تراجع سعر الفراخ البيضاء والبلدي وثبات كرتونة البيض اليوم الجمعة 11 يوليو 2024    صناعة النواب: كامل الوزير تعهد بتشكيل لجنة لدراسة مشاكل المصانع المتعثرة وحلها    أمريكا و4 دول كبرى تعرب عن قلقهما إزاء التعاون العسكري المتزايد بين روسيا وكوريا الشمالية    بايدن: يجب ألا يكون هناك احتلال إسرائيلي لغزة بعد الحرب    فجرها أمام زعماء دول الناتو، أردوغان يعلن بدء استعادة العلاقات مع سوريا    جنة عليوة تكشف ملابسات إصابتها وتطالب باعتذار رسمي    موعد مباراة الأهلي وبيراميدز والقنوات الناقلة    حجز مسجلين خطر تخصصا في سرقة كابلات كهرباء وفوانيس الإنارة بالوراق    عاجل.. رضا عبد العال ينتقد جوميز بعد مباراة الزمالك وطلائع الجيش    المصري يوجه طلبا قبل المشاركة في كأس الكونفدرالية    قصف مدفعي بالتزامن مع إطلاق نار كثيف في محيط ميناء الصيادين شمال غزة    مصرع طفل صعقا بالتيار الكهربائي بالفيوم    وزيرة خارجية السودان السابقة: اجتماعات في أديس أبابا للتوصل لاتفاق سلام    تقرير: عدد سكان العالم سيصل إلى أكثر من 10 مليارات بعد 60 عامًا ثم يبدأ في التراجع    الزراعة: استمرار انخفاض أسعار الدواجن خلال الفترة المقبلة    محافظ أسيوط يستقبل أمين حزب حماة الوطن وأمناء الأمانات النوعية    محافظ الدقهلية يقرر صرف 25 ألف جنيه للمتوفي و5 آلاف لكل مصاب في حادث طريق جمصة    جنة عليوة تكشف أسباب تعدي شهد سعيد عليها أثناء السباق    نجم الزمالك السابق: «زعلان» من مصطفى شلبي.. وهذا اللاعب خليفة الونش    ميكالي يراهن على تألقهما بالأوليمبياد| النني و«زيزو» .. ورحلة البحث عن المجد في باريس    تعرف على موعد وشروط التقديم في مدارس المتفوقين STEM    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب ترتفع 360 جنيها اليوم الجمعة 12 يوليو بالصاغة    حريق يلتهم 7 أفدنة مانجو في الفيوم    هدبح خروفين.. والدة الإعلامية شيماء جمال تحتفل بإعدام قاتلي ابنتها    أداء استثنائى وأغانى مميزة للنجم مدحت صالح فى معكم منى الشاذلى من العلمين (صور)    غدًا.. صالون نفرتيتي الثقافي يستضيف الدماطي في حوار مفتوح عن المرأة    وزيرة الصحة الليبيرية تعرب عن تقديرها الكامل للدور المصري على مختلف الأصعدة    أسباب انخفاض ضغط الدم عند النساء    إبراهيم نور الدين: لا أقبل ما يقال حول تعييني رئيسا للجنة الحكام    وزير الزراعة: سأتصدى للتعدي على الأراضي الزراعية بكل حزم.. تكلفة الاستصلاح مرتفعة جدًا    طارق سعدة يرد على المشككين: هذه شهاداتي وخبراتي في مجال الإعلام (مستندات)    اندلاع حريق في الجولان نتيجة سقوط صاروخ أطلق من سوريا    الأرصاد: طقس اليوم شديد الحرارة رطب نهارا مائل للحرارة رطب ليلا على أغلب الأنحاء    ترودو يتعهد بوفاء كندا بالتزامها الانفاقي للناتو بحلول 2032    الكرملين: القرار الأمريكي لنشر أسلحة بعيدة المدى في ألمانيا يؤدي إلى حرب باردة    اليوم.. الأوقاف تفتتح 10 مساجد جديدة في المحافظات    بالصور.. إنهاء خصومة ثأرية بالمنيا بتقديم 2 مليون جنيه شرط جزائي    اكتشاف جنين غير مكتمل في جمجمة طفلة تبلغ من العمر عاماً واحداً!    محافظ أسيوط يعلن إصلاح الأجهزة المعطلة بمستشفى الولادة والصحة الإنجابية بمنفلوط    قائمة كليات ومعاهد تقبل دبلوم سياحة وفنادق 2024.. تنسيق الدبلومات الفنية 2024    لطلاب ثالثة ثانوية عامة 2024.. مراجعة ليلة امتحان في مادة الفلسفة والمنطق| منصة امتحانات مصر - egyxam    لطلاب ثالثة ثانوي 2024.. مراجعة ليلة امتحان في مادة الأحياء | منصة امتحانات مصر - egyxam    وصل ل 50%.. الغرف التجارية: انخفاض كبير في أسعار السلع الغذائية    مصرع شخص وإصابة آخر إثر تصادم سيارة أجرة مع دراجة بخارية ببورسعيد    بينهم «رفعت» و«عبدالحكم».. قراء التلاوات المجودة بإذاعة القرآن الكريم اليوم    «زي النهارده».. اندلاع ثورة الريف بقيادة عبدالكريم الخطابي 12 يوليو 1921    تركي آل الشيخ يوجه الشكر لوزير الإعلام السعودي بسبب مجهوداته في "موسم الرياض"    حدث بالفن| رأي إليسا في المساكنة وفنان يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان والنجوم يعلقون على إيقاف شوبير    عميد كلية الأعمال: «ظروفنا لا تتحمل أي مساس بالدعم مرة أخرى» (فيديو)    السجيني: تواصل مناقشات برنامج الحكومة بحضور وزراء النقل والصناعة والإنتاج الحربي    رسميًا.. رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2024 بالاسم ورقم الجلوس مباشر    تعرف على توقّعات برج الميزان اليوم 12 يوليو 2024    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والأكاديمي دوجلاس هايد أول رئيس لأيرلندا 12 يوليو 1949    صيادلة القاهرة: انتهاء أزمة نواقص الأدوية خلال 3 أسابيع    دعاء يوم الجمعة: مفتاح البركة والرحمة    خالد الجندي: إطلاق الشركة المتحدة لحملة أخلاقنا الجميلة أجره عظيم عند الله    عويضة عثمان لقناة الناس: الساحر يكفر بالله ليسخر الشيطان    دار الافتاء تجيب.. هل ورد في نصوص إسلامية ما ينهى عن تنظيم النسل؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«التحرير» تنشر ملف خاص: 100 يوم يا ريس
نشر في الدستور الأصلي يوم 07 - 10 - 2012


حرر الملف: محمد توفيق
احسبها! (1+31+31+30+7) مئة يوم بالتمام والكمال.
100 يوم مرّت منذ أن ألقى الرئيس محمد مرسى خطابه الأول فى 30 يونيو بجامعة القاهرة بعد أن عاد من حلف اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا.
100 يوم مرّت منذ أن خطب الرئيس فى التليفزيون المصرى وقام بتحية سائقى التوتوك فأغضب سائقى الميكروباص!
100 يوم مرّت منذ أن وعد الرئيس بتحقيق الأمن وتوفير الوقود وتحسين الخبز وحل أزمة المرور وإنهاء مشكلة الزبالة فى 100 يوم!
100 يوم مرّت والأزمات تعقّدت بدلًا من أن تكون فى طريقها إلى الحل، والمظاهرات والاعتصامات والإضرابات تضرب كل القطاعات من الأطباء إلى العمال ومن المدرسين إلى السائقين.
100 يوم مرّت ولا جديد، فالتركة ثقيلة، ومشكلات سنوات طويلة لم يكن من الممكن حلّها فى أيام قليلة، لكنها ضريبة الوعود الكاذبة، والكلام المجّانى الذى صدّقه من لا حيلة لهم سوى تصديقه.
100 يوم مرّت لنكتشف -أو لنتأكد- أن مشروع النهضة لا يختلف عن مدينة النهضة، وكشرى النهضة، وفكهانى النهضة، وسنترال النهضة!
لذلك لن نذهب إلى ما ذهب إليه الجميع، فلن نحاكم الرئيس على وعوده التى قالها فى ساعة «رغبة فى السلطة»، لكننا سنضعه أمام ما فعله! لذلك قررنا أن نضع الأسئلة التى كانت حديث الناس خلال المئة يوم، ونجيب عنها من خلال معلومات موثّقة حصلنا عليها من الهيئة العامة للاستعلامات التى قرر الرئيس مرسى أن تتبعه شخصيًّا بعد أن كانت تابعة لوزارة الإعلام!
هنا لا نسعى فقط إلى تقييم أداء الرئيس، لكننا نسعى أيضا إلى تقويمه!
