختار لأنفسنا.
■ انتقدك حجازى بشدة لحرصك على الذهاب للفريق أحمد شفيق، وعدم نزولك لميدان التحرير ومشاركة الإخوان التظاهر ضد التزوير، ما ردك؟ - ليس هناك من يوجب على شىء غير ما أراه واجبًا فى الشرع.
■ بكل صراحة هل ذهبت إلى شفيق لحقن الدماء فقط؟ - بالتأكيد، بدليل أننى ذهبت للإخوان المسلمين والمجلس العسكرى أيضا.
■ ما ردك على حجازى الذى نفى جلوسك مع الإخوان؟ - أقوله اسأل مكتب الإرشاد هل ذهبنا إليهم أم لا.
■ هل من رسالة تحب أن توجهها إلى الشيخ صفوت حجازى؟ - إلى الله المشتكى.
■ حاسس إنه ظلمك؟ - هو ادعى علىّ شخص لم يسمعه أو يره فى مجالس خاصة لم يحضرها ولم يسمعها، وظل يثبت وينفى فيها، وهو بذلك متجاوز حدود الشرع، وكل من وافقه على ذلك متجاوز حدود الشرع.
■ بعد مقتل محمد المقديسى مؤسس جماعة التوحيد والجهاد هددت بعض الجماعات الجهادية بتنفيذ عمليات ضد إسرائيل ردًا على الحادثة، بما تعلق على هذه المسألة؟ - إن مصر دولة لها قياداتها التى تقرر متى تحارب ومتى تسالم، ونرفض أن ينطلق أى جهاد من أرض مصرية دون إذن لأن ده تبقى حرب، ويعرض الدولة للخطر.
■ بما تنصحهم وما النصيحة التى توجهها لهذه العناصر الجهادية؟ - أقول لهم لستم وحدكم من يحدد مصير الأمة.
■ وترى كيف يتم التعامل معهم؟ - نحذر الشباب من أن ينساق وراء عواطف غير محسوبة العواقب.
■ كيف رأيت نزول الإخوان إلى ميدان التحرير فى جمعة كشف الحساب؟ - أعتقد أنهم كانوا يعترضون على قرارات المحكمة، لكن لّما يكون فيه احتقان شديد فهناك مخاطر، وكنت أفضل أن لا يتظاهروا فى نفس مكان تظاهر قوى أخرى.
