قد تكون واحد ممن حاولوا الطرق على تلك الأبواب القديمة ولم يتمكنوا حتى من الوصول لها، وربما تكون قد وقفت طويلا على أعتابها بلا مجيب . إنها أبواب "دولة العواجيز". أجد نفسي هنا في حاجة إلى الاستعانة بالتأريخ الجديد الشهير – ماقبل وما بعد الثورة – ما قبل الثورة الذي حمل خلاله الكثير من الشباب مواهبهم على عاتقهم وأخذوا يجوبون بها هنا وهناك باحثين عن منفذ شرعي لها دون جدوى.
ما قبل الثورة الذي رفع شعارا واحدا طيلة عدة سنوات طويلة مقفرة "الموهبة وحدها لا تكفي". ولم تكن الوساطة التي امتدت أذرعها لتنال من كافة مؤسسات البلاد بما فيها من مؤسسات إعلامية وثقافية هي العائق الوحيد الذي يحول دون تحقيق حلمك، بل كان عليك كذلك مواجهة تلك النزعة الغريبة في إقصاء كل ما هو شاب نضر. لقد كان لدولة العواجيز الكلمة واليد العليا ولم يكن مسموحا لك بالدخول عبر أبوابهم القديمة مالم تكن مشابها لهم، مالم تكن منتمي لنفس الشلة والقالب النمطي القديم.
وهاهي الثورة قد جاءت لتفتح كافة الأبواب الموصدة، بل ولتحطمها إذا لزم الأمر، وتقدم لكل من يرى في نفسه الموهبة أبواب جديدة من نوع خاص. إنها الأبواب الافتراضية التي لا تعرف المحسوبية أو الواسطة، انها الأبواب التي تفتح أمامك على مصرعيها بمجرد الطرق عليها بضغطة زر! اكتسبت الأبواب الفيسبوكية والتويترية شعبية وجماهيرية واسعة في مرحلة ما بعد الثورة وجذبت إليها قطاعا جديدا من الشعب من مختلف الأعمار والثقافات. ولم تعد تلك الأبواب مجرد وسيلة للتواصل الاجتماعي، بل امتد دورها لتداول أحدث الأخبار أولا بأول، وتبادل المعلومات،والدخول في السجالات السياسية، والأهم من ذلك نشر المواهب الأدبية.
اكتب ما تشاء على صفحتك واترك الحكم لجمهورك الذي لن ينافقك سيتركون لك تعليقا و يضغطون على زر "أعجبني" أو قد يشاركون ما قمت بكتابته مع أصدقائهم وتتزايد المشاركات وتجد عملك الأدبي الذي نال الإعجاب قد انتشر على الصفحات كالنار في الهشيم.
أفرزت الثورة عن الكثيرين والكثيرين ومنحتهم الفرصة في التعبير عن مواهبهم على اختلاف مستوياتها تاركة الحكم لقطاع الجمهور الافتراضي الكبير الذي لن تصمد معه سوى الموهبة الحقيقية.
وعلى ذكر المواهب الحقيقية لابد وأن أسوق لكم مثالا حيا على ما أقول، إنها الشاعرة دعاء عبدالوهاب صاحبة الشعبية الافتراضية العالية. وسريعا ما تدرك مدى شعبيتها من عدد المعجبين لصفحتها وعدد المشاركين لكتاباتها.
يتسم أسلوبها بالسلاسة والنعومة التي تعرف طريقها مباشرة إلى القلب. وهي شاعرة المناسبات فلن تترك دعاء بموهبتها الفطرية مناسبة، سعيدة كانت أو حزينة، دون أن ترتجل قصيدة رائعة تعبر فيها عن تلك المناسبة, ومن بين أشهر أعمالها وأكثرها انتشارا قصيدة "أنا الدليل" والتي كتبتها عقب مهرجان "البراءة للجميع".
وقد انتشرت قصيدة دعاء عبر صفحات الفيس بوك وتويتر بل وقد تم الاستشهاد بها على جدران محمد محمود "أنا الدليل ...أنا الدم اللي سال عالأرض ماستكفت...أنا العين اللي صابها الغدر واتصفت ...أنا الأم اللي حرقوا فؤادها عالغالي...ولبست شال محني بدمه واتدفت"....دعاء وغيرها يطرقون الأبواب... نحن قادمون..ومازال الطرق مستمرا.