لماذا لا ينزل الرئيس إلى الشارع؟
الرئيس ذهب إلى 4 محافظات فقط.. وزار 8 دول عربية وإفريقية وأوروبية وآسيوية وأمريكا و12 مسجدًا بشكل رسمى!
إنها أشبه بزيارات وزير الأوقاف للمحافظات!
فقد ذهب الرئيس محمد مرسى لأداء صلاة الجمعة فى مسجد السيد عبد الرحيم القنائى فى قنا، ومسجد ناصر فى الفيوم، ومسجد الفتح بالزقازيق، وبعد الصلاة كان يتجول لمدة ساعة واحدة فقط يعود بعدها إلى القاهرة.
الزيارة الرسمية الوحيدة للرئيس كانت لمحافظة الأقصر التى حرص خلالها على زيارة المعابد والوقوف على المشكلات التى تقابل العاملين فى السياحة ومعرفة أسباب عزوف السائحين عن المجىء خلال الفترة الأخيرة.
لكن كانت هناك زيارة أخرى خاطفة وعاجلة وضرورية زار فيها الرئيس مرسى سيناء وتحديدًا مدينة رفح بعد استشهاد 17 جنديًّا وضابطًا على الحدود المصرية، ولم يعاود الزيارة مرة أخرى إلى موقع الحادثة رغم أنه أعلن أكثر من مرة أنه يقود بنفسه عمليات سيناء للقبض على القتلة المجرمين الذين قتلوا جنودنا فى أثناء إفطار رمضان.
الحى الوحيد الذى شهد زيارة ميدانية لرئيس الجمهورية خلال المئة يوم الأولى هو حى عين شمس، حيث تفقد خلال جولته مشكلة المرور فى شارع عين شمس، لكن لم يقم الرئيس بزيارة أى حى آخر، لكنه زار مساجد كثيرة فى مناطق مختلفة منها مسجد الحصرى فى مدينة 6 أكتوبر، ومسجد عمرو بن العاص بمصر القديمة، ومسجد أبو بكر الصديق بمساكن شيراتون، ومسجد عمر بن عبد العزيز، ومسجد الحمد، والجامع الأزهر، ومسجد الشربتلى بالتجمع الخامس.
اللافت أن الرئيس محمد مرسى خلال شهر سبتمبر لم يذهب إلى أى محافظة مصرية، ولم يتجول فى أى شارع، فى حين أنه ذهب إلى أربع دول هى «أمريكا- بلجيكا- إيطاليا- تركيا»، وكل زيارة كان لها هدف لإلقاء كلمة فى مناسبة معينة أو لبحث سبل التعاون بين البلدين، أو من أجل الحصول على قروض ومِنح وإعانات، لكن هذه الزيارات لم يشعر المواطن بأهميتها ولا بقيمتها، لأنها لم تنعكس على حياته، ولم يجنِ ثمارها أو حتى يشعر بأن زيارات الرئيس محمد مرسى تختلف عن زيارات الرئيس المخلوع محمد حسنى، لكن هناك اختلافًا واحدًا فقط وهو خطب الرئيس، فالرئيس مرسى بارع فى الخطابة وفى جذب المستمعين، خصوصًا من أنصاف المتعلمين، أما الرئيس السابق فلم يكن لديه أى حضور فى مثل هذه المناسبات، ولم يكن هناك من يتابعه أو يسمعه.
هناك زيارة واحدة للرئيس مرسى تابعها الجميع وأثنى عليها الكثير، وهى زيارته إلى إيران، تلك الزيارة التى خطب فيها الرئيس واحدة من أكثر خطبه قربا من قلوب مريديه الذين فرحوا بخطاب الرئيس وثنائه فى أكبر دولة شيعية فى العالم على الصحابة العظام أبو بكر وعمر وعثمان وعلى، لكن ربما نسى البعض أن المناسبة التى كان يلقى فيها الرئيس هذا الخطاب هى تجمع دول عدم الانحياز، وأن بدء خطاب سياسى بمفردات دينية هو انحياز فى حد ذاته، ولكن الخطاب حقق للرئيس ما أراد، فقد شعرنا جميعا بأن خطابا مختلفا يتبناه الرئيس حتى وإن اختلفنا معه فيه.
الرئيس مرسى كان ذكيًّا حين اختار أن تكون زيارته الأولى إلى إثيوبيا ليبدأ صفحة جديدة مع دول حوض النيل، خصوصًا تلك الدولة التى قاطعناها كثيرا منذ أن تعرض الرئيس المخلوع لحادثة إرهابية هناك، وقد أراد الرئيس مرسى أن يبعث برسالة لكل دول القارة الإفريقية أن عهدًا جديدًا قد بدأ، وأن زمن الهجر قد ولى إلى غير رجعة، ولكن منذ الزيارة وحتى الآن لم نسمع عن أى تعاون مع تلك الدول، مما يجعلنا نخشى أن نكرر ما فعله المخلوع حين قام بعمل دورة كرة قدم لدول حوض النيل فى مصر وبعد انتهاء الدورة عاد الوضع إلى ما كان عليه.
لكن الوضع مختلف، كان مختلفا حين زار الرئيس مرسى المملكة العربية السعودية، فالسعودية كانت من أكثر الدول حبًّا للرئيس السابق، بل كانت تتمنى قيادتها أن يقضى بقية حياته عندها وتحت حمايتها ورعايتها، وبالتالى فزيارتها كان الهدف منها محاولة بناء جسور جديدة للعلاقات بين البلدين وغلق صفحة الماضى، وفتح صفحة جديدة، خصوصًا أن المملكة لم تكن على هوى فى يوم من الأيام مع الإخوان، لذلك كان لا بد من إيجاد ودٍّ معها بعيدًا عن خلفيات الماضى.
زيارة واحدة فقط للرئيس مرسى تم الإعلان عن العائد الاقتصادى لها وهى زيارته إلى الصين التى استمرت ثلاثة أيام وشهدت توقيع 8 اتفاقيات ثنائية، تشمل مجالات التعاون المشترك فى الاقتصاد، والتجارة والزراعة والسياحة والاتصالات والبيئة، ودفع الاستثمارات بين البلدين.
وتضمنت الاتفاقيات التى تم توقيعها بين الجانبين اتفاقا فى مجالات التعاون الاقتصادى والفنى حول تقديم الصين منحة لا ترد بقيمة تبلغ نحو 70 مليون دولار، لإقامة مشروعات مشتركة فى مجالات البنية التحتية، والكهرباء، والبيئة، ومنحة أخرى عبارة عن 300 سيارة شرطة لمصر، وكذلك اتفاقية تعاون عبارة عن قرض ميسر تبلغ قيمته 200 مليون دولار من بنك التنمية الصينى لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
كما تم توقيع مجموعة من الاتفاقيات الاستثمارية بين رجال الأعمال المصريين ورجال الأعمال الصينيين بإجمالى استثمارات بلغ 4.9 مليار دولار، وقد رافق الرئيس مرسى خلال زيارته للصين عدد من الوزراء و80 من رجال الأعمال المصريين أغلبهم من الإخوان والفلول.
زيارات الرئيس تعكس توجهاته، لكنها لم تنعكس على أرض الواقع حتى الآن، فحرصه على الذهاب إلى ثمانى دول له وجاهته، وأهميته وضرورته، لكن زيارة سور مجرى العيون لا تقل أهمية عن زيارة سور الصين العظيم.. يا ريس!



من ينصح الرئيس؟وهل يسمع النصيحة أصلاً؟
مستشارو الرئيس: هيئة المستشارين تجتمع أسبوعيًّا لتقديم مقترَحات تصل إلى الرئيس من خلال مسؤولى مكتبه
كتبت- رحمة ضياء:
منتخب قومى من مستشارى الرئيس ومساعديه.. 21 مستشارًا ومساعدا بعضهم أسماء لامعة ولها تاريخ وطنى مشرف، وبعضهم لا نعرف عن سبب اختيارهم شيئا، لكننا لا نعرف ماذا يفعلون جميعا!
هل لهم بالفعل دور فى قرارات الرئيس؟ وهل يسمع الرئيس نصائحهم وينفذ مطالبهم ويستجيب لرؤيتهم، أم أنهم يكتفون بأنهم يقولون ما لديهم وعلى الرئيس أن يفعل ما يشاء دون الرجوع إليهم؟
علامات استفهام كثيرة تطرحها طبيعة عمل الهيئة الاستشارية للدكتور محمد مرسى، وعدد أفرادها الذى يصلح لتشكيل حكومة كاملة، والصلاحيات الممنوحة لهم خصوصا بعد تصريح المتحدث باسم الرئاسة ياسر على الذى أكد فيه أنهم يقدمون عشرات الاقتراحات لكن لا يمثلون إلا أنفسهم، وكذلك الأسس التى تم اختيارهم على أساسها، وهل جاءت وفقا لمعايير الكفاءة أم كمحاولة لترضية بعض الأطياف السياسية؟ وهى الأسئلة التى وجهتها «التحرير» إلى عدد من مستشارى الدكتور محمد مرسى ليشرحوا للرأى العام طبيعة عملهم، وعرفنا منهم أنهم يجتمعون أسبوعيا لتقديم المقترحات لمؤسسة الرئاسة، وتصل إلى الرئيس عن طريق مسؤولى مكتبه، وأن عدد لقاءاته معهم بعد كل هذه المدة لم يتجاوز أربع مرات عدا اللقاءات التى أجراها بشكل منفرد مع عدد منهم.
