الأحداث الأخيرة التى وقعت فى ميدان التحرير يوم جمعة الحساب 12 أكتوبر يجب أن يُحاسَب المتسببون فيها والمتورطون بالتحريض عليها أيًّا كانوا وأيًّا كانت مناصبهم وأسماءهم، لأن من مصلحة النائب العام والرئيس محمد مرسى (حفظًا لماء الوجه بعد مسلسل البراءات المتتالية) أن يتم القبض على هؤلاء المتورطين فى تلك الأحداث والمحرضين عليها. وإذا كانت النيابة العامة، والقضاء المصرى النزيه العادل، والداخلية القوية المسيطرة (وربما هناك أجهزة أخرى غير معلنة)، لم تستطع كل هذه الأجهزة أن تجمع الأدلة التى تدين وتكشف المجرمين الحقيقيين فى المذابح التى وقعت، سواء فى أيام الثورة الثمانية عشر الأولى، خصوصًا موقعة الجمل، أو ما بعدها من مواقع ومذابح وأحداث، مرورًا بماسبيرو ثم محمد محمود وشارع مجلس الوزراء والعباسية، طبعًا فضلا عن الأحداث التى وقعت فى محافظات أخرى غير القاهرة والإسكندرية، وقبلهما المدينة الباسلة.
كل ذلك جرى وحدث وتمت التغطية والتعمية عليه وعلى الأدلة الحقيقية التى تكشف الجناة الحقيقيين، قبل مجىء الرئيس محمد مرسى إلى عرش مصر وقصر العروبة، وكانت الحجة وقتها أن القضاء غير نزيه وأن المجلس العسكرى يحاول إجهاض الثورة وحماية الجناة الحقيقيين وطمس الأدلة، وأن الداخلية أخفت أدلة إدانتها، والنيابة العامة مغلوب على أمرها ولا تملك شيئا يمكِّنها من تحقيق العدالة التى ترضى الشعب، أو القصاص الذى يطالب به المواطنون.
إذا حدث ذلك سابقًا فإن من العار والشنار أن يكون لدينا رئيس جمهورية استطاع أن يشتت شمل المجلس العسكرى وانقض على مراكز القوى به وروضها وطوعها، وحاول أن يناطح الدستور والقانون ويتحداهما، فأصدر قرارًا بعودة مجلس الشعب الذى حكمت المحكمة الدستورية العليا (أعلى هيئة دستورية وقضائية) بعدم دستوريته الأمر الذى يستتبع حله، وحاول (مؤخرًا) إقالة النائب العام بما يخالف القانون، ولدينا داخلية عادت إليها قوتها وسيطرتها على الأمن بنسبة 70٪ (على حد قول الرئيس مرسى فى لقائه بمناسبة ذكرى أكتوبر وكشف حسابه عن ال100 يوم الأولى له)، من العار أن يكون لدينا ذلك، ولا نجد أدلة لإدانة المتهمين فى جمعة الحساب (حسب تسميات القوى الليبرالية، أو جمعة إقالة النائب العام حسب تسميات التيارات الدينية)، ولا نستطيع الإمساك بأىٍّ من هؤلاء المتهمين الذين تملأ صورهم وفيديوهاتهم (التى تؤكد تورطهم وارتكابهم تلك الجرائم) الصحف والشاشات ومواقع الإنترنت..
ماذا سيقول مرسى لربه عن هؤلاء المصابين الجدد وعن التفريط فى حقوقهم التى ضُيعت عن قصد أو بسبب الحياء والاستحياء من أصدقاء ومقربين؟
وماذا سيفعل فى البحث عن المجرمين الذين خرّبوا الميدان (بعد حملة التشجير التطوير الأخيرة للميدان) وحطموا السيارات والمحلات، وهو ما يعد مالًا عامًّا يجب محاسبة مخربيه؟
ليس للإخوان ولا لمحمد مرسى أى حجة بعد أن تحركت دعاوى قضائية ضد قيادات من الإخوان وحزبها السياسى عن الأحداث الأخيرة التى وقعت يوم جمعة 12 أكتوبر.. ستكون صورتهم أسوأ من صورة الفلول وأنصار النظام السابق إن حُكم بالبراءة لهؤلاء المتهمين لأنه لا توجد أدلة إدانة..
عندها سيتأكد لدينا أنهم دون شك يتسترون على الجانى الحقيقى لكل الأحداث السابقة، وأنهم يحمون الطرف الثالث الذى قتل أحلام الشباب الذين كانوا يحلمون بالحرية وبث الرعب فى قلوب الآمنين فى بيوتهم لأكثر من عامين.