أعتقد أن أصحاب المعاشات مطالبون بتقبيل أياديهم.. ثم رفعها إلي السماء والدعاء للحكومة لأنها تصرف معاشاتهم بانتظام.. رغم وجود عجز مالي كبير بلغ 13مليار جنيه.. مرجعه الفارق بين ما تدفعه الحكومة سنويا لأصحاب المعاشات وهو 25 مليار جنيه.. وبين الاشتراكات التأمينية المسددة سنويا وتبلغ 12مليار جنيه.. حسب تصريحات محمد معيط مساعد وزير المالية لشئون التأمينات الاجتماعية - (الشروق 6مارس). تحدث مساعد الوزير بلسان صاحب المن والمال.. عندما قال إن الحكومة بدلا من إنفاقها علي المشروعات التنموية.. فإنها تؤثر أصحاب المعاشات لأنها لا تستطيع أن تقول لهم مفيش فلوس.. الكلام السابق يندرج تحت أعمال النصب والحواة.. ويحمل الكثير من المغالطات.. لأن الحكومة الحالية عندما ضمت أموال التأمينات والتي بلغت 340 مليار جنيه للخزانة العامة.. فإنها أعلنت التزامها بسداد المعاشات ومن ثم فإنها لا تدفع شيئًا من الخزانة العامة.. ولا تقتص من بنود أخري بالموازنة كما يقول معيط. وبحسبة بسيطة فإن العجز الذي يتحدث عنه مساعد الوزير.. يمكن تدبيره من عائد استثمار أموال التأمينات التي استولت عليها الحكومة.. وإذا كانت جملة المبالغ التي يصرفها أصحاب المعاشات سنويا 25مليار جنيه.. فإن عائد استثمار أموال التامينات البالغة 340 مليار جنيه.. وبحد أدني للفائدة 10%.. سيدر عائد قيمته 34 مليار مليار جنيه.. وبالتالي يكون لأصحاب المعاشات فائض في رصيدهم.. يبلغ 9 مليارات جنيه سنويا مضافا إليه 12 مليار جنيه أخري قيمة الاشتراكات التأمينية المسددة لمن هم في الخدمة. بعبارة أخري فإن حاصل جمع 9مليارات مع 12مليار جنيه يساوي 21 مليار جنيه.. يضاف كفائض إلي أصل مبلغ التأمينات.. فيصبح 361ملياراً بدلا من 340 مليار جنيه.. وبالتالي يصرف أصحاب المعاشات استحقاقاتهم الشهرية مع زيادة أصل المبلغ.. مما يتيح لهم زيادة مادية كبيرة في معاشهم الشهري كما يوفر لهم خدمات صحية وعلاجية متميزة ورحلات ترفيهية وانتقالات مجانية.. مثلما يجري في البلاد المحترمة -وليس المتقدمة - التي تحترم مواطنيها عندما يبلغون سن التقاعد. وإذا كانت شركات توظيف الأموال قد نهبت ثروات المصريين.. فإن هذا النهب لا يقارن بحال مع ما فعلته الحكومة مع أموال التأمينات.. عندما تعاملت معه علي أنه مال بلا صاحب فغرفت منه كيفما شاءت طوال ثلاثين عامًا.. وبدلاً من سداد مديونياتها فإنها استولت علي بقية أموال التامينات.. بحجة أنها ملتزمة قانونًا بسداد المعاشات الشهرية. ارتكبت الحكومة كل الموبقات ولم يقف أمامها حائل من ضمير أو قانون عندما تعاملت مع أموال التأمينات فمثلاً: 1- أنشأت الحكومة بنك الاستثمار القومي عام 80 وألزمت صناديق التأمين الاجتماعي بإيداع أموالها لديه لاستثماره.. وهدفت الحكومة من إنشاء هذا البنك إلي توفير تمويل للمشروعات التنموية.. مع التزامها بسداد ما تقترضه إضافة إلي فوائد القرض وفقا لأسعار الفائدة السائدة في السوق.. وهو مالم يحدث مطلقًا.. حيث كانت الحكومة تدفع فائدة تقل عن أسعار السوق. 2- لجأت الحكومة للاقتراض من بنك الاستثمار القومي بديلاً للاقتراض الأجنبي.. بعدما عجزت في الثمانينيات عن سداد التزاماتها الدولية من القروض والفوائد فلجأت لأموال المعاشات.. وكان الضمير الوطني يفرض عليها عدم إساءة استخدام تلك الأموال.. أو سداد الفائدة علي ما تقترضه وفق أسعار البنك المركزي وليس أقل منه كحد أدني. 3- في 2005 زادت ديون الحكومة لبنك الاستثمار (أموال التأمينات) وبلغت 150 مليار جنيه.. ومع عجز الحكومة عن السداد صدر القرار الجمهوري بإلغاء وزارة التأمينات الاجتماعية وضمها لوزارة المالية.. رغم أن أموال التأمينات أموال أهلية لا يجوز ضمها للخزانة العامة وأصبح وزير المالية هو المتحكم فيها. 4- سددت الحكومة تكلفة المعاش الاستثنائي للمحتاجين مثل معاش السادات وكذلك صرف مستحقات أصحاب المعاش المبكر من أموال التأمينات بدلاً من الموازنة العامة للدولة. سطو الحكومة علي أموال المصريين في هيئة التأمينات.. كان أكبر عملية سرقة تمت في حق المواطنين عبر تاريخهم.