مستشار الرئيس والخبير الإعلامى أيمن الصياد، قال إن «الهيئة الاستشارية تجربة جديدة لا نستطيع أن نعتبر أنها أصبحت مؤسسية بعد، فما زلنا فى طور التشكيل والتجريب، وكلنا مستشارون للرئيس ولا يوجد موضوع مغلق على أى منا، فنتحدث أو ندلى برأينا فى أى موضوع نشاء لكن بحكم اقتراب بعضنا من مجالات معينة يكون من الطبيعى أن يسهم أكثر فى هذا المجال»، لافتا إلى اجتماعات عامة تضمّ كل الهيئة الاستشارية، ولقاءات فردية، «لكن حتى الآن لا نستطيع أن نعتبر أن لدينا تنظيما محددا لعمل الهيئة».
وأضاف متحدثا عن انضمامه إلى الهيئة «دخلت التجربة وفى بالى استكمال استحقاقات التحول الديمقراطى، والمهمة الأولى من هذه الاستحققات هى الإصلاح المؤسسى، فقلقى على ما قد تصل إليه الأمور بشأن ملف حريات الإعلام والتعبير دفعنى إلى أن أكون أكثر اهتماما بهذا الملف، وكيف يمكن إصلاح الإعلام مؤسسيا لتحقيق اشتراطات التحول الديمقراطى، لكن بشرط أن لا يأتى الإصلاح على قواعد الحرية، فالحرية لا بد أن تكون أساسا لأى تنظيم فى مصر الجديدة».
الصياد أبدى قلقه مما يحدث الآن فى هذا الملف قائلا «كل ما يحدث الآن من مشكلات هو أعراض لمشكلة أكبر ينبغى أن يتركز الجهد على وجود منظومة تشريعية متكاملة لا تسمح بحدوث مثل هذه المشكلات، وهذا هو ما أنا معنىّ به».
وعن النصائح التى أسداها الصياد إلى الرئيس قال «قبل أسابيع أثيرت مشكلة حبس الصحفيين احتياطيا فى قضايا النشر، وكان نصحى للرئيس دائما هو ضرورة التخلص من هذه المادة، وقد كان بالفعل القانون الأول الذى أصدره الدكتور محمد مرسى بعد أن تولى السلطة التشريعية هو إلغاء الحبس الاحتياطى للصحفيين فى قضايا النشر، وهذه خطوة على طريق لا بد أن يُستكمل، فمادة تجريم إهانة الرئيس الجمهورية ينبغى أن تُلغَى كذلك، فعلى المنظومة التشريعية أن تحقق التوازن بين الحرية وحقوق المواطنين»، مؤكدا «لست مع أى تشريع يعطى لرئيس الجمهورية ميزة قانونية عن بقية المواطنين، ولا أعتقد أن بقاء المادة التى تجرم إهانة رئيس الجمهورية تتفق مع مجتمع ديمقراطى سليم».
أستاذ العلوم السياسية ومستشار الرئيس للبحوث والدارسات السياسية الدكتور سيف الدين عبد الفتاح، أشار إلى أن الهيئة تقوم بعملها فى عدة أشكال سواء بشكل جماعى أو فى دائرة مجموعات حين يتطلب الأمر انضمام عدد من المستشارين فى ملف ما، أو بصورة فردية بحكم تخصصاتهم، وتتنوع أشكال الاستشارة التى يتلقاها الرئيس من مجموعة المساعدين والمستشارين الذين يساعدونه وفقا لما هو محدد.
وشرح طبيعة عملهم بقوله «لنا مكاتب نمارس منها هذا العمل، ونحاول تقديم المشورة، ونجتمع مرة أسبوعيا ونقدم الاقتراحات بشكل أسبوعى فتصل إلى الرئيس من خلال مسؤولى مكتبه المنوط بهم ذلك، وبصفتى مساعد الرئيس لشؤون البحوث والدراسات السياسية وبحكم تخصصى لا أستطيع تقديم المشورة فى كل هذه المسائل، لكن اقترحت الربط بين المؤسسات البحثية ومؤسسة الرئاسة، خصوصا التى تتعلق بالجماهير ومعاشهم فى الداخل والخارج السياسية والاستراتيجية وتقديم بعض الآليات والحلول من خلال ما يتوافر لديهم من معلومات تساعد فى اتخاذ القرار، وحاليا نقوم بحصر هذه المراكز البحثية للاتفاق معهم على تقديم هذا الدعم».
تمكين الشباب وخريطة التوترات الدينية، التهميش الاجتماعى والسياسى لأهالى النوبة والبدو، من أهم الملفات التى يعمل عليها سيف الدين، كما أشار ل«التحرير»، مؤكدا أنها «أمور محط اهتمام مستشارى الرئيس جميعا، وكذلك ملف التحول الديمقراطى الذى سينشط فى الفترة القادمة مع وضع قانون مباشرة الحياة السياسية والانتخابات وضرورة تجميع القوى السياسية على كلمة سواء، وأعمل على هذه الملفات بالتعاون مع باقى المساعيدن والمستشارين».
رغم كل هذه الملفات التى أشار إليها سيف الدين، فإنهم لم يجتمعوا بالرئيس شخصيا كهيئة استشارية إلا أربع مرات، وباقى المقترحات تصل إليه عن طريق مسؤولى مكتبه.
من المهم أن يسمع الرئيس نصائح مستشاريه الذين اختارهم بنفسه وفقا لرأيه ورؤيته، لكن من الواجب عليه أيضا أن يسمع النصيحة من معارضيه قبل أنصاره إن أراد أن لا يكرر تجربة من كانوا لا يسمعون إلا أنصارهم ومريديهم وخدامهم!


هل الصلاة فى بيت الله تحتاج إلى حراسة؟!
الرئيس فتح صدره فى خطابه الأول.. وبعدها أغلق صدره.. وأغلق كل الطرق المؤدية إليه!
كتب- محمد توفيق- رحمة ضياء:
أغلق الرئيس صدره بعد أن فتحه!
فى خطابه الأول من ميدان التحرير وقف الرئيس فاتحا صدره متحديا، وقال يومها «لا أخاف إلا الله»، وأثار ما فعله إعجاب أغلب الناس، لكن بعد أيام قليلة أغلق صدره وأغلق كل الطرق المؤدية إليه.
فعندما ذهب لأداء صلاة العيد فى مسجد عمرو بن العاص كانت القناصة تحتل كل المواقع، والأمن المركزى يفترش الطرقات، ويتم تفتيش كل المتجهين للصلاة فى المسجد، وبمرور الوقت صار هذا واقعا لا يمكن تغييره، فكل يوم تزيد الحراسة ويصير أفراد الحراسة أكثر من أعداد المصلين لدرجة أنهم أقاموا ساترا بشريا بين المصلين والإمام حتى لا يصل أحد إلى الرئيس، وحتى بعد أن أنهى الرئيس صلاته ووقف يخطب فى الناس بدا الأمر كأنه يخطب فى الحرس.
والسؤال: كيف حدث هذا التطور؟ ولماذا هذا التغير؟!
والجواب: الخدم والحرس!
فالدكتور محمد مرسى أعلن فى اليوم الأول لفترته الرئاسية نهاية عهد الأمن فى خدمة الرئيس، وأصدر قرارا بتخفيض الحراسة وأن لا تكون سببا فى تعطيل حركة المرور خلال مرور موكبه، وبالفعل فى أول يومين تم تنفيذ هذه التعليمات، فعندما كان الرئيس فى طريقه لحلف اليمين فى المحكمة الدستورية العليا كان يسير بجواره عربة كارو، وكان سائقو السيارات يقومون بتحيته لكن هذا الوضع لم يستمر سوى 48 ساعة عادت بعدها «ريما لعادتها القديمة». بل صارت الحراسة أكثر استفزازا من أيام المخلوع، لأنها تظهر بكثرة داخل المساجد، وفى كل صلاة يؤديها الرئيس، رغم أنه يعلم جيدا أنه ليس بحاجة إلى هذه الجنود الغفيرة داخل بيت من بيوت الله، وأن هذه الحراسة التى تزيد أعدادها على أعداد المصلين تسحب من شعبيته ومن رصيده، وتثير غضب الناس، وسخريتهم علاوة على التكلفة الضخمة التى تتحملها خزانة الدولة مقابل تأمين الرئيس.
