بعض الأفلام يبدو من الخارج مبشّرًا بعمل جيد، فكرة جيدة ومجموعة عمل ملائمة، وتوقيت عرض ومشاهدة أكثر من ممتازة، إجازة عيد الفطر التى تجىء فى منتصف صيف لم يشهد سوى عرض عدد قليل من الأفلام فى وقت ضيق قبل شهر رمضان، لكن الطبيعة المبتذلة للسينما التجارية أصبحت تفرض قوانينها على العمل السينمائى بصورة تقتل أحيانًا الأفكار الجيدة والنوايا الطيبة. تشوّه الفيلم الكوميدى حتى أصبح السيناريو والإخراج مجرد عوامل مكملة ثانوية، مجرد ديكور وشكليّات لأن نجم الكوميديا يقوم بكل شىء، النجم يعتمد بالأساس على صُنع شخصية كاريكاتيرية مضحكة ذات لوك مختلف فى كل فيلم، يمكن تطبيق هذه القواعد على فيلم (تيتة رهيبة) الذى قام ببطولته محمد هنيدى، وإيمى سمير غانم، وسميحة أيوب، وباسم سمرة، وكتب له السيناريو يوسف معاطى، وأخرجه سامح عبد العزيز، يظهر هنيدى فى الفيلم بلوك يبدو فيه كما لو كان طفلًا فى جسد شخص ناضج، ألثغ فى نطق الراء، ويرتدى باروكة ذات شعر طويل، ونظارة، ويتحدث بصورة مثيرة للضحك تقترب من طريقة كلام الأطفال.
ما الحاجة إذن إلى قصة درامية وسيناريو وحوار إذا كان البطل مضحكًا حتى لو كان كلامه عن طريقة عمل صينية البطاطس فى الفرن؟ فى الحقيقة هناك فكرة فى الفيلم لم تُستغل للوصول إلى مضمون واضح، الجدة المتسلطة التى تسيطر على حياة البطل منذ طفولته حتى نزعت ثقته فى نفسه، لكن هذه الفكرة كانت مجرد إفيه طويل، أجادت تقديمه القديرة سميحة أيوب وكذلك هنيدى، ربما ميزة الفيلم هى الحضور القوى لسميحة أيوب العائدة إلى السينما بعد غياب طويل، لكن ذلك لا ينفى أن هذا الحضور أضاف إلى شخصية مكتوبة بسطحية لا العكس، أما هنيدى فقد فعل ما يفعله فى أغلب أفلامه، فهو لم يعد قادرًا على صنع عمل كوميدى إلا من خلال إطار كراكتر هزلى، وهو فى فيلمه «تيتة رهيبة» يعيد إنتاج كراكترات وأداء الشخصية الساذجة الشبيهة بتلك التى قدمها فى «عندليب الدقى» و«أمير البحار» و«يا انا يا خالتى» الشاب المهزوز ضعيف الشخصية الذى يتحدث بصوت طفولى مذعور. رؤوف ربّته جدته المتسلطة شديدة القسوة أنوار، يعانى آثار ترهيبها له منذ كان طفلًا، وحتى بعد أن سافرت لتقيم بألمانيا ظل أثر تربيتها السلبى على شخصيته، يحاول جده، الذى يقوم بدوره عبد الرحمن أبو زهرة، إعادة الثقة إليه.
الجدة هى الشخصية المحورية فى الفيلم، عودتها المفاجئة إلى مصر فى الوقت الذى يستعد فيه رؤوف للزواج من زميلته بالعمل إيمى سمير غانم تصنع عديدًا من المشكلات وتحوّل حياة الزوجين إلى جحيم، هذه العلاقة الثلاثية تمثل الصراع الرئيسى فى الجزء الثانى بالفيلم، وهو الجزء الأفضل والأكثر حيوية، والذى ينتهى بمشهد مميز هو مشهد الولادة فى السيارة المتوقفة أعلى الكوبرى وسط الزحام، وهو المشهد الذى يظهر فيه كل أبطال الفيلم تقريبًا، ويلفت النظر التشابه بين هذا المشهد ومشهد شبيه فى فيلم آخر هو فيلم «بابا» للمخرج على إدريس وبطولة أحد السقا، حيث تلد إحدى المدعوّات لحفل زفاف البطل طبيب النساء والولادة، ويتم إعداد المكان للولادة بصورة مرتجلة، وهو توارد مشاهد لا تفسير له لكنه غريب. الفيلم هو التعاون الثانى بين الثلاثى هنيدى والسيناريست يوسف معاطى والمخرج سامح عبد العزيز بعد مسلسل «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة»، وربما يكون الفيلم هو أفضل المعروض حاليا مقارنة بباقى أفلام العيد المتواضعة، ورغم أننا أمام حالة كوميدية غير مميزة، فإنها مقبولة مقارنة بالأعمال الأخرى، وغالبًا ستحقق رواجًا جماهيريًّا وإيرادات جيدة، هى أفضل المتاح فى سوق سينمائية مرتبكة ومتخبطة تصارع للبقاء مع أفكار وأداء مضمون، لكن بلا مضمون أو رسالة.
يقدم الفيلم عددًا من الشخصيات والمواقف الهامشية التى تحاول إثراء الكوميديا بالعمل، منها مشهد الجد البصباص مع خطيبة صديق رؤوف، وهو دور صغير للغاية تقدمه دوللى شاهين، ودور ضابط الشرطة الذى يقدمه خالد سرحان الذى يجتهد دائما فى إرضاء المواطن حتى لو أهمل القانون، وكذلك دور صديق البطل محمد فراج، لم يكن فى دور إيمى سمير غانم مساحة كبيرة لتضيف أى جديد إلى أدوارها السابقة، فهى زميلة البطل التى أحبها وتزوجها وفقط، أما شقيقها البلطجى الذى قام بدوره باسم سمرة، فقد كان لطيفًا، وأدّاه باسم بخفة ظل.