وقد رصد الخبير الاقتصادى الدكتور عبد الخالق فاروق حجم هذه التكلفة فقال إنها تترواح بين خمسة وسبعة ملايين حسب موقع المكان الذى يرجى تأمينه من قصر الرئاسة، ومدة التأمين، الخبير السياسى فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور أحمد كامل، قال ل«التحرير» إن «تأمين الرئيس شىء طبيعى فى كل الدول ويكون له مخصصات فى موزانة الدولة، ولكن بحساب، فدعونا نتساءل: كم مرة لوّث الرئيس البيئة بطائرة الرئاسة التى تصحبه فى تنقلاته؟ وكم كلّف الدولة وقودها وعدد أفراد حراسته بزيارات ليست لها فائدة؟!».
المشكلة كما قال كامل، إن «الرئيس يريد أن يصلى 5 صلوات فى اليوم وكل صلاة لها تكلفة على الدولة، رغم أن الصلاة عبادة بين العبد وربه ويمكنه أن يصلى فى منزله خصوصا إذا كانت تكلفة الانتقال الواحد ثلاثة ملايين جنيه وفقا لإحصائية أجراها خبير اقتصادى لحساب تكلفة الموكب وطاقم الحراسة والسيارات والوقود فى بلد يعانى أزمة اقتصادية شديدة وشعب مش لاقى ياكل!».
متابعا «فلا خلاف على ضرورة تأمينه كأى رئيس آخر، لكن دون تبذير وإسراف فى مال الدولة، وإذا قارنا بين أول يوم تولى فيه وفتح جاكت بذلته ليظهر أنه لا يرتدى واقى الرصاص وما أصبح عليه موكبه الآن الشبيه بموكب مبارك والحراسات الخاصة التى تجاوزت حراسات مبارك، وتفقد الأماكن التى يذهب إليها وإخلاء بعضها، فهو بذلك يسير على خطى مبارك فى استراتيجية المخابرات والتنقلات والإسراف فى الزيارات الداخلية والخارجية».
الحقيقة أن بين موكب الدكتور محمد مرسى فى الأيام الأولى لتوليه منصب رئيس الجمهورية، خصوصا حين ذهب إلى ميدان التحرير بصحبة عدد قليل من أفراد الحراسة وفتح سترة بذلته ليظهر للجماهير التى يخاطبها أنه لا يخاف وأتى إليهم دون سترة واقية من الرصاص، وما نشهده الآن من مواكب ضخمة وحراسات مشددة تصحبه فى كل تنقلاته تكاد تتفوق على موكب المخلوع مبارك، فرقا كبيرا».. بهذه الكلمات أبدى المحلل السياسى والخبير فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور يسرى العزباوى انتقاده لما وصفه ب«المبالغة» فى حراسة الرئيس، خصوصا مع التكلفة الباهظة التى تتطلبها تنقلات مرسى فى الداخل والخارج.
العزباوى أشار إلى أن مرسى بذلك يخالف ما قاله فى بداية توليه الحكم حين أكد أنه غير خائف وسط الجماهير الغفيرة فى ميدان التحرير، كما أنه يكلف ميزانية الدولة مبالغ طائلة وغير مبررة، متابعا: «لا يوجد مبرر لأن يؤدى الدكتور مرسى صلاة الجمعة فى مسجد مختلف كل أسبوع وينتقل بطائرة الرئاسة والموكب الضخم ويضيق طقم حراسته على المصليين فى الدخول والخروج من المسجد ويتم تفتيشهم مرارا وتكرارا، وهى ظاهرة جديدة فى مصر رغم أنه لم يكن يفترض أن يحدث ذلك بعد الثورة، فموكب مرسى لا يختلف عن موكب مبارك وربما يتفوق عليه، وهى أمور تحتاج إلى إعادة نظر من الرئيس وتخفيض عدد أفراد حراسته، كما يقال إن الإخوان فى بعض الأحيان يكونون جزءا من تأمين الموكب وهو تدخل فى مؤسسات الدولة، إن كان يحدث فعليا، ولا أفهم سبب إعلان مسؤولى الرئاسة عن المسجد الذى سيؤدى فيه صلاة الجمعة قبلها بأيام».
لا يقتصر الأمر على ذلك كما يشير العزباوى، «فهناك الزيارات الخارجية، حيث يسافر الموكب بصحبته وتتم المبالغة فى تأمينه وحراسته بزعم أن هناك من يريد التخلص منه، وهو أمر ينطوى أيضا على مبالغة، ويمكننا أن ننظر إلى فرنسا حين وصل لديها عجز الموازنة إلى مؤشرات مرتفعة قلصت من مخصَّصات الرئاسة فى موازنتها وهو يتنقل بالقطار لا بالطائرة الخاصة، وعليه أن يقلل من زياراته الخارجية فى ظل الوضع الاقتصادى المترهل والأزمات الداخلية المتكررة حتى لا يتكرر ما كان يحدث أيام مبارك».
لكن من المؤكد أنه لا وجه للمقارنة بين موكب مبارك وموكب مرسى، لكن تطور حجم الموكب خلال مئة يوم فقط يعطى مؤشرا أن هناك خللا ما ويجب إصلاحه إذا أراد الرئيس أن يحافظ على صورته الودود، بجانب أن التزايد المستمر فى أعداد الحراسة يشير إلى أن على الرئيس أن يراجع نفسه ويأمر حرسه أن يعودوا إلى الخلف ولا يدخلوا معه المساجد إن أراد أن يدخلها فى كل صلاة، فلا معنى لجنود يصنعون فرعونًا جديداً حتى إن أبى فى البداية!
فمبارك فى بدايته لم يكن فرعونا، لكنه تفرعن بمرور الوقت، ولأنه لم يجد من يصدّه، بل كان يجد دائما من يثنى عليه ويتحدث عن قدراته، وإخلاصه، وتواضعه، وخفة دمه، وبطولاته فى حرب أكتوبر، وخبراته فى إدارة شؤون الدولة بحكم قربه من الرئيس السادات.
حسنى ومرسى قادتهما الصدفة للوصول إلى كرسى الحكم، ورغم الفروق الكبيرة والجوهرية بين الاثنين فإن البداية واحدة، وما حدث لمحمد حسنى يمكن أن يتكرر مع محمد مرسى، إذا أصر البعض على الدفاع عنه دون محاولة لتقييمه وتقويمه.


كيف يختار الرئيس محاوريه؟
محمد مرسى أول رئيس جمهورية فى العالم يقدم برنامجًا يوميًّا لشعبه فى شهر رمضان
برنامج يومى، وأربعة حوارات للرئيس فى مئة يوم.
قام الرئيس محمد مرسى بتسجيل حلقات برنامج يومى أُذيع فى شهر رمضان الماضى، علاوة على إجراء ثلاثة حوارات للتليفزيون وواحد للصحافة، أما الحديث الصحفى الوحيد فكان لصحيفة أمريكية، وهو ما يعكس اهتمام الرئيس بالحديث إلى الأمريكان، وقد قال فى هذا الحوار إن «مصر والولايات المتحدة أصدقاء حقيقيون».
لم يكتفِ الرئيس بحوار واحد مع وسائل الإعلام الأمريكية، لكنه قام بإجراء حوار آخر مع قناة تليفزيونية أمريكية، هى قناة «بى بى إس»، وحرص خلالها على أن يذكر كل ما يقرّب بين مصر والولايات المتحدة بعد أن كانت جماعة الإخوان تدعو إلى مقاطعة أمريكا وتعتبرها الشيطان الأعظم، فى حين أن الرئيس الآن صار يؤكد فى حواراته أنه ليس غريبًا عن الولايات المتحدة، وأنه درس بها وتعلّم على الأرض الأمريكية، ولم يبق إلا أن يقول إنها وطنه الثانى!
حوارات الرئيس مع وسائل الإعلام الأمريكية كانت جيدة وجادة وكشفت معلومات وأوضحت أشياء ما كانت ستتضح لولا هذه الحوارات، فعندما سأله مذيع «بى بى إس»:
هل الولايات المتحدة ومصر أصدقاء أم أعداء؟
أجاب الرئيس مرسى ضاحكًا: بالتأكيد أصدقاء.
وحين سُئل هل هما حليفان؟ قال إن حقيقة الأمر تقوم على تعريف كلمة حليف.. فيوجد لدى البلدين علاقات مشتركة، ولكن لا يوجد بينهما تحالف عسكرى.. ولكن إن كنت تقصد أن لفظ حليف يعنى أنه توجد شراكة فى العديد من المجالات، ففى هذه الحالة يمكن أن تقول إننا حليفان.
أما إذا انتقلنا إلى أحاديث الرئيس مرسى إلى وسائل الإعلام فى مصر، فهى على النقيض تمامًا، فهنا الرئيس يبحث عن منبر يخطب من فوقه لا عن محاور يناقشه، وبالتالى فهو يبحث عن مذيع يفرح وينبهر بلقائه ويكون لديه استعداد تام للسمع والطاعة والإنصات دون نقاش طوال مدة الحوار.
فالرئيس لا يريد مَن يحاوره، وإنما يريد أن يجلس أمامه مَن يستمع إليه دون أن يُعقّب أو يجادل أو يناقش أو يطرح سؤالًا جادًّا وجديدًا قد يسبب حرجًا للرئيس أمام الناس، لذلك اختار منذ البداية أن يظهر من خلال برنامج يومى يتحدث فيه إلى الإذاعة عبر موجة البرنامج العام، اسمه «الشعب يسأل والرئيس يجيب»، والبرنامج كان عبارة عن أسئلة وإجابات معدة سلفًا، وقد أُذيعت هذه الحلقات يوميًّا طوال شهر رمضان ليصبح الدكتور محمد مرسى أول رئيس جمهورية يقدم برنامجًا يوميًّا إلى شعبه!
بعدها قام الرئيس بإجراء حوارَين، أولهما مع القناة الأولى على التليفزيون المصرى، واختار له المذيع محمد سليمان الذى صار من أكبر أنصار جماعة الإخوان بعد أن كان عضوًا فى الحملة الانتخابية للفريق أحمد شفيق، لكنه يحاول أن ينفى ذلك، لكن ما يريد أن يؤكده ويصر على تكراره هو أن لقاء الرئيس والحديث معه كان حلم حياته، وأضاف قوله: كانت لدىّ مشاعر رهبة، وكان يدور فى ذهنى مخاوف كثيرة، منها أن كلمة أو جملة قد تؤدى إلى الوقوع فى مشكلة يمكن أن تكون محليّة أو دوليّة، ولكننى تغلّبت على ذلك بالتركيز الشديد.
إنه مذيع يخشى من أى شىء وكل شىء، ويظن أن كلامه قد يتسبب فى وقوع كوارث دولية! وبالتالى فهو حفظ الأسئلة مثل أى تلميذ سيقوم بإجراء حوار مع مدير المدرسة فى الإذاعة، وهذا بالضبط ما كان يريده الرئيس فى حواره مع التليفزيون المصرى الذى يسير وفقًا لتوجيهات السيد الرئيس فى كل عصر.
محمد سليمان مذيع قادته الصدفة وحدها لأن يجلس أمام الرئيس محمد مرسى فى أول حوار له مع التليفزيون المصرى، وبالتالى فكل ما شغله أن ينجح فى الامتحان أمام الرئيس، ويثبت له أنه يصلح لهذه المهمة، وجدير بتلك المسؤولية الضخمة!
لكن الرئيس مرسى فى حواره الثانى، اختار أن يجريه مع قناة فضائية واسعة الانتشار وهى قناة «الحياة»، لكنه جلس مع مذيع جيد هو شريف عامر، لكنه ليس من نجوم الصف الأول الذين يسألون بجدية، ويعلقون على كلامه، ويراجعونه فى ما يقول، الرئيس محمد مرسى اختار أن تكون حواراته مسجلة، ومع مذيعين مطيعين ليس لديهم توجّه معين أو رأى مختلف، بل مذيعون يسمعون ما يقوله، ولا يعلقون عليه، ويسألون السؤال التالى دون أى محاولة للمحاورة.
بالقطع لا وجه للمقارنة بين الإعلامى شريف عامر، والمذيع محمد سليمان، فعامر موهوب، أما سليمان فهو مجرد موظف، لكن أيضًا كلاهما لا يرقى إلى مستوى محاورى الرئيس المخلوع، فقد حرص مبارك أن يظهر فى حواراته مع اثنين من أساتذة الحوار التليفزيونى، هما الكاتب الكبير مفيد فوزى، والإعلامى الكبير عماد الدين أديب، فكلاهما أستاذ فى مجاله حتى لو اختلفنا معهما ومع أهدافهما!

أين البسطاء من قرارات الرئيس؟
الرئيس أصدر 29 قرارًا أغلبها كان قرارات تنظيمية.. ولا يوجد قرار واحد ينتصر للفقراء والمهمشين
كانت مفاجأة مدهشة لكنها مُحزنة!
حين وجدت أن قرارات الرئيس طوال مئة يوم لا يوجد فيها قرار واحد يهم غالبية المصريين الذى يعيشون تحت خط الفقر وبجواره.
فلم يُصدر الرئيس محمد مرسى قرارا واحدا ينحاز فيه إلى البسطاء والمهمشين من غالبية أفراد الشعب، فقراراته أغلبها إدارية ونمطية، وبعضها كان ضروريا وبعضها مستفزا وبعضها كان غير مفهوم، علاوة على قرار رائع واحد ووحيد طوال المئة يوم الأولى.
قرارات الرئيس يمكن تقسيمها إلى خمسة أقسام:
1- قرارات تنظيمية وإدارية:
فقد أصدر محمد مرسى 29 قرارًا جمهوريًا -وفقا للهيئة العامة للاستعلامات- أغلبها كان تنظيميا مثل قراراته بنقل تبعية الهيئة العامة للاستعلامات إلى الرئاسة، وتعديل بعض الأحكام فى قانون الجامعات، وتعيين رئيس لهيئة النيابة الإدارية، وتشكيل هيئة من كبار العلماء بالأزهر، ومنح علاوة خاصة للعاملين بالقطاع الحكومى، وتعيين منتخب من المساعدين والمستشارين لرئيس الجمهورية (وعددهم 21 مساعدا ومستشارا).
2- قرارات ضرورية وواجبة:
هناك قرارات كانت واجبة وعاجلة وضرورية، لكنها تأخرت كثيرا مثل تغيير حكومة الدكتور الجنزورى وتكليف حكومة جديدة حتى وإن لم تأتِ بجديد، علاوة على اختيار محافظين جدد، وتعيين نائب للرئيس وتحديد صلاحياته، وإلغاء الحبس الاحتياطى فى قضايا النشر رغم أنه لم يُطبق فى عصر مبارك، وإنما كان فى طريقه إلى التطبيق فى عصر مرسى!
3- قرارات مستفزة:
بعض القرارات كان مستفزة مثل عودة مجلس الشعب المنحل مرتين بحكم القضاء، وتعيين المشير محمد حسين طنطاوى والفريق سامى عنان والدكتور كمال الجنزورى كمستشارين للرئيس وحصولهم على أرفع الأوسمة والأنواط، بعد كل الاتهامات التى كان يتهمها لهم الرئيس مرسى طوال فترة الانتخابات، ولن أتطرق إلى الحديث عن تلك الاتهامات التى يعاقب القانون مرتكبها أو يحاسب من يتهمه بها دون سند أو دليل!
القرارات المستفزة كانت كثيرة ومنها أيضا حصول عدد من المستشارين على أرفع الأوسمة، رغم اتهام بعضهم بتهريب المتهمين الأمريكان فى قضية التمويل الأجنبى إلى خارج البلاد بالمخالفة للقانون، وعلى رأس هؤلاء المستشار عبد المعز إبراهيم الذى تم اتهامه من قِبل جماعة الإخوان بكل التهم قبل أن يصل محمد مرسى إلى كرسى الرئاسة.
4- قرارات غير مفهومة:
لعل أبرز القرارات غير المفهومة التى لم تتم مناقشتها والحديث عنها، وأغلب الناس لا يعرفونها وأغلب وسائل الإعلام لم تذكرها هو قرار زيادة معاشات العسكريين، وتعديل بعض أحكام التقاعد وذلك عقب إحالة المشير والفريق إلى التقاعد!
5- قرار رائع:
قرار واحد فقط للرئيس محمد مرسى لم يختلف عليه أحد والكل أشاد به، والتفت حوله الناس من كل الطوائف والأطياف السياسية، وهو قرار عزل المشير حسين طنطاوى والفريق سامى عنان وإحالتهما إلى التقاعد.
وبغض النظر عن أهمية هذه القرارات أو عدم جدواها، فإن المشكلة الرئيسية أن الرئيس حتى الآن لم يصدر قرارا واحدا خارج هذا الإطار بمعنى أن أغلب قراراته لا تعنى غالبية المصريين فى شىء، بل إنهم لا يشغلون بالهم بها ولا يعتبرونها قرارات من الأساس، فالبسطاء لا يعنيهم تعيين هذا أو إقالة ذاك، ولا يهتمون بالأمور التنظيمية ولا يهتمون إلا بالقرارات التى تؤثر بالإيجاب على حياتهم الشخصية، وتجعلهم يشعرون بأن الثورة تسير فى طريق تحقيق أهدافها، وعلى رأس هذه الأهداف «العيش والعدالة الاجتماعية» بعد أن صار مطلب الحرية صعبا للغاية.
لكن حتى هذه اللحظة لا شىء تحقق، أو حتى نسير فى طريق تحقيقه، فلا يوجد قرار واحد للرئيس محمد مرسى ينحاز فيه إلى الفقراء الذين صاروا أكثر فقرا، وتتزايد أعدادهم كل يوم وتزداد أوجاعهم وتتعقد مشكلاتهم، فلا الأسعار انخفضت (باستثناء سعر المانجو حتى لا يغضب سيادة الرئيس) ولا رغيف العيش صار أكبر، ولا المستشفيات صارت أفضل، ولا الأوتوبيسات صارت أقل زحاما، ولا كوارث المرور فى طريقها إلى الحل، ولا الزبالة تم جمعها من الشوارع أو حتى إزالة أغلبها، ولا تم توفير البنزين، هذا علاوة على عدم إقرار الحد الأدنى والأقصى للأجور الذى كان ضمن أبرز وعود الرئيس فى حملته الانتخابية، بل إن الحديث يتزايد عن رفع الدعم فى الوقت الذى يشكو فيه الناس من عدم استطاعتهم العيش بهذا لقلة الدعم.
لكن هذا يبدو بديهيا، فالرئيس منفصل عما يدور فى أحاديث البسطاء، فهو طوال المئة يوم الأولى كان مشغولا بالقرارات الإدارية الفوقية التى لا تهم أحد سوى من يصدر القرار بشأنه، لذلك لم يحقق سوى أربعة وعود فقط من 64 وعدا، كان قد قطعها على نفسه وتعهد بتحقيقها خلال 100 يوم فقط من توليه السلطة، وذلك وفقا لما قام برصده عدد من النشطاء على الإنترنت الذين أنشؤوا موقعا لمراقبة أداء الرئيس المنتخب فى المئة يوم الأولى من حُكمه، ومتابعة ما نفذه من وعود فى مجالات الأمن والخبز والمرور والوقود والنظافة. الفقراء ليسوا فى أولويات السيد الرئيس ولا يشغلون باله -إلا فى الخطب- ولا تجدهم فى أجندة اهتماماته فهو يظن أنهم صابرون، صامتون، قانعون، راضون بالقليل الذى لا يجدونه، ورغم ذلك فهم على استعداد لتصديق وعود الرئيس -أى رئيس- وتحمل ما لا يطيقون على أمل أن يصدق، ولو مرة واحدة فى حكمه فيتغير حالهم.
لكن الرئيس يهتم فقط بالحديث عن الفقراء والمهمشين ومحدودى الدخل فى خطاباته، بل إنه يتحدث عن كل فئة بمفردها، وقد خص بالذكر سائقى التوك توك فى أول خطاب رئاسى رسمى وجهه إلى الشعب المصرى.
لكنه على أرض الواقع ومن خلال مراجعة قراراته لا يوجد قرار واحد ينتصر لهؤلاء البسطاء المعذبين فى الأرض الذين ازدادت حالاتهم سوءا، مما جعل بعضهم يلجأ إلى الاعتصام والإضراب والعصيان المدنى، الناس لم تعد تحتمل، لكنها تحاول أن تتحمل، وعلى الرئيس محمد مرسى أن يدرك أن تحقيق مطالب الناس لا يأتى عبر الخطابات الحماسية، بل يأتى عن طريق القرارات الحاسمة والفورية إن أراد!


الرئيس ألقى 51 خطابًا خلال المئة يوم الأولى فقط.. أى أنه يخطب كل 48 ساعة
عدد الخطب الرسمية للرئيس 30.. وغير الرسمية 21.. ومدة هذه الخطب مجتمعة بلغت 30 ساعة كلام!
عانينا كثيرا مع رئيس لا يتكلم إلا بعد «خراب مالطة»، والآن نعانى مع رئيس لا يفعل شيئا سوى أنه يتكلم!
وبعد أن كنا نتمنى أن يحكمنا رئيس يتحدث إلينا عما يفكر فيه ويصارحنا بما يجرى حولنا وصلنا إلى مرحلة نلوم فيها أنفسنا، ونقول «ليته سكت!».
الرئيس محمد مرسى خطب 30 خطبة فى مناسبات رسمية خلال المئة يوم الأولى لحكمه، وقد بدأ خطاباته فى اليوم الأول لتسليمه السلطة فى 30 يونيو الماضى وخلال أول يومين فقط خَطب خمس خُطب، كأنه بمجرد أن أمسك الميكرفون لا يريد أن يتركه، فقد كرر كلامه بصورة أو بأخرى وخرج عن النص المكتوب كثيرا، وفى بعض الأوقات كان الخروج مثيرًا، وفى أوقات أخرى مثيرا للاستفزاز خصوصا حين بدأ خطابه الأول فى التليفزيون المصرى الذى أذيع مساء يوم 30 يونيو بعبارة «أهلى وعشيرتى»، لكنه عاد وتدارك هذا الخطأ فى صباح اليوم التالى وأدرك أن هذه اللغة تصلح لخطاب شيخ قبيلة، لا لأول رئيس منتخب بعد ثورة عظيمة، وهذا دليل على أنه يريد أن يتعلم من أخطائه.
خطابات الرئيس مرسى كانت تعكس رؤيته بوضوح شديد، حتى إن كانت الصياغة مرتبكة فى بعض الأحيان، فهذا كان يعكس أنه ما زال مرتبكًا ولم يحسم موقفه بدقة فى القضية أو يريد أن يُرضى الجميع، ويلهب مشاعر البسطاء لذلك فإنه فى خطاب يهاجم فترة الستينيات وفى خطاب آخر يمتدح الرئيس جمال عبد الناصر ويشيد به وبمواقفه وذلك فى قمة عدم الانحياز.
فالرئيس يذهب إلى الميكرفون فى أى مكان يوجد به، ولا يترك فرصة للخطابة إلا يستغلها سواء كان فى مصر أو خارجها، فى لقاء رسمى أو غير رسمى، فقد بلغ عدد خطبه غير الرسمية 21، بعضها تمت إذاعته فى التليفزيون وبعضها كان عابرا، ومن بين هذه الخطب غير الرسمية خطبة فى مسجد الشربتلى، ومسجد الحمد، وخطبته فى مسجد روما، وخُطبه بعد صلاة الجمعة فى أى مسجد يوجد به، كأنه يريد أن يعظ الناس فى كل وقت ولا يفوِّت فرصة للنصح والإرشاد إلا استثمرها، بل إن مدة خطبته كثيرا ما تتجاوز خطبة الجمعة ذاتها.
ولكن للأسف كل هذه الخطب كانت دون فائدة، لأن القاعدة تقول إن الكلام يُنسِى بعضه بعضا، علاوة على أن من يتحدث طوال الوقت ليس لديه وقت ليسمع آراء الناس فى ما يقول، ويظن أنه مهم وخطير ومؤثر وضرورى حتى إن كان كلامه غير ذلك!
خُطب الرئيس، طبقا للمعلومات الدقيقة التى حصلت عليها «التحرير» من الهيئة العامة للاستعلامات، 30 خطابا وأربعة أحاديث، هذا دون الوضع فى الاعتبار الخطب غير الرسمية التى لم يتم الإعداد لها سلفا، ولم يتم إبلاغهم بتدوينها، وهى تصل إلى 21 خطابا، أى أن الرئيس ألقى 51 خطابا خلال المئة يوم الأولى فقط، وهذا يشير إلى أنه يخطب كل 48 ساعة وهذا معدل ضخم لم يسبقه إليه أحد، ورقم من الصعب تحطيمة خصوصا أن مدة هذه الخطب مجتمعة وصلت إلى 30 ساعة كلام!
المشكلة ليست فى كثرة خطابات الرئيس، لكن المشكلة الحقيقة أنها غالبا لا تأتى بجديد بقدر ما تأتى تأكيدًا لما قاله، فهو يتحدث فى خطبه غير الرسمية فى نفس القضايا، أما خطبه الرسمية فتنقسم إلى نوعين: خطب خارجية وخطب داخلية للمناسبات.
الخُطب الخارجية غالبا ما تكون موجهة إلى الداخل قبل الخارج ويحاول فيها إظهار قوة خطابه وبلاغته ودغدغة مشاعر الناس مثل خطاباته فى إيران وفى الأمم المتحدة وفى دول عدم الانحياز، أما خطابات المناسبات فهو غالبا ما يذهب بحديثه خارج إطار المناسبة ليلبى هوى الجمهور مثل خطاباته فى ليلة القدر وذكرى ثورة يوليو وفى أثناء تخريج دفعات جديدة من ضباط الجيش والشرطة.
الرؤساء عادة كلامهم قليل، وبحساب، وبتوقيتات مدروسة، وبقواعد صارمة، وبأصول راسخة، ولأسباب محددة، وتترتب عليه سياسات جديدة، ورؤى مستقبلية، وخطط واضحة، والرؤساء الأكثر نجاحا يدركون أن ظهورهم لا بد أن يعنى شيئا مفيدا وجديدا للشعب حتى يستقبله الناس بما يليق بقائله وبما يقوله، أما إن كان الهدف من الخطاب هو النصح والوعظ والإرشاد فعادة ما ينصرف الناس عنه لعدم حاجتهم إليه ولاعتقادهم أن من ينصحهم هو أكثر منهم حاجة إلى هذا النصح!
لذلك خُطب الرئيس محمد مرسى تبدو مدهشة لمن يتابعها من الخارج، فما يفعله الرئيس عندنا لا يحدث عندهم إلا فى فترة الانتخابات، أما بعد وصول الرئيس إلى كرسى الحكم، فالشعب لا يريد كلامه بقدر ما يريد أفعاله التى تنعكس على معيشتهم من نظافة شوارع وعدم انقطاع الكهرباء وتعليم جيد وعلاج مجانى ومسكن يحفظ كرامة المواطن وتخفيض أعداد من يعانون من البطالة وغيرها من حقوق المواطن التى ليست منحة ولا منة من الحاكم، بل هى حقوق يجب أن يحاسَب إذا لم يوفرها لشعبه.
لكن هنالك ملامح أساسية لخطاب الرئيس مرسى طوال المئة يوم، على رأسها «التكرار»، على حد تعبير الدكتور عماد عبد اللطيف أستاذ تحليل الخطاب، الذى يقول «التكرار نوعان: تكرار لفظى بإعادة نفس العبارات والجمل، وتكرار معنوى ويتم عن طريق استخدام صياغات مختلفة لكنها تؤدى إلى نفس المعنى ولا تأتى بجديد، ومن ذلك لجوء الرئيس إلى الارتجال فى كثير من خطبه، ففى خطاباته الأولى كان يخرج عن النص كثيرا مما كان يجعله يكرر ما يقوله أكثر من مرة بنفس الألفاظ والعبارات، لأنه نسى أنه قاله قبل دقائق، وهذا أيضا تسبب فى طول المدة الزمنية لخطاباته».
هناك هدف واضح من خروج الرئيس عن النص المكتوب هو زيادة مساحة التواصل مع الجماهير ومحاولة التأثير عليها واستمالتها، كما يقول عبد اللطيف، فالتكرار هنا يكون لتأكيد معان بعينها بدليل أن الرئيس لجأ إلى التكرار فى خطابه فى الأمم المتحدة رغم أن للخطاب مدة محددة، علاوة على وجود بروتوكول ثابت لهذه النوعية من الخطابات، ورغم ذلك يُلِحّ فى استخدام كلمات بعينها، وإعادة قراءة فقرات معينة، والتكرار هنا وسيلة لتحقيق أكبر قدر من الإقناع والتأثير وإبراز قول معين ومحاولة وضعه فى الصدارة.
لدينا قصة شهيرة فى التراث الخطابى تقول إن أحد الخطباء كان كثير التكرار فسأله أحد العلماء لماذا تكرر ما تقوله كثيرا؟ فأجاب حتى يفهمه مَن لم يفهمه، فهنا رد عليه العالم قائلا: وقتها سيكون مله مَن فهمه.
وهذه إشارة مهمة يلفت أستاذ تحليل الخطاب النظر إليها، ويضيف قوله: التكرار يؤدى إلى انصراف الناس عما يقوله، وفقدان الخطاب أهميته وتأثيره ومعناه، خصوصا أن التكرار سمة أساسية ومهيمنة على خطابات الرئيس، وهذا طبيعى لأنه قادم من خلفية دعوية، وطبيعة الخطاب الدينى أنه يميل إلى التكرار، وهو ما نسميه «الخطاب الدائرى» أى الخطاب الذى يبدأ من نقطة وينتهى إلى نفس النقطة فى النهاية، لكن الخطاب الرئاسى من المفترض أن يكون «خطابا خطيا» بمعنى أن يبدأ من نقطة وينتهى إلى نقطة أخرى ينتظرها مستمع الخطاب.
الخطابات الرئاسية يجب أن تستخدم لغة مؤسسية يتعامل من خلالها الرئيس مع الشعب أو مع ممثلى الدول الأخرى، وهذا يختلف عن الخطابات الأخرى مثل خطابات العائلة والصداقة وغيرها من أنواع الخطابات التى يتم المزج بينها وبين الخطاب الرئاسى الذى يقدمه الدكتور مرسى، فهو غالبا ما يلجأ إلى كلمات مثل «أحبائى» و«أحبكم كثيرا» و«أيها الأحباب» و«أهلى وعشيرتى»، وغيرها من المصطلحات التى لا تناسب طبيعة الخطاب الرئاسى، وهدفها غالبا ما يكون محاولة الاستفادة من القيود الموجودة داخل العائلة المصرية لتتشابه مع علاقة الرئيس بالمواطنين حيث لا يجوز انتقاد أو مخالفة تعليمات الأب داخل العائلة، وهو بالضبط ما يريد الرئيس تحقيقه، وهذا ما كان يفعله أيضا الرئيس السادات فى خطاباته، ولكن فى حالة الرئيس مرسى تجد أن السبب فى ذلك هو محاولة استمالة الجماهير والتأثير عليهم وإزالة الحواجز معهم لاستمالتهم على طريقة «حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنالك الغلط».
ويحذر عبد اللطيف الرئيس قائلا: «على الرئيس أن يدرك أن الخطاب يكتسب أهميته مما يقال فيه، ومن اقترابه الفعلى من تحقيق آمال الناس، والإفراط فى الخطاب يؤدى إلى انصراف الجماهير ويُفقِد الخطاب معناه».
هذا هو الفرق بين خطاب الزعيم جمال عبد الناصر وخطاب الرئيس محمد مرسى، فعبد الناصر كان يدرك أنه أتى بعد ثورة وأن حلوله لا بد أن تأتى على قدر الثورة ومن ثَم كانت خطاباته غالبا ما تهم شرائح واسعة من الناس لأنها تتعلق بحل مشكلاتهم وبحياتهم الشخصية، ومن ثَم ظل الناس ينتظرون خطاباته بنفس الشغف، أما الرئيس مرسى فيلجأ إلى التكرار دائما لأن ما يقوله لا ينعكس على أرض الواقع ومن ثَم يعيده مرات كثيرة دون أن يلتفت إلى ضرورة تنفيذ ما قاله أولا.
أعتقد أن الرئيس عليه الآن أن يتخلى عن شهوة الكلام والخطب التى لا تُجدِى ولا تنفع الناس، وبدلا من أن يردد فى كل خطبه أنه على الناس أن تعمل ولا تلتفت إلى الشائعات والكلام أظن أن عليه أن يبدأ بنفسه أولا
ال100 يوم الأولى.. من الزعيم إلى مرسى وإخوانه
كتب- هالة عيد وأحمد البرماوى:
«فقدناه فى غير أوانه فحدث لنا ما حدث، وأصبحنا نعانى واختفت قيمة مصر فى الخارج»، بتلك الكلمات تحدث الدكتور عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ بجامعة حلوان، عن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، فى ذكرى رحيله ال42، مؤكدًا أنه ردد «الله يرحمك يا عبد الناصر»، عندما قال الرئيس محمد مرسى «الستينيات وما أدراك ما الستينيات».
ومع اقتراب انتهاء المدة الزمنية المحددة لبرنامج الرئيس محمد مرسى ال100 يوم الأولى من حكمه، سرد الدسوقى ل«التحرير» أول مئة يوم لمجلس قيادة الثورة، بقيادة جمال عبد الناصر، بعد ثورة 1952، مشيرًا إلى أنه فور تولى المجلس السلطة، قام بإصدار قرارات واتخاذ إجراءات لتأمين الثورة من ناحية واكتساب الشعب إلى صفوف الثورة من العمال والفنيين والطبقة الوسطى، مشيرا إلى أنه فى ذلك الوقت كانت خزينة الدولة خاوية أو رصيدها بسيطا والميزان التجارى يعانى من العجز، وهذا معناه أن مصر كانت تستورد أكثر مما تصدر، وهو ما دفع المجلس إلى البدء فورا فى حل مشكلة الميزان التجارى، ليصبح فى صالح الميزانية العامة، فصدر قرار بزيادة الرسوم الجمركية على بعض الواردات الكمالية، وكان ذلك بعد أقل من أسبوعين من الثورة.
الدسوقى تابع «فى 2 أغسطس 1952، وبعد أيام قليلة من قيام الثورة، صدر قرار بالعفو الشامل عن جرائم العيب فى الذات الملكية»، موضحًا «كان فيه ناس معتقلين عشان شتموا فاروق»، وفى نفس التاريخ تقرر إلغاء رتب الباشوية والبكوية والألقاب المدنية، ومنها صاحب السعادة وصاحب المعالى، وأصبح كل مواطن يتم مخاطبته بالسيد، وذلك لعدم إشعار المواطنين بالتفاوت الطبقى.
وفى 6 أغسطس 1952، والكلام لا يزال للدسوقى، تم زيادة الضريبة على الإيرادات العامة بالنسبة إلى الشرائح العليا من التجار وأصحاب الورش وكبار الموظفين، مشيرا إلى أن عبد الناصر كان يفضل ذلك عن الاقتراض من صندوق النقد الدولى، رغم أنه لو طلب ذلك من الصندوق كان سيوافق، ولكنه سيصبح ميسرًا، ولهذا فضل عبد الناصر حل مشكلة الميزان التجارى ذاتيًّا بإجراءات داخلية دون اللجوء إلى الاقتراض من الخارج.
وفى 9 سبتمبر من العام نفسه، صدر قانون الإصلاح الزراعى، وهو تحديد الملكية الفردية بحد أقصى 200 فدان للفرد ولو كان داخل أسرة، ومن ثَم قام بتوزيع الفائض على الفلاحين وكان، حسب الدسوقى، حلا عبقريا استفاد منه الفلاحون، ممن كانوا يزرعون الأرض بالفعل، فى حين صدر فى 14 سبتمبر قرار بإلغاء الوقف الأهلى، على أساس أن الورثة هم المنتفعون من العقار، حيث ظل وقفا ثابتا لا يتطور، وكان مثار انتقاد فى المجتمع المصرى، وقال «لعل أفلام الريحانى كان فيها سخرية من نظار الوقف الذين ينهبون الأموال».
وتابع الدسوقى «فى 2 أكتوبر 1952، صدر قانون بتخفيض إيجارات المساكن بنسبة 15% على المبانى التى أنشئت من أول يناير 1944 حتى 1952، وفى نفس التاريخ تم إنشاء مجلس دائم لتنمية الإنتاج القومى، وذلك لعدم اللجوء إلى الاستيراد، وفى 16 أكتوبر صدر قرار بالعفو الشامل عن الجرائم السياسية التى وقعت من 26 أغسطس 1936، على اعتبار أن ذلك التاريخ عُقدت فيه المعاهدة المعروفة مع إنجلترا، وحدثت بعدها مظاهرات تطالب بالجلاء وتم اعتقال 934 ناشطا سياسيا من بداية تلك الأحداث وكانت قضاياهم منظورة أمام القضاء».
فى الاتجاه ذاته، يرى الدسوقى أن ال100 يوم الأولى بعد انتخاب عبد الناصر، لأول مرة فى استفتاء شعبى، رئيسا لمصر فى 24 يونيو 1956، أصدر خلالها قرارا بتأميم قناة السويس فى 26 يوليو 1956، على خلفية رفض البنك الدولى تمويل الحكومة المصرية لبناء السد العالى، مشيرا إلى أن قرار تأميم قناة السويس كان سببا فى قيام العدوان الثلاثى على مصر، من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل. أما فى 9 أغسطس 1956 فقد أصدر عبد الناصر قرارًا بإنشاء جيش التحرير والحرس الوطنى وكتائب الشباب من المتطوعين من سن 18 إلى سن 50 عامًا وفى 28 أغسطس صدر قانون الجمعيات التعاونية.
واحتفالا بثورة 23 يوليو 1956 قام عبد الناصر بتوزيع كل ملكية الأراضى الزراعية للفلاحين، تطبيقًا لقانون الإصلاح الزراعى، وخلال شهر سبتمبر صدر قرار بإنشاء المجلس الأعلى للعلوم والمجلس الأعلى لرعاية الشباب ولجنة الطاقة الذرية للأغراض السلمية والمركز القومى للبحوث.
وفى مقارنة بين ال100 يوم الأولى لمجلس قيادة الثورة وعبد الناصر، وال100 يوم الأولى للرئيس مرسى، أشار عاصم إلى أن «همَّ عبد الناصر ومجلس قيادة الثورة فى هذا الشأن كان تأمين الثورة وحمايتها، أما مرسى فانشغل بتأمين نفسه لا تأمين الثورة أو الدولة أو الشعب، بداية من صدور قرار بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل ثم الإطاحة بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة ممثلاً فى المشير طنطاوى والفريق سامى عنان، وإصدار قرار بعودة مجلس الشعب بعد صدور حكم المحكمة الدستورية بحله».
وفى عهد ال100 يوم الأولى لعبد الناصر اكتسب شعبية كبيرة، لأنه أصدر عديدا من القرارات لصالح الجماهير وضد أعداء الثورة من بقايا النظام الملكى، حسب الدسوقى الذى تابع «عبد الناصر التف حوله الجميع أما مرسى يكفيه أهله وعشيرته»، مشيرا إلى أن عبد الناصر يكفيه فخرا أنه حبيب الملايين وناصر الفقراء وأن حكمه هو حكم العزة والكرامة واستقلال الإرادة، لافتا إلى أن ما يحدث حتى الآن هو امتداد لتاريخ السادات ومبارك، موضحًا أن مرسى ردد خطاب عبد الناصر عندما كان فى جامعة القاهرة يوم أن حلف اليمين، فحديثه عن ضرورة تطبيق العدالة الاجتماعية والتعاون المشترك ونصرة القضية الفلسطينية كلها سياسات عبد الناصر، ولكن لم يعمل بها مرسى، وأضاف أن عبد الناصر اتسعت فى عهده المساحات للطبقة الوسطى ممن حرموا من ممارسة العمل السياسى وكانت علاقاته بالخارج حسب موقف الخارج من قضية العروبة ومن التحرر من الاستعمار.. ومنهجه الاقتصادى كان قائما على الاستقلال لا التبعية، ففى إحدى خطبه قال «طلبت قرضا من صندوق النقد الدولى فاشترط رفع الدعم، فرددت عليهم: رفع الدعم معناه تقوم ثورة تانى يوم»، واعتمد على الجهود الذاتية والأخذ من الأغنياء لصالح الفقراء.
قرارات الرئيس
- الرئيس مرسى يصدر قرارًا جمهوريًّا بعودة مجلس الشعب لعقد جلساته.
- قرارات رئيس الجمهورية فى 9/8/2012.
- قرارات رئيس الجمهورية فى 12/8/2012.
- الرئيس محمد مرسى يصدر قرارًا بقانون إلغاء الحبس الاحتياطى فى جرائم النشر.
- الرئيس يعيّن 4 مساعدين و17 مستشارًا ضمن الفريق الرئاسى.
- الرئيس محمد مرسى يقرر نقل تبعية «الاستعلامات» للرئاسة.
- قرار رئيس الجمهورية بتعيين وزير الدفاع والإنتاج الحربى ووزير دولة للإنتاج الحربى.
- قرار رئيس الجمهورية بإلغاء الإعلان الدستورى المكمّل بتاريخ 12/8/2012.
- قرار الرئيس بتشكيل هيئة كبار علماء الأزهر بتاريخ 17/7/2012.
- قرار رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى بتشكيل حكومة الدكتور هشام قنديل الجديدة.
- خطاب تكليف بمهام الحكومة وأولوياتها.
- قرار الرئيس محمد مرسى تعيين المستشار محمود محمد مكى نائبا لرئيس الجمهورية.
- قرار رئيس الجمهورية تعيين المستشار عنانى عبد العزيز عنانى رئيسا لهيئة النيابة الإدارية بتاريخ 22/7/2012.
- قرار رئيس الجمهورية تعيين د.كمال الجنزورى مستشارا لرئيس الجمهورية.
- قرار رئيس جمهورية مصر العربية تعيين المحافظين.
- قرار بمنح العاملين بالدولة علاوة خاصة.
- قرار بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات بتاريخ 14/7/2012.
- قرار رئيس الجمهورية بتعيين محافظ الشرقية.
- قرار الرئيس بالتصديق على قانون معايير انتخاب «التأسيسية».
- قانون رقم 83 لسنة 2012 بتقرير حصة إضافية للمنطقة الحرة ببورسعيد لعام 2012.
- قرار رئيس الجمهورية بزيادة المعاشات العسكرية وتعديل بعض أحكام التقاعد.
- قرار الرئيس بتعيين المستشار صموئيل حبيب رئيسًا لهيئة النيابة الإدارية.
- قرار رئيس الجمهورية بإعلان الحداد العام على أرواح شهداء القوات المسلحة والشرطة بسيناء.
- قرار رئيس الجمهورية بإضافة فقرة جديدة إلى المادة الرابعة من قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
- قرار اعتبار رئيس مجلس الوزراء الوزير المختص بالرقابة المالية.
- 4 قرارات جمهورية لتكريم قادة حرب أكتوبر والقوات المسلحة بقلادة النيل ونجمة الشرف للسادات والفريق الشاذلى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.